"ذاكرة مالحة".. فيلم سوري يحصد الجائزة الذهبية في مهرجان "فيرجن سبرينغ" الهندي

نال المخرج السوري الشاب "عروة الأحمد" الجائزة الذهبية لأفضل صانع أفلام مستقل عن فيلمه "ذاكرة مالحة"، من مهرجان "فيرجن سبرينغ" السينمائي في الهند والجائزة الأوروبية للتصوير السينمائي في بولندا منذ أيام، وكان الفيلم قد حصد في السابق عدداً من الجوائز في مهرجانات عالمية، ومنها جائزة لجنة التحكيم من "Lake View International Film Festival"، وجائزة أفضل تريلر "عرض مختصر لفيلم" من "Calcutta International Cult Film Festival"، فضلاً عن جوائز من مهرجان القارات الخمس العالمي ومهرجان تشيلي ومهرجان "Top Indie Film Awards". ويوثق الفيلم وهو من النوع التسجيلي الطويل تجارب مختلفة لـ 9 لاجئين سوريين فيحكي عن تجارب اعتقالهم في سجون النظام، وركوبهم البحر ومصاعب التأقلم مع مجتمع جديد ذو لغة جديدة.

نشأ عروة مواليد 1988 ضمن عائلة حمصية لأب ممثل مسرحي "محمد الأحمد" مما أتاح له الفرصة ليكون على تماس مباشر مع المسرح بشكل خاص والفن والأدب بشكل عام، وبدأ يجد نفسه شيئاً فشيئاً في خضم المسرح ولكن ليس كممثل مسرحي بل كمخرج وأول تماس مباشر له مع السينما -كما يقول لـ "زمان الوصل" - كان من خلال فيلمه "لاعب النرد " عام 2010 وهو الفيلم الذي شارك في مهرجان ترايبيكا الدوحة السينمائي" ونال عليه تكريماً في المهرجان، ويعد فيلمه "ذاكرة مالحة" ثاني فيلم سينمائي وأول فيلم طويل بالنسبة له، ومن خلال تجربته السينمائية والمسرحية مر المخرج الشاب بتجارب أخرى في إعداد البرامج التلفزيونية و أنجز لفضائية أبو ظبي عملين إحداهما باسم" زيرو" والثاني "فيسنك ذا هاندرد" الذي قام ببطولته الممثل المصري "مصطفى شعبان" 

اثناء دراسته في كلية الفنون ببيروت، وعمل كمعد ومقدم لعدد من البرنامج مع تلفزيون "أورينت" وأخرج كرنفال كأس العالم في دبي 2015 كما كتب وأخرج العديد من العروض المسرحية كـ( الثعلب-مافي أمل- نايلون – هو الحب).

وعن فيلمه "ذاكرة مالحة" والظروف الفنية واللوجستية التي رافقت انجازه قال المخرج الثلاثيني أنه لطالما كان شغوفاً بالذاكرة و طمح دائماً لتقديم أعمال مرتبطة بذاكرة الإنسان لأنه –كما قال- يعتبر الإنسان أساساً هو عبارة عن ذاكرة وكل تصرفاته التي يقوم بها ناتجة عن تراكم معين في هذه الذاكرة، وروى الأحمد قصة إنجاز الفيلم التي بدأت مع وصوله إلى أوروبا ولقائه بوالده الفنان "محمد الأحمد" في هولندا الذي كان يتحدث عن تجربته القصيرة في المعتقل، وفي لحظة من اللحظات شعر أن كثيراً من السوريين مرور بتجارب مثيلة، وربما أقسى منها وهي بحاجة إلى توثيق غير توثيق الدمار في سوريا، واستدرك الأحمد أن التجربة الإنسانية بحد ذاتها يجب أن توثق وعلى هذه الأصوات أن تصل الى خارج حدود سوريا إلى كل أرجاء العالم وتسمعها الأجيال اللاحقة أيضاً، فتوثيق المشاعر-حسب قوله- مهم جداً لأن الميديا تهتم بشكل خاص بتوثيق الأخبار ومالذي حدث بينما تمر آلام الناس ومشاعرهم وهواجسهم للأسف مرور الكرام، ولفت محدثنا إلى أن "ما يشعر به الإنسان لا يعود ذا قيمة أمام أرقام الضحايا والأحداث التي تجري، وغالباً ما تسلط الأخبار الأضواء على البشر كأرقام وهنا يأتي دور الفن وضرورته بالغوص في المعاناة الإنسانية وسردها وتوثيقها. 

وحول دلالة عنوان الفيلم أوضح مخرجه أن الملوحة هنا ترتبط بالبحر الذي عبره السوريون وصولاً إلى أوروبا، ذلك البحر المالح الذي لم يميز بين طوائفهم ومستوياتهم الفكرية والثقافية وابتلعهم بمختلف انتماءاتهم وأفكارهم وأحلامهم وأحقيتهم باللجوء، ولم يميز بين سوري وآخر، والسبب الثاني في تسمية الفيلم-كما يقول- هو الدمع الذي ذرفه السوريون طويلاً خلال المأساة التي جرت ومازالت تجري، وكما يحفظ الملح الطعام من الفساد يحفظ أيضاً تلك التفاصيل من النسيان داخل أدمغة السوريين. 

ابتعد الأحمد في "ذاكرة مالحة"عن قواعد التوثيق الكلاسيكي المألوفة في الكثير من الأفلام والأعمال التي وثقت لتجارب معتمداً على الأسلوب السينمائي التجريبي وحول ذلك أبان أن التوثيق الكلاسيكي مهم ولكنه يبدو أقرب إلى الإعلام منه إلى السينما؛ لافتاً إلى أن "التوثيق الكلاسيكي يتسم بالجمود ويركز على المنحى الإخباري أكثر من تركيزه على الصورة، بينما تنحو السينما التجريبية لتحقيق إبهار بصري يُضاف الى مضمون العمل وقيمته الفكرية". 

يذكر أن ذاكرة مالحة من إنتاج Best 4 production وبطولة: - راتب شعبو - فرج بيرقدار -محمد الأحمد - فرح يوسف - نور بو غاوي - ميغا أرشيد - عماد أبو دهن - أميتس كراد - محمد ادريس.تأليف موسيقي: بيغي هيلمرز-أداء صوتي: نينا العسافين-تصميم البوستر: شريف جابر-سينماتوغرافي: سومر شعبان.