أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

يا عزيزي كلنا لصوص.. حسين الزعبي*

من معركة عفرين - جيتي

تحول موظف دولة إلى أحد أثرى الأثرياء عبر تمريره، بحكم موقعه، مشاريع لصالح رجال أعمال فاسدين لا يكفون عن التملق له ولابنه الوحيد بحثاً عن المزيد من تيسير السرقات وشرعنتها، إلى أن جاء يوم وأقالته الدولة وصادرت كل أملاكه والأملاك المسجلة باسم ابنه، فأصيب بأزمة قلبية توفي على إثرها، بينما وصل الحال بابنه إلى أن عجز عن شراء علبة سجائر.

عرض الابن على خطيبته وهي ابنة أحد الملاكين الذين ساهم والده بإفلاسهم، أن تبيع له قطعة ثمينة ذات قيمة تاريخية من مصاغها كان والده قد أهداها لها، هذه القطعة تعود في أصلها لإحدى الأميرات، لكن الخطيبة رفضت وفوق ذلك طلبت الانفصال بعد أن رفضت العيش معه في بيت ريفي متواضع. 

لجأ الابن إلى أحد رجال الأعمال وكان أكثرهم فسادا وقربا من والده، لكنه هو الآخر تخلى عنه ورفض مساعدته.

وبينما هو موجود في بيته الريفي، دخل ثلاثة لصوص فلم يجدوا شيئا يستحق السرقة، فقرر أن يكون صديقا لهم، ودلهم على أحد بيوت رجل الأعمال الذي رفض مساعدته، وأخبرهم بتفاصيل تحركاته ومتى يكون البيت مشغولا ومتى يكون خاليا، وطلب منهم ألا يبخلوا عليه بسرقة أي أوراق قد يجدونها، وكان له ذلك، إذ حصل على مبلغ من المال بعد أن أخفوا عنه القسم الأكبر، كما حصل على أوراق تُدين الرجل، فقام بابتزازه بمبلغ أقل مما كان يطمح به، فقرر أن يرسل أصدقائه اللصوص لسرقة قطعة المصاغ من بيت طليقته، وبعد أن حصل عليها، ولأنها قطعة هي بالأصل مسروقة اضطر للسفر إلى أوروبا لبيعها، ولأنه كان تحت رقابة رجل الأعمال، تم النصب عليه وسرقت وعادت للرجل، وعندما اكتشف الابن ذلك، قرر أن يعيد عملية الابتزاز، لكن ما كان بحوزته من أوراق سرقها اللصوص أنفسهم، ولكن هذه المرة لصالح خصمه.

أطلت بما فيه الكفاية، لكن هذا ملخص لرواية تم تجسيدها سينمائيا تحت عنوان "يا عزيزي كلنا لصوص" تشبه في مضمونها ما حصل ويحصل في سوريا، لاسيما على صعيد تطورات "عفرين"، وفي غيرها أيضا، فالرقة التي حررها الجيش الحر، سرقتها "أحرار الشام"، ومن ثم سرقها تنظيم "الدولة" بالتنسيق مع اللص الخفي، ثم جاءت "سوريا الديمقراطية" لتسرقها بإشراف اللص الأكبر في واشنطن، ومعها وربما قبلها، سُرق إرث مشعل تمو، وربما يصح الآن مبدأ "السارق من السارق كالوارث من أبيه" ها هي "عفرين" في طريقها إلى سيطرة إضافية.. وما يصح فيها قد يصح في درعا وإدلب، وصح قبلها في ريف دمشق، ودير الزور.

لكن عزيزي القارئ نسيت أن أقول لك إن ما تبقى من نقاء في واقعنا، يشبه شخصية الفلاحة الساذجة التي تزوجها صاحبنا السارق بعد أن تخلت عنه خطيبته.. لا حول لها ولا قوة.

*من كتاب "زمان الوصل"
(208)    هل أعجبتك المقالة (196)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي