أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

كيف سنتعايش بعد اليوم..؟*

من غوطة دمشق - جيتي

أول ما يتبادر لذهنك، وأنت تقرأ دعوة "نخب ثقافية" في النظام لإبادة أهل الغوطة، رجالا ونساء وأطفالا، هو الأسئلة الشعبية المعهودة، عن مصدر الحليب الذي رضعه هؤلاء، والبيوت التي ترعرعوا فيها، والأفكار التي نهلوا منها، ونوع العلف الذي يتعاطونه..؟! لأنه لا يمكن أن تصدر دعوات على هذا القدر من البشاعة، من أشخاص يفترض أنهم يؤدون مهن ثقافية وفكرية وإنسانية، إلا إذا كان هناك خلل ما في أحد مكوناتهم التربوية والغذائية.

وكذلك الانتماء للنظام لوحده غير كاف لكي يكون هؤلاء متوحشين، لأن بعض من هؤلاء "النخب"، ينتمي إلى الغوطة ذاتها، أو أن له أهل هناك، وربما يكون قد سكن بأحد مناطقها وأكل من خيراتها وتعرف على ناسها وبادلهم السلامات والأحاديث، فأي انتماء سياسي في هذه الحالة، لا يمكن أن يكون متقدما على الانتماء الاجتماعي والإنساني، إلا إذا كان صاحبه حيوانا، وليس مثقفا أو متعلما. 

ويجب التنويه في هذا المجال بأننا لا نتحدث عن مثقفي طائفة النظام ودعواتهم العنيفة للقتل، فهؤلاء خارج حساباتنا منذ زمن، ونعلم أن غرائز من نوع مختلف تحركهم، ليست مجال حديثنا في هذا المقال، وإنما نقصد من ينتمون بالدم والقرابة لأهل الغوطة، وهؤلاء منهم الكثير، ويأتي على رأسهم رئيس الوزراء "عماد خميس" ، و"بشار الجعفري" ابن دمشق، بالإضافة إلى العديد من المسؤولين ورجال الأعمال والصحفيين، من أبناء الغوطة ذاتها، والذين يساهمون بمذابح أهلهم وتدمير مدنهم، أو يهللون لها.

حقيقة لا نعلم من أين يستمد هؤلاء الطاقة للصبر على كل هذا الإجرام بحق ذويهم، وكيف أنه لا يخطر على بال خميس على وجه الخصوص، بأن ينقض على رقبة بشار الأسد ، ويخلص البشرية من شروره ، ولتكن موتة في سبيل الكرامة والحرية، بدلا من العيش في ذل وخنوع ..؟!

لكن هيهات أن يفعلها هو أو غيره، فضلا عن أن النظام، يعلم جيدا من هم المتبقون تحت بطانته، فهم تربيته، وهو من أشرف على علفهم إلى أن أصبحوا ثيرانا، مستعدين لحرث كل شيء يأتي أمامهم بما فيها أسرهم، مقابل إرضاء السلطة. 

يحتاج هؤلاء في المستقبل، من وجهة نظرنا، إلى مفكرين متخصصين كي يدرسوا أنماط تفكيرهم وحياتهم والعوامل التي ساعدت النظام لتحويلهم من بشر إلى حيوانات، وعلى غرار كتاب ممدوح عدوان "حيونة الإنسان" .. لكن بصورة أعمق وأكثر تخصيصا. 

على أية حال، لقد أوصلنا النظام إلى حالة أصبحنا نشعر فيها، أن هذا الوطن لم يعد يتسع لكلينا، وهو كذلك، أي النظام، لديه نفس الشعور، مع فارق أنه يدعو لحرقنا وإبادتنا، أما نحن فلم نصل إلى هذه الحالة رغم كل ما فعله بنا هو ومؤيدوه.. فلا زلنا نؤمن بأن الشعب السوري بجميع مكوناته ليس إلا ضحية لهذا النظام ولطريقته العدوانية في الحكم، وكل شيء يمكن إصلاحه من خلال أسس جديدة ومختلفة للتعايش الحقيقي وليس بالبوط العسكري، ويكون ذلك من خلال دولة المؤسسات والعدالة الاجتماعية، والحكم المدني الديمقراطي.

وهي مرحلة ليس من السهل الوصول إليها، لكن الشعب السوري، خط أحرفها الأولى عبر رفضه ومقاومته لهذا النظام ولجميع القوى المساندة له على مدى سبع سنوات.

وعلى الرغم من قتامة الصورة، لكن يجب أن لا نستسلم للواقع الذي نشاهده اليوم، فهو لن يكون نهاية المشهد كما يعتقد البعض، بل إن هناك الكثير من المفاجآت القادمة التي يخبئها الحدث السوري، والتي يمكن أن نستنتجها من خلال العديد من التجارب، لدكتاتوريات مشابهة، وربما اكثر إجراما من نظام الأسد، ثم انتهت بين ليلة وضحاها في مجارير التاريخ والجغرافيا.

وبشار الأسد ليس أكثر إكراما عند روسيا من بعض من هؤلاء، والذي يأتي على رأسهم المجرمون الصرب، وكلنا يعلم كيف انتهى بهم الحال.
لذلك نرى، أن مصيبتنا بأشخاص كـ"عماد خميس" وأمثاله، أكبر من مصيبتنا ببشار الأسد وعصابته، فهذا ورث سلطة وحكما، ويريد أن يحافظ عليه ويورثه لابنه، أما ذاك ..فما هي مشكلته..وما الذي يريده بالضبط ..؟

*فؤاد عبد العزيز - من كتاب "زمان الوصل"
(200)    هل أعجبتك المقالة (251)

2018-02-28

دعوة كريمة للكاتب لترك القلم والتوجه فورا لاي فصيل مسلح في الغوطه للتناقض بين المقدمة والنتائج وطرح الحل -ويجب التنويه في هذا المجال بأننا لا نتحدث عن مثقفي طائفة النظام ودعواتهم العنيفة للقتل، فهؤلاء خارج حساباتنا منذ زمن .-------- اذا كنت تريد دولة لكل السوريين بحكم مدني ديمقراطي فلماذا هذا التوجه الطائفي بالخطاب ---- الم يكن المثقفون العلويون في اقبية التعذيب عندما كان الاخرون يبصمون بالدم للقيادة الحكيمة -يبدو انك لا تقرأ ولا تبحث ----- لم يكن للمثقفين العلويين لا في الماضي ولا حاضرا اي دعوة للقتل --- فجلهم ام معتقل في اقبية النظام واما خارج الوطن - كنا وما نزال نقول ان النظام مسؤل عن كل نقطة دم سالت على امتداد الوطن ----- لانه هو من هيأ الاسباب لهذه النتائج ولكن افرازات المرحلة وظهور الافات المسلحة التي لا افق لها ولا مشروع سوى تدمير وحدة السوريين --- يجعلنا تائهين في صحراء الحلول.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي