أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الغوطة.. رسائل الدم والعجز*

طفل جريح في مدينة زملكا - الأناضول

يغلق مجلس الأمن أبوابه على حوارات يائسة بالأمس ويخرج ببيان يطالب فيه روسيا والنظام بالالتزام بقرار الهدنة الشهرية التي لم يلتفت إليها أحد من حلفاء الأسد، وأكملوا هجومهم الوحشي على الغوطة الشرقية بكافة أنواع السلاح حتى تلك التي تدخل في نطاق الخطوط الحمر الأمريكية...في منتصف ليلة أمس قُصفت "حمورية" و"سقبا" بالكيماوي من جديد.

في مقابل ذلك يرسل ائتلاف الثورة رسائل عاجزة إلى مجلس الأمن والدول الكبرى بضرورة تفعيل البند الإنساني خارج مجلس الأمن لوقف المجزرة، وبجانب تلك الرسالة الجماعية تخرج أصوات من هنا وهناك تعوّل على تحضير أمريكي لضربة عسكرية تشل قدرات النظام السوري متناسية أحاديث عسكر أمريكا عن نهاية مشروع المعارضة العسكري وقدرتها على هزيمة النظام.

العرب الذين يتفرجون على المأساة السورية ضائعون بين مشكلاتهم الداخلية وصراعاتهم الإقليمية والأدهى أن بعضهم وضع هذه المأساة خلف ظهره منذ زمن بعيد، وها هو نظام السيسي يخرج بياناً رئاسياً يعزي بضحايا الطائرة الروسية التي كانت تقل عناصر روسية هي من تخطط لموت أهالي الغوطة بكافة أنواع الأسلحة الفتاكة.

خبر الموت السوري في ذيل نشرات التلفزة لعربية وحتى تلك التي تحاول جاهدة أن تضعه في جدول اهتمامها على الأقل في كونه يحتل حيزاً من المشاهدة تعطيه بعض الوقت فيما تعطي كامل وقتها للصراعات العربية العربية.

الشعوب العربية التي كان من المفترض أن لا يكون لها أجندة انتخابية أو حسابات أخرى كالساسة ورجال الدولة صامتة مقموعة بالكاد تخرج بعض الصيحات المكبوتة بعد كل مجزرة، وفي حالة الغوطة الآن يبدو الصمت العاجز مخيما على الشارع العربي كما لو أن لا أحد يموت بفظاعة، ولا أطفال يصرخون من تحت أنقاض البيوت، ولا جثث متفحمة من غارات النابالم والفوسفور في سماء الغوطة المنكوبة.

حتى أبناء الوطن الواحد خرجت من بين ظهرانيهم دعوات للنيل من أهل الغوطة وحرقها وقتل جميع سكانها الإرهابيين الذين يطلقون قذائف الهاون على مدينة دمشق، وهذا عدا عن دعوات انتقامية طائفية اعتبرت من يبادون اليوم في الغوطة من سلالات العصر الأموي الظالم، وتقرع لهم اليوم طبول إعادة حقوق المظلومين الذين قتلوا قبل أكثر من ألف عام.

في ظل كل هذا العجز الدولي والعربي والمحلي لا يبقى لهؤلاء المحاصرين ومشاريع الشهداء سوى رسائل دامعة وبعض التعاطف، وكثير من العجز بانتظار أن يلهم الله بقية فصائل الثورة باستشعار الخطر المحيط بالجميع عسى أن تفتح جبهات تخفف بعض الحميم المصبوب على الشجر المبارك.

*ناصر علي - من كتاب "زمان الوصل"
(170)    هل أعجبتك المقالة (169)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي