أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

فاتورة "سوتشي".. أكبر من ابتسامة دبلوماسية في موسكو*

من لقاء وفد المعارضة مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف - جيتي

أثارت الابتسامة العريضة لأعضاء ورئيس وفد هيئة التفاوض في موسكو مع وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف امتعاض الكثير من السوريين الذين ينظرون إلى الروس كشركاء للنظام في قتل السوريين، وأشد داعمي الأسد في استمرار بقائه على كرسي الحكم في سورية بقوة السلاح، وهم الذين ما زالوا يدمرون بطائراتهم مدن الغوطة الشرقية وريف ادلب، ويخططون للبقاء كمحتلين عبر قواعدهم البحرية والجوية والبرية على الأرض السورية.

وبالرغم من اعتذار نصر "الحريري" رئيس الوفد وبعض أعضائه عن هذه الابتسامة مع القاتل، إلا أن الصورة كانت تشي بأبعد من ابتسامة دبلوماسية عابرة، ولم تفلح التصريحات التي أدلى بها أعضاء الوفد ورئيسه عن حضور مؤتمر سوتشي أو عدم الحضور أو حتى عن تطمينات روسية ولغة روسية مختلفة مع المعارضة في هذا لقاء موسكو.

ولم تفلح في تخفيف الهواجس عن الثمن الذي ستدفعه لقاء نتائج هذه الزيارة، وعن تنازلات ربما ستكون أكثر من ذي قبل، تنازلات تهبط بسقف مطالب السوريين للقبول بالقتلة من جديد على أنهم شركاء في وطن تبدد.

الوفد لم يقل كلمته النهائية بعد، ولكنها أيام قليلة بعد (فيينا) الذي سيعقد اليوم، ويتوقع كثيرون أن تتم الموافقة على حضور (سوتشي)، وبحلة جديدة لوفد النظام قد يكون فيها استثناء وحيد هو غياب (بشار الجعفري) الذي ربما سيتم استبداله بوجه أشد لؤماً مع تصريحات حاسمة لديمستورا عن أن (فيينا) هي فرصة أخيرة للتوصل إلى اتفاق سوري -سوري، ولكن السؤال ما الذي أعدته المعارضة غير صكوك تنازل جديدة في الوقت الذي لم تتوقف النار والغاز السام في الغوطة الشرقية وإدلب؟.

بالتأكيد، لا تفاؤل بـ(سوتشي) الذي يحضّر النظام له منذ لحظة إعلانه، ويجمع له مرتزقة حزب البعث من بقية السوريين الذين لم يتركوا لحظة واحدة الهتاف للقائد ومن جميع الأطياف ليشكل غالبية متوافقة على بقائه، وليقولوا للعالم إن الأسد ضمانة استمرار سورية واحدة موحدة، وإن أكثر ما يمكن أن يقدموه للمعارضة هي حقائب غير مؤثرة في حكومة شكلانية لا أكثر.

بالأمس قال قدري جميل على قناة "العربية" بطريقته التي لا تخلو من التهريج والخبث إن اجتماع موسكو أوصل للمعارضة وجهة نظر الروس في الصراع عن قرب ووجهاً لوجه، ولمح إلى أن منصته قد تذهب وحيدة إلى (سوتشي) إذا لم يتم التوافق في الهيئة، وأن ما بين مكونات الهيئة هو توافقات وليس اتفاقاً، وهذه رسائل واضحة لا تحتاج إلى قاموس.

اليوم في (فيينا) ستناقش قضايا جوهرية كالدستور والانتقال السياسي والانتخابات، وهي مقدمة لما ستؤول إليه مصائر السوريين في المرحلة القادمة، وفي (فيينا) ستقول هيئة التفاوض موقفها من حضور (سوتشي)، وهي ليست سوى ساعات قليلة ليعرف السوريون حجم التنازل الذي حصل، وما بعد ابتسامة الذل مع لافروف.

*ناصر علي - من كتاب "زمان الوصل"
(174)    هل أعجبتك المقالة (170)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي