تفرض إسرائيل رقابة شديدة على تدفق المعلومات والتغطية الإعلامية حول هجومها على غزة بدرجة سجلت تصعيدا مقارنة بحرب يوليو 2006.
وذكرت تقارير إخبارية الخميس 8-1-2009 أن إسرائيل أطلقت خطا ساخنا للإبلاغ عن أي ضباط نظاميين، أو سياسيين يشك في إفشائهم "أسرار الدولة".
كما تمارس حظرا صارما على تحركات الصحافة المحلية والعالمية في تغطيتها للحملة العسكرية. وعلى الجانب الفلسطيني، تحظر حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على الصحفيين الدخول إلى مناطق الاشتباكات مع الجنود الإسرائيليين.
وفي إسرائيل، عند الاتصال بالخط الساخن المذكور، يرد على الرقم، الذي أعلن عنه في الإذاعة، موظف من إدارة أمن الميدان بوزارة الدفاع لتلقي أي بلاغات.
وفضلا عن الضغوط التي يجسدها إيجاد تلك الآلية، فإن الإجراءات الإسرائيلة الصارمة إجمالا على حملة غزة العسكرية تعد دليلا على التغيرات التي حدثت في الجيش الإسرائيلي منذ الحرب على لبنان قبل 3 أعوام، والتي ألقي لوم الفشل فيها على تسريبات وسائل الإعلام من ميادين القتال.
وقال متحدث عسكري، الكابتن بنيامين روتلاند، "بالنسبة إلى أمن المعلومات فقد تعلمنا بكل تأكيد دروس الحرب الماضية". |
|
اعتقال صحفيين وفي سياق الرقابة الصارمة المفروضة على الصحافتين المحلية والعالمية في غزة منذ قرابة أسبوعين، صودرت الهواتف المحمولة من الجنود لمنعهم من إرسال رسائل نصية قصيرة عن خسائر المعركة أو المعلومات المتصلة بنشر القوات التي تقاتل نشطاء حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية.
ويكشر الرقباء العسكريون، الذين يتحاشون عادة التدخل في التغطية الاخبارية الروتينية، عن أنيابهم الآن. وفي هذا الصدد، ألقي القبض على صحفيين إسرائيليين للاشتباه في إمدادهما محطة تلفزيون ايرانية بتفاصيل عن الاجتياح البري لغزة لم يكن مسموحا بنشرها.
وقال مراسل القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي ألون بن ديفيد إن الجيش حول نفسه إلى "خندق للإعلام" منذ حرب 2006.
وبينما تغطي عدة وكالات توجد بصورة دائمة في غزة أخبار الصراع، تم منع صحفيين أجانب يرغبون في الانضمام إليهم من عبور الحدود مع إسرائيل. وتتذرع إسرائيل بالمخاوف الأمنية في مسألة إغلاق الحدود. |
|
أوضاع متناقضة مع حرب يوليو ويتباين هذا مع الوضع الذي كان قائما خلال المعارك بين القوات الإسرائيلية ومقاتلي حزب الله الشيعي في جنوب لبنان.
وقال مصور إسرائيلي جالس في مقهى في كيبوتز ياد مردخاي "تغير كل شيء بسبب لبنان".
وكان في وسع الجنود العائدين من الجبهة خلال الحرب في لبنان التحدث بحرية إلى الصحافيين وقد تمكن المصورون من التقاط صور جريئة للنزاع. أما اليوم, فلا يحق للجنود التحدث إلى الصحافيين فيما يبقى المصابون بعيدا عن وسائل الإعلام.
وقال مصور فرنسي "إن الجيش الإسرائيلي بحاجة لتغيير صورته بعدما دمرت بشكل تام خلال الحرب في لبنان حيث التقطت صور لجنود ممددين أرضا ينزفون. لم يعد من الممكن عرض مثل هذه المشاهد".
وأقرت المتحدثة باسم الجيش افيتال ليبوفيتش بأن التجربة اللبنانية حملت الجيش على اعتماد استراتيجية جديدة.
وقالت "في لبنان كان الصحافيون في كل مكان إلى جانب قواتنا. أحيانا كان الصحافيون يبثون تغطيتهم على خلفية مشاهد لجنود يستعدون لدخول قرى لبنانية. هذا يطرح مشكلات أمنية وقد يؤدي إلى مقتل جنود. لا يمكننا أن نكشف عملياتنا بشكل علني". |
|
إسرائيل تعيد توجيه التغطيات الإعلامية ويشتبه بعض الصحفيين في أن السلطات الإسرائيلية تتعمد تحويل الاهتمام العالمي إلى البلدات الحدودية القريبة التي تعاني من قصف الصواريخ الفلسطينية.
وقال كوني موس، وهو مراسل من تلفزيون هولندي، "إنني مقتنع تماما - وبعض الأشخاص على الجانب الإسرائيلي أيضا - أنهم يريدون أن يظهر الصحفيون مأساة المواطنين الإسرائيليين الذين يعيشون بالقرب من غزة، ويمنعوننا من إظهار مأساة سكان غزة. إنه أمر مؤكد وواضح وحقيقي".
ورغم صدور قرار عن المحكمة العليا أمر بالسماح لمراسلين أجانب بدخول قطاع غزة, قررت الدولة العبرية الإبقاء على حظرها.
ومع طلوع فجر جديد على العملية الإسرائيلية ضد قطاع غزة, يناور صحفيون على الحدود من أجل الدخول إلى قطاع غزة. وتغادر سيارات جيب ملطخة بالوحل الطريق الرئيسية لتعبر أراضي وعرة بحثا عن تحركات جنود يمكن تصويرها.
وبعد السير لمسافة, يتوقف بعض المصورين على مقربة من مدفعين إسرائيليين في انتظار اللحظة التي ستطلق فيها النار على غزة.
والصحافيون الذين ترصدهم الشرطة العسكرية الإسرائيلية المنتشرة بكثافة في المنطقة يتم اعتقالهم وتصادر منهم آلات التصوير, وقد يتم إتلاف صور البعض, ويقول البعض الآخر إن عناصر الشرطة يرفعون السلاح في وجوههم.
وقال مصور طلب عدم كشف اسمه "إنها لعبة القط والفأر. الشرطة العسكرية في كل مكان, ومن المستحيل العمل في وضع كهذا".
وتنفي وزارة الخارجية الإسرائيلية أي سعي متعمد لمنع دخول الصحافيين. وقال المتحدث يغال بالمور "ثمة قصف على المعابر. حماس تقصف هذه الممرات والجيش لا يريد تحمل مسؤولية مخاطر يتكبدها مدنيون". |
|
|
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية