تداول ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"يوتيوب" منذ أيام مقطع فيديو يحوي قصيدة لشاعر سوري يهجو فيها أحد زعماء العشائر السورية إثر مطالبته بالحصول على الجنسية التركية من الرئيس "رجب طيب أردوغان" في مدينة "أورفا".
وطالب أحد مشايخ قبيلة سورية بالحصول على الجنسية التركية "وطن داش" في 25 شباط فبراير الماضي، الأمر الذي لقي سخرية وإدانة الكثيرين ممن وجدوا في هذا الطلب مصلحة شخصية ضيقة وتقزيماً لمعاناة السوريين واللاجئين منهم بشكل خاص في تركيا من شخص يُفترض أن يشكل ممثلاً لمكون أساسي وهام من مكونات الشعب السوري، ما دفع الشاعر والفنان التشكيلي الفراتي "أحمد ظاهر" لكتابة قصيدة هجاء بعنوان "وطن داش" حظيت بمئات الألوف من المتابعات والمشاهدات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتنتمي القصيدة -كما يقول- مؤلفها لـ"زمان الوصل" إلى شعر المناسبات، مضيفاً أن فكرتها جاءت بعد أن رأى الفيديو الذي يظهر فيه بعض من يدعون تمثيل مجلس عشائري في تركيا وهم يقابلون الرئيس أردوغان في تركيا ويطلب أحدهم منه طلباً شخصياً بمنحه الجنسية التركية التي يُطلق عليها باللغة التركية "وطن داش" دون ذكر لأي أمر آخر يخص الثورة أو اللاجئين والمهجرين أو قضايا تهم الناس، وأردف الشاعر الفراتي أن ما أثارغضبه وحفيظته ليس طلب الشخص ذاته، فمن حق أي سوري لاجئ طلب الجنسية أو الإقامة، وفق القوانين في بلدان اللجوء، ولكن ما أغضبه -حسب قوله- أن الشخص الذي طلب الجنسية يدعي تمثيل فئة من الناس وهم العشائر بدل نقل معاناة السوريين في تركيا.
ولفت "ظاهر" إلى أنه ليس من عادته كتابة شعر الهجاء، ولكن ما حصل أجبره على ذلك، وفوجئ -كما يقول- أن القصيدة أخذت صدى كبيراً في سوريا وبلدان اللجوء والمغتربات ونالت لدى وضعها في فيديو كماً هائلاً من المشاهدات والمشاركات، وكأنها فجّرت في صدور الناس شيئاً مكبوتاً، مشيراً إلى أن قصيدته ليست موجهة لعشيرة ما، لأنه ابن قبيلة ويفتخر بالانتماء لعشائرنا الأصيلة، بل موجهة للشخص ذاته الذي يمثل نفسه وأمثاله ممن يميلون حيث تميل الريح.
وتنحو القصيدة منحى العامية الفراتية (لهجة أهل الرقة تحديداً) وحاول ظاهر -كما يوضح- أن تكون أقرب إلى اللهجة المفهومة، لأن اللهجة الرقاوية تحمل شيئاً من الصعوبة والتعقيد في ألفاظها، ويُطلق على هذا اللون المندثر من الشعر الشعبي تسمية "شعر الجيل" الذي يختص بالهجاء وانتقاد ظواهر اجتماعية أو توثيق حدث معين بأسلوب كوميدي.
وكشف محدثنا أن قصيدته "وطن داش" قوبلت بردات فعل من قبل بعض الناس المحسوبين على الثورة للأسف الذين يرتفع لديهم "الأدرينالين العشائري" في لحظة معينة فينسى الثورة، ويركز على موضوع سخيف، وليس من دافع في ذلك -حسب قوله- إلا نصرة فلان ما من العشيرة.
وأشار الشاعر الفراتي إلى أن له تجارب كثيرة في شعر الجيل ولذلك يحاول أن يكون مجدداً في القصيدة الشعبية، موضحاً أنه اعتاد على كتابة الشعر الفصيح أي شعر التفعيلة العمودي، ولديه ديوان فصيح قيد الطباعة سيصدر قريباً بعنوان "غزالة الماء" وتدور قصائده الفصيحة -كما يقول- حول الهم الوطني والثوري والإنساني والوجداني ويندرج أكثر في خانة "الشعر الملتزم" الذي يلامس قضايا الوطن والثورة والإنسان.
و"أحمد ظاهر" محام سوري من مدينة الرقة مواليد 1967 وكان الشعر–كما يروي- جانباً من جوانب المواهب التي منحه الله إياها، مضيفاً أنه عاش جو المعارضة للنظام داخل منزل العائلة منذ باكورة حياته، مما خلق لديه تفتحاً سياسياً مبكراً وجعله يبتعد عن الفعاليات الثقافية في المدينة قبل سنوات الحرب لكون منابر الثقافة في سوريا كانت قبل الثورة– كما يقول- تعبر عن حالات التطبيل والتزمير للنظام مع استثناءات لها كل الاحترام، وظل ما يكتبه حبيس في نطاقه الضيق من المعارف والأصدقاء إلى أن هبت رياح الثورة، فأخرج ما كتبه.
ولفت محدثنا إلى أنه يدين للثورة السورية بمنحه الهامش الديموقراطي الذي تمكن من خلاله من التعبير عن نفسه كما فعل الكثير من المبدعين في الثورة، وبعد خروجه إلى تركيا مارس الشاعر ظاهر نشاطاً ثقافياً كبيراً، وكان من مؤسسي "منتدى حران الأدبي" الذي يشارك فيه عدد من دكاترة الجامعات في البلدان العربية، كما شارك بالعديد من الأمسيات الثقافية على منابر الثقافة في تركيا وفي مدرج جامعة "حران"، ويكتب المقالة والنص الأدبي في العديد من المطبوعات الورقية والمواقع الثورية السورية، ويعد الآن بالتوازي مع ذلك لإقامة معرضه التشكيلي الأول في العاصمة اليونانية "أثنينا".
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية