أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"دفضع" من ظلال الشيوعية و"الفنون الجميلة" إلى "معهد الفتح الإسلامي".. فما الخبر؟ (الجزء الثاني)

أعلن "دفضع" صراحة أنه قام بأكثر من محاولة لجر الناس إلى المصالحة مع النظام

قفز اسم "بسام دفضع" إلى الواجهة بشكل لافت، بالتزامن مع بدء اجتياح الغوطة الأكبر أواخر شباط/فبراير 2018؛ ليتضح بعد فترة قصيرة أن هذا "الشيخ" الذي عاش سنوات في كنف "مناطق المعارضة"، قد لعب دورا غير هين في إسقاط الغوطة بيد النظام، ما دفع البعض لتشبيهه بـ"ابن العلقمي" المتهم الرئيس بالتآمر مع "هولاكو"، وهو ما نجم عنه إنهاء عصر الخلافة العباسية في بغداد وتدمير المدينة واستباحتها بشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ.

*استدارة
بغض النظر عن مدى دقة تشبيه "دفضع" بـ"ابن العلقمي" شخصا ودورا، فإن الثابت لدينا أن بسام دفضع ولد سنة 1954 في بلدة "كفر بطنا" بغوطة دمشق، لأب يدعى "محمد"، وقد تدرج "دفضع" في دراسته حتى أنهى التعليم الثانوي والتحق بكلية "الفنون الجملية" في دمشق، وهي الكلية التي كان فئة من السوريين يحجمون عن إلحاق أبنائهم بها، لاعتبارات عدة منها ما يرتبط باعتقاداتهم حول الرسم والنحت، ومنها ما يتعلق بصورة ومستقبل خريج هذه الاختصاص الذي لايكاد يطعم خبزا وفق نظرتهم، علاوة على ما يحيط بتلك الكلية -في أذهان الناس- من صور وروايات يتربع "الموديل العاري" على سطحها.

ولسبب أو لأسباب لاتزال خفية، انتقل "دفضع" من النقيض إلى النقيض، ودار بمقدار يوازي 180 درجة، فالتحق بعد "الفنون الجملية" بمعهد "الفتح الإسلامي"، وهناك شاعت قصته بين شيوخ المعهد ومدرسيه وحتى طلابه بوصفه "مهتديا" تخلى عن الشيوعية وأفكارها والتحق بالمعهد؛ ليتخرج بعد ذلك ويصبح مدرسا شرعيا ثم شيخاً وخطيبا "مفوها" في مساجد دمشق وما حولها، حتى إن هناك من يقول إن "مامون رحمة" الذي نصب خطيبا لأعرق جوامع الشام (الجامع الأموي) ما هو إلا تلميذ من تلاميذ "دفضع"، علما أن "رحمة" أيضا من مواليد كفر بطنا، وهو يصغر "دفضع" بنحو 20 عاما.

وفي ربيع 2007، أعلن "ضفدع" وبشكل باغت فئة من "شيوخه" و"طلابه".. أعلن ترشحه تحت اسم "الشيخ المهندس" إلى مجلس الشعب، وقاتل للوصول إليه بأسنانه، حتى إنه نشر بيانا انتخابيا احتل نصف صفحة من إحدى جرائد النظام الرسمية، وهي مساحة يعلم العارفون بخفايا الإعلام الرسمي أنها لا تحتاج فقط إلى ميزانية كبيرة بل تحتاج -وهو الأهم- إلى توجيهات "عليا"، وواسطة "ثقيلة" حتى تأخذ إذنا بالنشر.

وقد استدعى ترشح "الأستاذ الشيخ" حسب تعبير مريديه.. استدعى من هؤلاء المريدين حينها تداول رسائل تحض على المشاركة في التصويت بانتخابات مجلس الشعب، بوصفها "دليل وعي" وباباً من أبواب "التعاون على الخير"، واحتوت تلك الرسائل –حسب معلوماتنا الأكيدة- على توصية واضحة بالتصويت لـ"دفضع" ولشيخ آخر يدعى "م.د" (نحتفظ باسمه كاملا)، لكن "الشيخين" المرشحين رسبا ولم يصلا إلى المجلس.

وبعد نشوب الثورة السورية، وفي ظل حمى انتشار مقاطع الانشقاقات، الحقيقية والمفبركة، عمد البعض لتمرير شريط قصير يزعم فيه أن "الشيخ بسام دفضع" يعلن فيه انشقاقه، رغم أن مضمون الشريط لم يفصح عن ذلك أبدا، حيث لم ترد فيه كلمة "انشقاق" مطلقا على لسان "دفضع"، بل وردت على لسان من صور الشريط ونشره للملأ.

*إنه صوتي
تتقاطع آراء كثير ممن عايشوا أحداث الغوطة، ولاسيما في بلدة "كفر بطنا" حيث ولد "دفضع" وعاش.. تتقاطع على أن هذا الرجل لم يكن مع الثورة طرفة عين، بل إنه كان مجاهرا بمعاداتها وولائه للنظام، ولكن رجحان الكفة لصالح الثوار جعله ينزوي، و"يكمن" كما تكمن لخلية الخبيثة حتى يحين موعد ظهورها في شكل ورم سرطاني مميت.

ولم يكن "دفضع" وحيدا في مسلكه هذا، بل كان يوافقه عليه جمع من رفاقه ومريديه ممن ينتهجون نفس "الطريقة" ويحملون نفس الأفكار، ومنهما "أحمد سعدية" و"عبدالخالق وهبة" اللذين تكفلا يوم 11 آذار/مارس بقيادة مظاهرة موالية للنظام في "كفر بطنا"، كان شعارها الأبرز "ما عاد بدنا حرية"، كناية عن الرفض المطلق للثورة والولاء الكامل للطغيان، وإثر ذلك توجهت قوة من إحدى الفصائل واعتقلت "سعدية" "وعبدالخالق" (ما يزال مصيرهما مجهولا)، لكنها لم تعتقل زعيمهما "دفضع"، بذريعة أن النساء والأهالي تجمعوا في المنطقة ومنعوا القبض عليه.

ويؤكد الناشط المعروف "أبو ماهر صالح" أنه كان على تواصل مباشر مع "دفضع" خلال حملة اجتياح الغوطة، وأنه سمع بأذنيه مقطعا لـ"دفضع" يبشر فيه ضباط النظام بأن علم نظامهم قد رفع في "كفربطنا" داعيا: "إن شاء الله عقبال باقي البلدات.. ومبروك".
لكن "أبو ماهر" لم يصدق ما سمعه، وذهب إلى "دفضع" ليستفهم منه، فاعترف الأخير بكل جرأة ووضوح أن الصوت صوته، وأنه أرسل "البشرى" أول مرة مكتوبة عبر الجوال، لكن ضباط النظام ألحوا عليه أن يعيد إرسالها مسجلة بصوته، وهكذا فعل، ليسرب النظام بعد ذلك هذا التسجيل.

ووفقا لرواية "أبو ماهر" فقد أقر "دفضع" بتواصله مع النظام، بل مع بشار الأسد، وعندما أخبره "أبو ماهر" أن بشار ليس سوى دمية في يد الإيرانيين، ردّ "دفضع" قائلا إنه يعلم بهذا الأمر ولكنه يتواصل مع بشار لأجل منع استيلاء إيران على الغوطة، ومن أجل "حقن الدماء".
وقد بات من المتفق عليه أن وضع "دفضع" كان تحت مجهر الفصائل والهيئات صاحبة القرار في الغوطة، ولكنهم لم يقوموا بأي حركة جدية تجاهه ولا تجاه أتباعه ومريديه إلى أن بلغ السيل الزبى، وحتى عندما سقطت البلدات واحدة تلو الأخرى وبدأ انكشاف عملاء النظام أفرادا وجماعات، بقي لدى "دفضع" حصانة منعت مس شعرة منه طوال هذه السنوات، لسبب غير مفهوم، رغم أن الفصائل تقاتلت بين بعضها مرارا وقتلت من بعضها الكثير، ورغم أن قائد "فيلق الرحمن"، عبدالناصر شمير، توعد خلال الحملة وبكل وضوح بملاحقة المروجين للمصالحة ومحاسبتهم دون هوادة.

*حصن حصين
ولم يكن موقف "دفضع" ليسبب أذى للفصائل مجتمعة وحدها، بل إنه كان مصدر خطر على عناصرها الصادقين ممن خرجوا لمحاربة الظلم والطغيان دون التفات إلى أي أجندات عائلية أو مناطقية أو مالية أو..، وعلى ذلك فقد كان مطلب هؤلاء واضحا في التخلص من "دفضع"، ولكن الأخير بقي في مأمن وحصن حصين.

هذا "الحصن" يرجعه البعض إلى حرص قيادات الفصائل –بعضها أو كلها- على استبقاء "دفضع" ليكون وسيطا ينقل الرسائل بين الفصائل والنظام إذا ساءت الحال، ومن هنا كان قرار الإبقاء عليه حازما، لاستخدامه كقناة خلفية عندما تدعو الحاجة.

وبغض النظر عن منطقية هذا التبرير أو تهافته، فإن النتيجة التي أظهرتها الأحداث الأخيرة في الغوطة أن "دفضع" كان يمارس دورا رسم له بعناية، ليس من المنطق تهوينه والاستخفاف به، ولا تهويله وجعله مدار سقوط المنطقة بأكلمها.

فنموذج "دفضع" يحيلنا إلى خطط النظام القديمة المتجددة، القاضية بتعيين عملاء مكشوفين وآخرين مستترين أو نصف مستترين، ليعمل على خطيهما بالتوازي، ففي حين كان "مأمون رحمة" يمثل الخط الأول، يرتع في حضن النظام ويسبح بحمده ليل نهار، معلنا ولاءه قلبا وقالبا، كان "دفضع" وأمثاله يجسدون الخط الثاني؛ الذي ساهم في إسقاط "سيناريو حلب" على الغوطة، فتم نخر المنطقة من الداخل بالتزامن مع اجتياحها من الخارج.

ولأن "دفضع" يتحرك (يُحرك بالأحرى) بشكل مدروس ومخطط، فإنه لم يتكل فقط على مريديه ومناصريه، بل عمد إلى جمع أكبر عدد من الناس حوله مستغلا سخطهم من القصف المكثف، ويأسهم من الأوضاع التي استحالت موتا وجوعا كارثيا، ونزوحا مستمرا من نفق إلى نفق، ومن ملجأ إلى آخر.

وتحت ستار "الإنقاذ" نشط "دفضع" فوسع دائرة تواصله مع البائسين اليائيسن، ودعاهم لتسجيل أسمائهم في لوائح "المصالحة"، وقطع لهم الوعود المؤكدة، إلى درجة أنه حث أهالي بلدته "كفربطنا" في أحد الأيام (16 آذار 2018)، للخروج من الأقبية، وممارسة حياتهم بدون خوف من طيران أو غيره، وعندما خرج الناس فرحين بـ"الفرج" بعد ليال وأيام كئيبة تحت الأرض، جاءهم الطيران الروسي فأغار على المكان الأكثر اكتظاظا (سوق كفر بطنا) فقتل نحو 70شخصا تفحمت جثث الكثير منهم، وأصيب عشرات آخرين، استدعت إصابة بعضهم البتر، وهكذا أضاف "دفضع" إلى سجله جريمة أخرى لاتغتفر لهولها، لكنها بقيت تفصيلا على هامش جريمة العمالة، التي رأى أن لا مفر من المجاهرة والتفاخر بها، لاسيما من يوم أن سرب النظام مقطعه الصوتي، مرسلا له رسالة واضحة تقول: رقبتك في يدي.

وبناء عليه، لم يتردد "دفضع" أو يشعر بأدنى خجل وهو يظهر على قناة "العالم" الإيرانية مع "حسين مرتضى" ليزعم أن عموم أهل الغوطة لم يتخلوا عن ولائهم للنظام، وأنهم كانوا يرغبون بالعودة إلى حضنه، مستدلا على مزاعمه بما قال إنها مظاهرات "خرجت بالآلاف" في الغوطة، ولافتا إلى أنه هدد بالقتل لأنه روج للعودة إلى مع النظام.

*قمت بواجب صغير
رسخ "دفضع" صورته كعميل في ظهور آخر عبر مقطع يوجه فيه رسالة مباشرة إلى بشار، قائلا: "سيدي الرئيس الكبير المناضل بشار الأسد، لكم الفضل في بناء الوطن والدفاع عنه... كنا نتوقع أن النصر سيكون حليفكم وأنكم على الحق، كنا نعرف أنكم على الحق وأن النصر سيكون حليفكم، وقد حصل، نعتز ونفتخر بهذا النصر".

وتابع: "مثلكم يا سيدي يكون درعا للأمة وحصنا لها وقائدا ومرشدا وموجها وحاميا، نشكركم من كل قلوبنا كما نحبكم من كل قلوبنا.. على الرغم من عظم الفتنة لم تتغير محبتكم في قلوبنا بل زادت.. أنا ما قمت إلا بواجب صغير علي أن أقوم به وما قمتم به أنتم ياسيدي شيء كبير يليق بمقامكم، حماكم الله وحفظكم وزادكم من فضله وأدامكم ذخرا لهذه الأمة وذخرا للوطن".

ولاحقا أفرد إعلام النظام المرئي نحو 35 دقيقة كاملة ليجري مقابلة خاصة مع "دفضع" دون أن يشاركه فيها أحد، ومما قال في تلك المقابلة إن "الأحداث مؤامرة وتحريض خارجي" ضد بلد كانت حسب رأيه تتمتع بالتطور والحضارة.

وأعلن "دفضع" صراحة أنه قام بأكثر من محاولة لجر الناس إلى المصالحة مع النظام، لكن جهوده كانت تعرقل، مقرا أنه وأتباعه سحبوا السلاح في وجه من كانوا يرفضون دعواته، ومضخما أمر المظاهرات التي خرج فيها أتباعه تأييدا للنظام أثناء الاجتياح، حيث قال إن "الآلاف" شاركوا فيها وأنها جوبهت بالرصاص ما أدى إلى سقوط "شهداء وجرحي".

وخلال اللقاء علق "دفضع" على زيارة بشار الأسد إلى منطقة الغوطة بالتزامن مع اجتياحها الأخير، معتبرا أن هذه الزيارة كانت مهمة و"رفعت معنويات الناس"، مثنيا على "حرص" بشار، وعلى "الخير والعطاء" الذي يحمله لأهل الغوطة.

واعتبر "دفضع" أن موقف النظام من الشعب السوري لم يتغير أبدا لا قبل "الأحداث" ولا أثناءها، وبقي "موقف حرص وغيرة ووعي".
وأخيرا 

فإن معلومات "زمان الوصل" تشير إلى أن فئة من أتباع "دفضع" كانوا يقيمون في مناطق سيطرة النظام (دمشق خصوصا)، وكانوا طوال السنوات الماضية يجاهرون بمدح "دفضع" وتمجيده دون أن يخشوا أذى النظام أو ملاحقته، رغم أن شيخهم محسوب –ظاهريا- على فئة "التكفيريين" و"الإرهابيين" لإقامته بينهم.

ومن هؤلاء المريدين والمادحين لـ"دفضع" والذين ينادونه "شيخي"، يبرز اسم جاره وابن جيله تقريبا "س.ش"، المعروف بأنه من كبار شبيحة المنطقة، والمشهور ببذاءة لسانه وقذفه لنساء الغوطة –علنا- بالفجور، رغم أنه ممارس فعلي لهذا الفجور، حيث كان يشغل النساء ويتاجر بهن تحت بند "الفنانات"، كما تقول مصادرنا الأكيدة.

وكحال معظم من يعملون في مجاله، فإن "س.ش" (جار "دفضع" والمادح لغيرته ووطنيته)، يتمتع بعلاقات ودية مع عدد غير قليل من ضباط جيش ومخابرات النظام، من ذوي الرتب الرفيعة، وربما تسنح فرصة مقبلة للإضاءة على ملف هذا الشبيح المولود في "كفر بطنا".


إيثار عبدالحق-زمان الوصل-خاص
(267)    هل أعجبتك المقالة (266)

لؤي

2018-04-04

قلت سابقا عبر هذا المنبر هناك عملاء وخونة مندسين في صفوف الثورة السورية وطالبت بضرورة مراجعة ودراسة هذه عناصر التي تنكشف يوميا في صفوف الثورة لابد من وتنظيف جسد الثورة من هؤلاء الخونة وما آلت إليه ثورة شعبنا السوري البطل الآن . هل يعقل طيلة سبعة سنوات من الثورة لم يتم تأسيس جهاز أمني لحماية الثورة والثوار ؟ وكذلك طرحت حول هدف المصالحة مع النظام، وثم تهجير المواطنيين والثوار وتجميعهم في ادلب اسلوب مخابراتي خبيث تم صياغته من قبل ايران والنظام الدموي بدمشق وبعدذلك يتم قصف ادلب ضرورة اخذ هذه النقاط بعين الاعتبار يا ثوارنا.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي