أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

مخيم اليرموك.. هي هجرة.. ناصر علي*

مخيم اليرموك - أرشيف

بين قصف وتهدئة مؤقتة يسير مخيم اليرموك نحو توافق لا بدّ منه يفضي إلى أمرين تهجير من عاشوا ظروف الحصار والجوع، وإدخال أولئك الذين ساهموا في خنقه وقتل أبنائه قنصاً واعتقالاً من دوار البطيخة حتى آخر شبر من دماره.

لن ينجو المخيم من مصير محيطه السوري، وسيدفع ثمن عناده ووقوف شبابه مع الثورة، وهم من ماتوا قتلاً وتعذيباً وغيبت السجون المئات منهم ممن لا يُعرف مصيرهم حتى الآن، ومن أجل هذا سلّط النظام على من بقي داخله كل أصناف التنكيل، وساعدته على ذلك قوى الظلام السوداء التي قطعّت الأيادي والرؤوس تحت شعارات الدين والفضيلة ليعيش اليرموك حصارين كبيرين قاتلين.

النظام ومنذ أيام يصب حممه ويركز قصفه على اليرموك للوصول إلى تسوية يرعاها الروس كالعادة تحت مسميات المصالحة، وبالتالي سيتم تفريغه من أهله، وهؤلاء فلسطينيون وسوريون قاوموا ليبقوا في بيوتهم، ومهجّرون من مناطق جنوب دمشق قذفت بهم قذائف الأسد للعيش وسط المخيم المحاصر كبديل عن دمار ممتلكاتهم، ولكنهم جميعاً اليوم مطالبون بالخروج إلى المجهول.
بيت سحم ويلدا وببيلا مدن صغيرة محيطة بالمخيم بالإضافة إلى الحجر الأسود الذي يقع تحت سيطرة تنظيم "الدولة" هي آخر مناطق جنوب العاصمة خارج سيطرة النظام وهي في الطريق لتسويات تأخذ بأهل هذه المناطق إلى شتات جديد يرشح أن البادية هي المنتهى.

أما حال الذين يشاركون الأسد انتصاره من فلسطينيّ سورية فهم يجاهرون بأفراحهم على اعتبار أنهم جزء من جدار الممانعة، وساهموا بقتل السوريين في أماكن مختلفة في حلب وريفها، وريفي دمشق الغربي والشرقي، وكذلك في الجنوب حيث تتمركز بعض قوات جيش (التحرير) الفلسطيني.

قوات رجل المخابرات أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية دخلت سريعاً في حربها ضد الفلسطينيين والسوريين في مخيمي فلسطين واليرموك، واعتبرت كل من يناهض الأسد عميلاً وخائناً، وأن الأولوية ليست لما تأسست لأجله هذه الفصائل وهو تحرير فلسطين، وإنما لمواجهة المشروع الإرهابي التكفيري كما يسمونه، وإن صبت هذه الممانعة لمصلحة إيران وتدمير سورية.

فيلق القدس الذي أسس بتمويل إيراني حمل شعار قضية المسلمين والعرب والفلسطينيين الأولى لقتل السوريين تحت رايات إيرانية فاضحة، وساهم في المذبحة السورية ليحمّل بعض الفلسطينيين وزر الدم، ويزيد من الشرخ الذي تعاظم مع سنوات القتل التي تصل الآن إلى أعناق أبناء المخيم.

ما ينتظر المخيم وبلدات الجنوب الدمشقي متروك لبازارات الروس والنظام بعد أن وقف الداعم والمنتصر لفكرة الثورة موقف العاجز والمتفرج، وأما الوجهة ففي يد القاتل كي يوزع خصومه كما يشاء، وكما يسهل ذبحهم وتشريد مرات أخرى.

سكان المخيم من فلسطينيين وسوريين من أبناء الجولان والمحيط المنهك يعاد تهجيرهم من جديد في نكبات ونكسات ليست اسرائيل هذه المرة من تفعلها كالعادة إنما عملاؤها في الداخل.

*من كتاب "زمان الوصل"
(209)    هل أعجبتك المقالة (215)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي