لماذا هذا الإصرار الإيراني على احتلال غوطة دمشق، وهذا الاستدعاء الكبير لكل القوى والأسلحة بكامل طاقتها من أجل هدف واحد هو انتزاع الغوطة الشرقية من يد المعارضة السورية، ورفض القرار الدولي الأخير الصادر عن مجلس الأمن وإفراغه من مضمونه بمؤازرة روسية.
لماذا كل هذا الحميم المصبوب على رؤوس أطفال ونساء الغوطة الشرقية، وهذا الرفض لأي تسوية أو هدنة سوى إخراج أهاليها من بيوتهم إلى المنافي في إدلب وسواها ليتم عاجلاً إبادتهم تحت مسميات الخلاص من الإرهاب والتكفيريين؟.
ثم لماذا هذا الإشفاق الآن على أهالي العاصمة دمشق من قذائف الهاون التي لم تتوقف طوال سبع سنوات، حيث كان يستثمرها النظام لإكمال الإجهاز على مقدرات الغوطة البشرية والاقتصادية، وأما اليوم فلا يكاد يمر تعليق لمسؤول إيراني أو روسي أو حتى من أذناب النظام دون لفت الانتباه إلى أرواح الضحايا من الدمشقيين؟.
في كل الأسئلة السابقة التي تحمل بين طياتها أجوبة فاضحة عن نوايا الإيرانيين والروس في القضاء على المعارضة السورية في محيط العاصمة، في كل ما تقدم يبقى الهدف الإيراني الكبير في الذهاب بعيداً بمخططها لتحويل دمشق إلى مدينة مختلفة عما كانت عليه منذ قرون رافعة إسلامية وسطية، وعاصمة عربية خالصة، وإسقاطها من هذه المعادلة يعني الاقتراب من الحلم الفارسي القديم.
في الغوطة الغربية يسعى الإيرانيون لوضع اللمسات الأخيرة على تحويل "داريا" لحاضنة شيعية تكون رأس التبشير القادم في جهة الغرب، وأما جنوب العاصمة فهو مساحة لطم كبيرة توسطها منطقة السيدة زينب وما حولها من بلدات تم تدميرها أو تهجير أهلها، وفي قلب العاصمة تجول القوافل الشيعية بكامل الحرية من حي "الأمين" إلى الجامع الأموي، حيث باتت المدينة القديمة كلها (حي الجورة)، وأما بالنسبة لمسلحي "لواء أبو الفضل العباس" فيمسكون بحواجز التفتيش مع راياتهم الطائفية (على عينك يا تاجر).
أما الغوطة الشرقية فهي التي ستكمل هذا الحصار الطائفي لمعالم المدينة السنية الوسطية الإيمان، وفي (حرستا) يعتقد بعض المعممين الطائفيين أن (المهدي) سيخرج منها لإنقاذ المظلومين والانتقام من قتلة أحفاد الرسول، وأما باقي مدن الغوطة فتكمل دائرة الانتصار.
منذ أيام قليلة نشر أحد المواقع عملية بناء حسينية على أحد أفرع نهر الفرات في مدينة دير الزور، وقيام الميليشيات الطائفية بزراعة النخل في استحضار لطقوس اللطم، وكذلك صور لمكاتب التشييع والتجنيد التي يقوم بها حزب الله اللبناني في المناطق التي يسيطر عليها في المنطقة الشرقية، وهنا يبرز الهدف الكبير التي استقدمت من أجله إيران كل قوى الارتزاق الحاقدة.
على ضفتي "بردى" تحلم إيران بنهاية فصل جديد من احتلال أرض عربية جديدة، وتطهير جديد يلحّ عليه أئمة العمائم السوداء في طهران، وإذا تحقق هذا الحلم الطائفي (لا سمح الله) فقلب الشرق العربي بات يخفق ببكائيات العصور السوداء.
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية