ما إن تقدمت قوات النظام نحو مطار "أبو الظهور" الحربي للمرة الأولى منذ نحو سنتين ونصف، حتى استرجعت أسرة قائد هذا المطار "العميد إحسان الزهوري" ذكراه وأخذت تمني نفسها برجوعه، وكأن الأمر بات قاب قوسين أو أدنى من التحقق، كما علمت "زمان الوصل".
ومما رفع "معنويات" أسرة "الزهوري" وأملها بلقائه، حملة الشائعات التي أطلقها قسم من الموالين عن "رجوع المطار إلى حضن الوطن"، ثم تبين فيما بعد أنها كانت تغطية على مقتلة جديدة أثخنت صفوف النظام، حيث لقي العشرات من عناصره مصارعهم على تخوم المطار، ليضافوا إلى حصيلة سابقة أقسى رقميا، ناهز تعدادها 100 قتيل ونحو 200 أسير، فضلا عن قوائم من المختفين الذين لم يعلم مصيرهم، وذلك إبان نجاح الفصائل في اقتحام المطار والسيطرة عليه بتاريخ 9 أيلول/سبتمبر 2015.
*ضريبة "مثلثة"
ومنذ تاريخ سقوط المطار بيد الفصائل، تضاربت الروايات والشهادات حول مصير قائده "العميد إحسان"، الذي التصقت صورته في أذهان السوريين بإجرام يقطر دناءة، لم يوفر حتى أقاربه وأهل مدينته "القصير" في ريف حمص، وهي من أشهر المدن التي دفعت ضريبة "مثلثة" نتيجة مناهضتها لنظام بشار الأسد، حيث صب عليها النظام وأعوانه من المليشيات الطائفية (حزب الله) جام قصفهم، فدمروا مساحات واسعة منها، ثم هجروا أهلها وحرموهم حتى اللحظة من العودة إلى بيوتهم التي استوطن بعضها مرتزقة طائفيون، ليساهموا في بناء "حزام شيعي" يمتد على طرفي الحدود السورية اللبنانية.
وإذا كانت صورة "العميد إحسان" مرتبطة في عقول عموم السوريين الثائرين بالإجرام، فإنها في عقول أهل القصير وآل الزهوري أشد ارتباطا بصورة كائن منسلخ باع كل ما يملك للنظام، وتمادى في تقديم فروض الولاء له، حتى ولو كان ذلك على حساب مدينة قدمت مئات الشهداء (القصير)، منهم من "آل الزهوري" فقط نحو 100 شهيد.
ورغم أن ثوار القصير كانوا متسامحين معه، وحفظوا عهد القرابة والجيرة ورابطة الدم، فإن "العميد الزهوري" قابلهم بحقد وخيانة تأنف منهما أكثر الكائنات غدرا، ففي بداية الثورة حاول "العميد" أن يتسلل إلى مدينته فيما يبدو أنها مهمة لخدمة النظام، فقبض عليه الثوار واقتادوه إلى إحدى مقراتهم وهناك تدخل قريب له (استشهد فيما بعد) فتم الإفراج عن "العميد"، عل ذلك يكون محفزا لعودته إلى رشده وانشقاقه عن النظام، ولكن "العميد" بشخصيته المبنية على العبودية والإجرام، اختار أن يبقى "متمردا" على من أكرموه.
ولم يكن "تمرد" العميد إحسان ليقف عند حد، حتى بعد أن استشهد كثير من أقاربه، ومن بينهم صهراه (زوجا شقيقتيه)، وحتى بعد أن دمر النظام مسقط رأسه "القصير" وهجر أهلها، وجعلها نهبا للطائفيين يعيثون فيها.. بل إن تغول "العميد" وانسلاخه كان يزداد طردا مع ازدياد إجرام النظام، فكلما ارتكب النظام مجزرة كان "العميد" يزيد انبطاحه ودونيته، إما عبر تطويع ابنيه في الجيش (كبيرهم يدعى محمود)، وإما عبر الخروج بتصريح يقول بضرورة "القضاء على الإرهابيين"، الذين تبين فيما بعد أن منهم أقاربه، وانه كان يعطي قوات النظام إحداثيات بيوت أناس من "آل الزهوري" ليقصفها!
وقد سبق لناشط من "آل الزهوري" أن اكد لـ"زمان الوصل" أنه أحد الأشخاص الذين بلغ عنهم "العميد"، وأعطى النظام إحداثيات منزله (منزل أسرة الناشط) وبراد (شاحنة تبريد) الخضار، فأتت طائرة وقصفتهما بدقة متناهية وغير معهودة عن طيران النظام، فأحالتهما أثرا بعد عين.
وأخيرا، وكإثبات جديد على مدى انسلاخ "العميد إحسان" عن بيئته ومدينته وأهله، بل وحتى عن "آل الزهوري" فإن الأرشيف المخابراتي الذي بحوزة "زمان الوصل" يكشف عن وجود 248 مذكرة اعتقال بحق أشخاص من "آل الزهوري"، الذين برهنوا بالأفعال أن "العميد إحسان" ليس من عشيرتهم في شيء، فالنسب الحقيقي لعائلة بهذه التضحيات لايمكن أن يختصر بـ"كنية" تلحق بآخر اسم لهذا الشخص أو ذاك.
زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية