بعد غياب شبه تام للكهرباء والمحروقات في المناطق المحررة لأكثر من ستة أعوام، سعى المدنيون لتعويض هذا الانقطاع الذي سببه حصار نظام الأسد للمناطق الخارجة عن سيطرته، فما كان لهم إلا التوجه إلى إنتاج الطاقة البديلة، وما هي إلا شهور قليلة حتى لم يعد لهم حاجة بالكهرباء القادمة من مناطق النظام.
وشهدت محافظة درعا خلال الأعوام الماضية تطورا كبيرا في إنتاج الطاقة البديلة التي تعتمد على الشمس، وازدهارا في تجارة الألواح الشمسية، حيث انتشرت هذه الطاقة في كل مكان وأصبحت الأساس في بعض المناطق الحيوية كمستشفيات درعا البلد ونوى والجيزة وبصرى الشام، واستفادت من هذا الإنتاج عشرات الأفران والآبار، وأضواء الشوارع.
ويقول "سعيد الجهماني" إن لوحين من الطاقة شمسية، أمنت إنارة لمنزله، بالإضافة إلى الثلاجة والتلفاز والمروحة على مدار 24 ساعة، مشيرا إلى أن هذه القدرة قد تعجز عنها المولدات التي تعمل على المحروقات التي باتت غالية الثمن ووجودها يعد من النوادر.
وقال: "إن العملية تتم بعد وصل ألواح الطاقة (250 واط استطاعة كل لوح)، عبر أسلاك شعرية مخصصة للطاقة الشمسية إلى بطاريات سائل مفتوح استطاعة كل واحدة 150 أمبيراً، ومن ثم ربطهما برافع للجهد يقوم على تحويل الكهرباء من 12 فولتاً إلى 220 فولت، وهي الكهرباء النظامية التي تعمل عليها الأجهزة المنزلية".
"أحمد الزعيم" الذي يعمل في مستشفى "الجيزة" الميداني قال: "إن تشغيل المستشفيات بالطاقة البديلة حقن أرواح آلاف المدنيين الذين كانوا يضطرون من أجل العلاج الذهاب إلى مستشفيات دول الجوار لسوريا والكثير منهم كان يصل ميتا بسبب إصاباتهم البليغة الناتجة عن القصف المدفعي والجوي".
وأضاف أن المستشفى كان يحتاج لنحو خمسة آلاف ليتر من المازوت شهريا، أما اليوم تقوم الطاقة الشمسية بتغذية (73 ك ف ر) وتشغل أجزاء كبيرة من المستشفى في الصيف، أما في الشتاء فهي أقل بسبب قلة ظهور الشمس.
وأكد على أن الطاقة البديلة قادرة على تشغيل جميع أجهزة المستشفى بشكل متناوب باستثناء جهاز الطبقي المحوري الذي يحتاج إلى طاقة كهربائية لا تستطيع ألواح الطاقة الشمسية توليدها، مشيرا إلى أن هذا يحتاج الكثير من العمل والتطوير لتكون هذه الطاقة قادرة على تشغيل المشافي بشكل كامل.
المهندس الميكانيكي "أيمن الحوراني" قام بتصنيع مروحة لتوليد الطاقة الكهربائية اعتمادا على الرياح، وهي تكفي لحاجة منزل كامل من الكهرباء، كما قام باختراع مكيفات تعمل بقوة الهواء.
وقال "الحوراني" إن المروحة تعمل ليلا نهارا، صيفا شتاء، بطاقة تصل إلى 35 أمبير، وقد قمنا بتوزيع هذه المروحة على مناطق درعا والقنيطرة والسويداء، أما السبب الرئيسي الذي دفعني لاختراع هذه المروحة هو انعدام وجود المحروقات وغلاء ثمنها في حال وجدت".
وأشار "الحوراني" إلى الإقبال غير المسبوق على مصادر الطاقة الطبيعية، معتبرا أن هذه الاختراعات التي تخفف عن المدنيين من وطأة الحصار، ترقى لمستوى نيل الجوائز العالمية وبراءات الاختراع.
ويؤكد عضو مجلس محافظة درعا المهندس "إياد الزوباني" على أن الطاقة البديلة قادرة على تغطية 30% من الاحتياجات، مشددا على أن هذه الطاقة "لا يمكن أن تكون بديلة، كونها تحتاج إلى مساحات كبيرة من الأراضي لإنتاجها".
وأوضح "الزوباني" أنه "لا يمكن للطاقة البديلة أن تقوم بتشغيل الأجهزة والمحركات الكبيرة كالمشغلة لمحطات ضخ المياه التي تحتاج إلى استطاعة كبيرة، مشيرا إلى أن "الخطط المستقبلية تهدف إلى انتشار محطات توليد للكهرباء على الطاقة الشمسية باستطاعة (50 ميغا واط) كحد أدنى.
وقال لـ"زمان الوصل" بسبب "المعارك الكثيرة والتخريب المتعمد بالبنية التحتية بعموم سوريا الناتجة عن استهداف قوات الأسد لمراكز التحويل، ومراكز النقل، والشبكات الكهربائية، في المدن والقرى، أصبح من المتعذر القيام بعمليات الصيانة بالأدوات القليلة المتوفرة لذلك تم الاتجاه لطاقات البديلة عن الكهرباء.
وأضاف "الزوباني" أن الطاقة البديلة كمصدر للكهرباء منخفضة مقارنة بتكاليف الصيانة لمراكز التحويل والمحطات ومولدات الديزل كونها مكلفة من الناحية التشغيلية والمادية، مشيرا إلى أنها أصبحت بانتشار واسع في المناطق المحررة.
محمد الحمادي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية