أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

احتفل بعيد ميلاده العاشر هذه السنة قصة ولادة السيد.. »غوغل«!

سيرجي برين ولاري بايج


العام ١٩٩٥: لم يستسيغا بعضهما في لقائهما الأول. كلاهما يمــثل شخـصية متطرفة تعاكس الأخرى. انتهى النقاش بينهما حاداً بلا نتيجة. كل منهــما يملك إجابة تعارض الآخر على المسـائل المطروحة. رغم ذلك، تولى أحدهما إرشاد الآخر في زيارة لاخــتيار اختــصاص مــا بعد الجامعة. سيرجي برين (٢٣ عامــاً حينها) كان المرشد في جامعــة ستــانفورد، لاري بايج (٢٤ عاما حــينها) كان الخريج الزائر من جــامعة ميتــشيغين. أتى لاري من خلفية هندسية، كان يبحث عن اختصاص كي يواصل دراساته في جامعة ستانفورد، وانتهى، كما سيرجي، طالباً لعلوم الكمبيوتر في الجامعة نفسها.
عام ١٩٩٦ عملا ســوياً على محــرك البحث الأول: »باك رب« (الترجمة الحرفية للفظ الأجــنبي هي »حك الظــهر«!). الفكرة كمنت في تحــليل كل الروابـط التي تشير إلى موقع معين. هــي فكرة لم تــكن قد بحثت سابقاً. مع تحليل هذه الروابط التي تشير إلى المواقع المــبحوث عنها، توصلا إلى العثور على نتائج أكثر دقة لبحث المستخدم.
اشتريا كمبيوترات رخيصة بنيا بها »سيرفرهم« الأول. ثم اشتريا كمـبيوترات أغلى ثمناً، وفي خضم كل ذلك كانت الأخبار تتواتر في حرم الجامعة عن هذا »الزوج« الذي ينتج محرك بحث بواسطة تحليل الروابط الخلفية.
حتى منتصف العام ،١٩٩٨ ظل الثنائي يحسن من محرك البحث خاصته. بنيا نظاماً أكثر تعقيداً في شقة لاري الطــالبية، بواسطة عدد أكبر من الكمبيوترات. كان للثنائي آنذاك صديق مشهور آخر، مبتكر موقع »ياهو!«: »دايفيد فيلو«. اطلع دايفيد على تقنية محرك البحث خاصتهما، ولم يملك آنذاك إلا أن يبدي إعجابه ونصحهما بالمتابعة.
صار على الثنائي أن يســددا فواتير البطاقات الائتمانية خاصتهما التي ضربت السقف المسموح به. صار وقت خروج »غوغل« إلى النور. لِمَ اسم غوغل؟ الاسم (Google) يأتي من تلاعب طفيف بلفظ (Googol) الذي هو أساساً مصطلح حسابي يعني الرقم واحد متبوعاً بمئة صفر على اليمين.
وهكذا، بدأ لاري وسيرجي البحث عن مستثمر يقنعانه بتـمويل مشــروعهما. توجها إلى شركة »سان مايكرو سيستمز«. انتبه الرجل الذي التقياه في الشــركة سريعاً إلى إمكانات المشــروع، لكن كان عليه أن يهرع إلى اجتماع آخر. هــكذا وقبل أن يناقش تفاصيل المشروع مع الشابين كتب لهما شيكاً تضــمن المــبلغ التالي: ١٠٠ ألف دولار تصرف لحــساب »غوغل إنك« (Google Inc.). لكن هناك مشكلة. »غوغل إنك« لم تخلـَق بعد. قبــع الشــيك في درج سيرجي ولاري لفترة حتى أوجدت صفة قانــونية للشــركة المــذكورة، إذ فتش الثنائي عن ناس مساهمين من أصدقائهم وأفراد عائلاتهم ليشاركوهم الشركة، وهكذا صار لـ»غوغل« وجود قانوني سليم.
استؤجِر المكان الأول للشركة: كاراج بسيط في كاليفورنيا يحتوي على غسالة ونشافة وأنبوبة مياه ساخنة و.. ثلاثة موظفين منهم سيرجي ولاري!
بعد ستة أشهر، بلغ تمويل الشركة ما يقارب الـ٢٥ مليون دولار، وبعد سنة ومع تصاعد عدد عمليات البحث بواسطة محرك »غوغل« لتصل إلى نصف مليون عملية يومياً، أعلـِن عن اجتياز المشروع مرحلته »التجريبية«.
في غضون عامين أطلِــق غوغل بعشر لغات. ووصل الأمر إلى جعله محرك البحث الأساسي لدى »ياهو«. في حزيران ٢٠٠٠ بلغت مقدرة »غوغل« الإشــارة إلى بليون موقع. وبهذا صار محرك البحث الأكبر في العالم.
خلال كل ذلك، أخذت الشــركة تتطور طبيعياً بلغة التــجارة، فتعــاقب على رئاسة أقسامها ومجلس إداراتها عدة أشخاص، أما لاري فقد أصبح رئيساً لقسم المنتوجات، فيما صار سيرجي رئيساً للقسم التقني.
نجاح غـــوغل الأول مقــارنةً بأشــقائه من محركي الأبحاث على الشــبكة العنكبوتية تأتّى من أمر بسيط في ظاهره: دقة نتائج الأبحاث وارتباطهــا بالــكلمة التي يتم البحث عنها. هو أمر يبدو لــغير العالم بتفاصيل الخوارزميات الحسابية بسيطاً، لكنّ النتيجة هذه تحتاج لأبحاث أعوام.
عام ،٢٠٠٨ »غوغل« بلغ رسمياً عقده الأول من العمر.
من محرك بحث بسيط، إلى محرك بحث أكثر دقةً للنصوص مروراً بكل الخدمات المرفقة كالبحث عن بــلايين الصــور وملفات الصوت والفيــديو، وخرائــط »غوغل« للأرض والقـمر، وكل الخــدمات التي تعتمد على البرمجية أو الخلوي، واتفاقيات الشراكة مع أكبر مواقع الخدمات كـ»يوتيوب« أو شراء بعض المواقع المهمة الأخرى كـ»بلوغر«، وشروع الفـهرسة اللفظية وضم أرشيف الصور التاريخية النادرة، وصولاً إلى إطلاق المتصفِّح الخاص بـ»غوغل« على غرار »انترنت اكسبلورير«. هي قصة نجاح شاب يستقل بنفسه شيئاً فشيئاً، يبني كل عالمه الخاص بكل متطلباته ويفقه طريقه لعالم البرمجية التجارية الناجحة.
من كاراج بســيط في ولاية كاليــفورنيا إلى شركة عملاقة تتــوزع فروعها حول العالم، والأهم عبر شاشة إلى بلايين المستخدمين غير المعروفين: من منا يقدر أن يقول إنه غير ممتن للسيد الموقّر المسمّى.. »غوغل«؟

هلال شومان
(125)    هل أعجبتك المقالة (124)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي