أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الأسد "بالع الموس".. السرّ الإيراني وإسقاط F16*

بشار الأسد - أرشيف

يكرر المسؤولون الإيرانيون تصريحات تفيد بأنهم أصحاب الفضل في بقاء بشار الأسد في السلطة، وآخر تلك التصريحات تلك التي أطلقها علي آغا محمدي عضو مصلحة تشخيص النظام، مشيرأ إلى أن بشار كان ينوي الرحيل لولا أن الجنرال حسين همداني المقتول في حلب، وضع خطة لتسليح عشرات الآلاف المدنيين الموالين للنظام.

تكرار تلك التصريحات يحمل معنيين اثنين، الأول تحذير لبشار الأسد، والثاني تذكير للروس بالدور الذي لعبته إيران، والاحتمالان مرتبطان بطبيعة ما يجري من احتكاك بين القوى الإقليمية والدولية المتصارعة على الأراضي السورية.

أما على المقلب الروسي فلا يبدو الأمر مختلفاً، حيث نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية معلومات مفادها أن الرئيس بوتين أبلغ نتنياهو ـ هاتفياً ـ بأن موسكو بذلت لإنقاذ حكومة بشار الأسد جهودا كثيرة أكبر من أن تسمح لإسرائيل بنسفها". 

وتشير المعلومات إلى أن بوتين منع خلال المكالمة الهاتفية ضربات إسرائيلية أعقب المعركة الجوية التي أسفرت عن سقوط F16 الإسرائيلية.

يبدو أن الروس أخذوا على عاتقهم التزامات تجاه إيران، وفات موعد تنفيذها، كما يبدو أن الإيرانيين حصلوا على معلومات مسبقة حول تصعيد محتمل، واستطاعوا تغيير قواعد الاشتباك عبر كمين جوّي معقد هزّ الإسرائيليين، وزاد الموقف الروسي من تعقيد الموقف.

السباق الروسي الإيراني في التعبير عن الأفضلية في حماية رأس النظام السوري يبطن خلافاً في العمق، وهو ليس سباقاً للاحتفاظ بالأسد، بل هواجس متبادلة بين لاعبين اثنين بتشكيلة كاملة يحاولان التأهل لتصفيات النهاية بلقاء اللاعب الأميركي للتفاوض حول ملفات أخرى منها النووي وصراع الخليج بالنسبة للإيراني، وأوكرانيا والطاقة بالنسبة للروس.

لعله ضرب من الحماقة أن يترك بوتين المجال أمام مواجهة مفتوحة قبل خمسة أسابيع من الانتخابات الرئاسية المقررة في 18 آذار ـ مارس 2018، وربما يفسر هذا بعضاً من الصمت الذي أعقب سقوط الطائرة الإسرائيلية، إذ كان بوتين مصرّا على تحقيق إنجاز في الشأن السوري عبر سوتشي، لكنّ المؤتمر شتت الروس وأظهر عجزهم في الاستثمار السياسي لهذا الملف، وفي ذات السياق كانت زيارة بوتين للقاعدة الجوية في مطار "حميميم" مستدعياً الأسد لاجتماع سريع. 

بشار الأسد "بالع الموس عالحدّين" بالسوريّة الدارجة، وهو يعلم أن الإيراني قادر على أن يطاله باغتيال في أي لحظة، كما يعلم بأن الروسي يحتفظ به إلى أجل، لذلك فهو أكثر من يعلم بأن التصريحات بفضل كلا الطرفين في بقائه حقيقتها صياح ديوك.

خلال هذا الشهر ربما تحاول إيران تغيير قواعد الاشتباك عبر "كمائن" عملياتية على طول الحدود السورية اللبنانية، مستغلة فترة "التخميد" الانتخابي الروسية، ولا يبدو الظهير الأميركي واضحا في الصورة باستثناء تصريحات فضفاضة لوزير الخارجية تيلرسون.

رائحة عطب F16 تزكم أنوف الإسرائيليين، وإذا ازداد الوضع تعقيداً، فإن إسرائيل ربما تذهب بمخاوفها حدّ التفكير بإشعال معركة مع إيران في غير مكان، مفترضة إنهاك هذا الخصم العنيد، وليست هناك واقعية في المشهد ما لم يظهر الأميركيون بصورة واضحة، ويضعوا حدودهم التي سيلعبون على أساسها مع الروس والإيرانيين.

*علي عيد - من كتاب"زمان الوصل"
(200)    هل أعجبتك المقالة (192)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي