كانت "براءة" لا تزال جنيناً في بطن أمها قبل أكثر من سبع سنوات عندما اعتقل والدها "عبد الناصر الزهوري" ولم تره أو تتعرف إليه إلا عبر صورة معلقة على جدار داخل منزلها، وحكايات في سر أمها كانت تقصها على طفلتها الوحيدة وهي تهدهدها على وسادة الأحلام عن والدها المعتقل ليس لذنب سوى لكونه ابن عائلة ثارت على النظام منذ بدايات الثورة وقدمت العشرات من أبنائها ما بين شهيد ومعتقل.
وظل "عبد الناصر" الابن الوحيد الباقي على قيد الحياة لوالدته الثمانينية "مزنة الزهوري" التي لقبها الناشطون بـ"خنساء القصير" بعد أن فقدت أربعة من أبنائها وزوجها جرّاء الحرب، وجمع القدر المعتقل السابق بعائلته الصغيرة في ريف إدلب المحررة، فيما لا تزال والدته وشقيقاته المتبقيات من أبناء العائلة لاجئات في لبنان.
ينحدر "عبد الناصر أصلان الزهوري" من مدينة "القصير" غرب جنوب حمص وكان يعمل موظفاً في معمل ألبان حمص قبل أن يتم اعتقاله تعسفياً إبان المظاهرات السلمية نهاية العام 2011.
وروى قريب للمفرج عنه -رفض الإفصاح عن اسمه- لـ"زمان الوصل" أن المعتقل السابق أخذ زوجته التي كانت حاملاً إلى أهلها في مدينة "الميادين" بعد اشتداد القصف على "القصير" وأثناء عودته إلى مدينته اعتقله أحد حواجز النظام، ولفقوا له تحت التعذيب تهمة الإرهاب وحمل السلاح لأنه من عائلة ثائرة وابن عم الناشط والمصور الشهيد "طراد الزهوري"، علماً أنه كان مريضاً بالعينين، وأدى الخدمة الإلزامية كخدمات ثابتة لضعف بصره.
وأضاف محدثنا أن "عبد الناصر" ظل موقوفاً رهن محكمة عسكرية لمدة 7 سنوات تقريباً، ولم يُفرج عنه إلا بعد دفع مبلغ طائل وصل 10 آلاف دولار جُمع بصعوبة وعلى مدار ثلاث سنوات من أعمامه وعماته اللاجئين.
وروى "مارشال" أن والد عبد الناصر "محمد أصلان الزهوري" البالغ من العمر 75 عاماً "استشهد" أثناء وجوده في "القصير" بقصف على منزله، وبعد شهر "استشهد" أخوه الأصغر "ماهر"، وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة بقصف هاون على مشفى "القصير"، ولحق به بعد شهر أخوه مالك، ومن بعده أخوه الأوسط "غيث" ومن ثم اعتقل النظام أخاه الأكبر "أصلان" وكان ضابطاً مسرحاً ويعمل في معامل "حسياء".
وكشف محدثنا أن العقيد "أحمد المعلم" قريب وزير خارجية النظام وليد المعلم أنزل "أصلان الزهوري" على حاجز "الدمينة" أثناء عودته من عمله، وقام بربطه لمدة ثلاث أيام دون طعام أو شراب في أحد أيام رمضان مع التعذيب الشديد ثم أمر العناصر بقتله ورميه في البراري المحيطة بـ"القصير"، كما روى أحد العناصر المنشقة عن الحاجز، وتلقى "عبد الناصر الزهوري" كل تلك الأخبار المؤلمة وهو داخل سجنه ولم ير والده وإخوته، ولم يحضر دفنهم.
وتابع محدثنا أن المعتقل السابق "تمكن بعد ثلاث سنوات وبعد احتلال القصير من قبل المليشيات الشيعية من التكلم مع والدته التي كانت تنتظر خروجه لتحافظ على من تبقى من أولادها غير أنه لم ير الحرية إلا بعد أكثر من أربع سنوات تالية".
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية