ذهب، عسل، منظفات غسيل، مواد غذائية، أسماك...كل هذه الأصناف الغذائية والتموينية تشكل الكم الأكبر من السلع في أسواق العاصمة وريفها اللتين تقعان تحت قبضة النظام ومؤسساته الرقابية.
وتتصدر أخبار السوق المغشوشة أخبار الصحف الرسمية، وعلى مدار الأيام القليلة الماضية نشرت هذه الصحف أكثر من تحقيق عن ضبط مواد مغشوشة في السوق وإحالة المخالفين إلى التحقيق، وأما المواطنون فيعيشون بذعر شديد بعد انتشار حالات تسمم غذائي بشكل كبير بين الأطفال والنساء.
إحدى الصحف المحلية نقلت عن الدكتور "أدهم شقير" عضو جمعية حماية المستهلك قوله: (لا نريد من خلال ذكرنا لحالات الغش إخافة المستهلكين تجاه السلع الغذائية التي يتناولونها، ولكن ثمّة أساليب غشّ كثيرة في الأسواق، ينبغي تعريف من لا يعرف بها، أما من يعرف، فنقول له عرفت شيئاً وغابت عنك أشياء)، ولكن الأمر يتعدى الخوف إلى إحساس المواطن بلا مبالاة الأجهزة الحكومية التي تستثمر في هذه الجرائم.
ولكن كيف يغش هؤلاء؟..تروي إحدى النساء العاملات في بيع الألبان والأجبان في سوق (البرامكة) بدمشق "لكي تزيد أرباح بائعي الأجبان فإنهم يخلطون المادة الخام مع البودرة والنشاء، وهذا ما يعطي المنتج مظهراً متماسكاً وهو ما يشجع المواطن على شرائه، وأما أضرارها الصحية فأقلها التسمم".
عضو جمعية حماية المستهلك المذكور يسرد لصحيفة محلية طرق الغش التي يعتمدها الباعة والتجار: "يُغسل البيض بالشاي ليأخذ لونه الغامق، أو يُدعك بصبغة التبن ليباع على أنّه بلديّ، تُسلق البطاطا وتُطحن مع السكر والطحينة لتباع على أنّها حلاوة بـ 1200 ليرة سورية للكيلوغرام، فيما سعر كيلو البطاطا مائة ليرة! هناك أنواع من اللبنة تحضّر من البودرة والنشاء والدسم النباتي (زيت أو سمنة) لتصبح بدائل لبنة وليست لبنة طبيعية، فسعر 1 كغ من اللبنة المغشوشة هو بين 300 -500 ليرة سوريّة، والجبنة 700 ليرة سوريّة، في حين أنّ 1 كغ من الحليب بـ 250 ليرة سوريّة، علماً بأنّ كيلوغرام الجبنة الواحد يحتاج إلى 4-5 كغ من الحليب).
أما أهم حوادث الغش خلال أيام قليلة بحسب ما أخبار الصحف المحلية فهي تبدو مخيفة مما يعكس حالة السوق التي غيرت الحرب ملامحها، وأفرزت أنماطاً من التعاملات التي لا تبالي بصحة الناس وحياتهم، ففي ريف دمشق ضبطت عناصر الضابطة العدلية بالمديرية يوم 5-2-2018 مستودعا لتعبئة الحبوب و المحاصيل الزراعية يحتوي على كمية حوالي 2 طن من مادة السميد منتهي الصلاحية بهدف إعادة تعبئتها و طرحها في الأسواق، وكذلك تم ضبط ورشة لتصنيع الألبان والأجبان يقوم صاحبها بالغش في صناعة اللبنة والجبنة عن طريق إضافة الزبدة النباتية وحليب البودرة.
أيضاً في ريف العاصمة قام عناصر من حماية المستهلك بضبط ورشة تغش العسل في مستودع بأحد المنازل بمدينة (قدسيا)، وذلك عن طريق خلط السكر مع "الشبّة" ومغلي الشاي والمنكهات وعشبة "الجيجان" ثم تعبئتها وطرحها في السوق على أنها عسل طبيعي ليتم بيعها ضمن محل تابع للورشة في شارع "الثورة" بدمشق.
السوري الذي ترهقه الأوضاع الإنسانية والاقتصادية لم يعد بمأمن من فمه، ولم تعد الحرب وحدها من تقتل أبناءه وتسممهم.
ناصر علي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية