لم تعد الحالة اللبنانية مغرية بالنقد فقد غرق جزء من اللبنانيين في الدم السوري حتى أعناقهم، ولم يعد من الحكمة القول بأن بعض اللبنانيين يدافعون عن أنفسهم بحماقة بعد أن ذاقوا مرارة الذل أثناء الوجود العسكري السوري على أراضيهم، ولم يعد مرضياً لكثير من السوريين الترويج للبنان المخطوف من قبل عصابة حاكمة متواطئة عليه وعلى السوريين.
بات واضحاً أن حالة لبنانية مغالية تسيطر على أغلبيتهم باستثناءات قليلة تكره السوريين، وتعتبرهم أهم أسباب تردي حياتهم الإجتماعية والاقتصادية، وأن عليهم أن يرحلوا فربما تتبدل أحوالهم نعمياً، ويعود لبنانهم لبنان الكرامة والشعب العنيد.
هذه الأغلبية تحاول جاهدة وعلى استحياء منذ سنوات مد لسان الكراهية ومن ثم يد الظلم وأخيراً وليس آخراً التشهير والشتائم، وما على السوريين سوى الاحتمال لأن ما ينتظرهم إن عادوا سيكون أفظع مما يعانون في بلد باتوا معزولين وملعونين على أراضيه.
ما فعلته قناة "الجديد" ليس جديداً، وقد حملت يافطات في شوارع لبنان ما هو أكثر، من فرض حظر التجوال إلى طرد العاملين من بيوتهم، وعدم تأجيرهم غرفة بأسعار خيالية، وانتهاء بضرب الأطفال، وانتظار المرضى للموت على أبواب المشافي اللبنانية.
اليوم في أحد شوارع بيروت علقت يافطة كتب عليها: (سيأتي يوم نقول فيه للسوري: اجمع أغراضك وكل ما سرقته وارحل)..هكذا بكل وقاحة يتهم السوري بالسرقة، ومع أمنية برحيله عن بلاد المزابل والأرز.
لم يعد حزب الله وحده من يمتهن السوريين، وهو الضالع في الدم والخطف والابتزاز والتهديد، ولكن حلفاءه في الحكومة يكررون كل يوم- وعلى كل منابرهم الداخلية وفي المنظمات الدولية- رغبتهم في خروج السوريين من أراضيهم، وأن لبنان بات ينوء بحملهم، وأنهم مصدر الارهاب والجريمة ونشر الدعارة في بلد الإيمان والسلام.
أما القلة المتعاطفة مع السوريين فهي إما مضطهدة ومقهورة مثلهم، أو صامتة لا تجرؤ على البوح، فقد غدا لبنان الحر، وبلد الحريات فسحة كبيرة للقمع والقتل، ويداً إيرانية آثمة، وقبضة أمنية لنظام الأسد، والمهجّرون السوريون لديه رهائن وأسرى، رهائن لصالح نظام الأسد، وأسرى للتلويح بهم في وجه الداعمين وابتزازهم مالياً وسياسياً.
اليوم الدعاة -لقتل وتهجير السوريين- ملونون لم يعودوا فقط على مذهب واحد...يافطة اليوم فيها تحمل صورة "بشير الجميّل"، وربما تكون العبارة التي حملتها إحدى مقولاته، ولكن لماذا كل هذا الحقد على مظلومي سوريا، والذين يدفعون نفس الثمن بل أكبر مما دفعه هؤلاء على يد نفس القاتل.
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية