أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

لطمية تاريخية.. حسين الزعبي*

نكبة فلسطين

يبدو أن العام 2018 مع شقيقه الراحل 2017 سينضم إلى جملة الأعوام التي صنفت بأنها مفصلية وأسست لمرحلة لاحقة نسفت ما قبلها ورسمت ما بعدها، كالعام 1914الذي شهد اندلاع الحرب العالمية الأولى والتي جاءت نتيجة توتر العلاقات الدولية بسبب جملة من الأزمات كأزمة البلقان، والصراع الفرنسي الألماني حول الحدود، بالإضافة إلى نمو النزعة القومية داخل أوروبا وتطلع بعض الأقليات إلى الاستقلال، وكانت شرارتها الشهيرة حادثة اغتيال طالب صربي ولي عهد النمسا وزوجته أثناء زيارتهما لسراييفو في منطقة البوسنة والهرسك.

انتهت الحرب الأولى في العام 1918 مخلفة 9 ملايين قتيل وانتهت معها الامبراطورية العثمانية، وخضعت المنطقة العربية لترتيبات اتفاقية سايكس بيكو الموقعة في العام 1916، وانتهت معها أحلام "الوعود الإنكليزية" للعرب.

سنة مفصلية اخرى عاشها العالم وهي 1939، وشهدت اندلاع الحرب العالمية الثانية، بسبب تسويات ما بعد الحرب العالمية الأولى التي غيرت رسم خريطة العالم وأوروبا، وما تبعها من إبرام معاهدات عقابية خاصة لألمانيا في معاهدة فرساي سنة 1919، وخسرت ألمانيا بموجبها 12.5% من مساحتها و12% من سكانها، ويضاف لهذه الأسباب ظهور النازية بألمانيا والفاشية بإيطاليا وقيام حلف جديد عرف بدول المحور يضم ألمانيا وإيطاليا ثم انضمت إليه بعد ذلك اليابان، أما السبب المباشر، فكان احتلال هتلر للنمسا في آذار مارس/1938 ثم تشيكوسلوفاكيا في العام 1939 وبذلك أعلنت الحرب الكونية الثانية، لتنتهي في العام 1945 تاركة نحو 60 مليون قتيل، ومعهم أفل نجم الامبراطورية البريطانية وكذلك الفرنسية وانهارت ألمانيا وأعيد رسم خريطة الكون السياسية التي حكم العالم وفقها وصولا إلى العام 1989 الذي شهد بداية كونية جديدة مع توحد الألمانيتين ومن ثم انهيار الاتحاد السوفييتي، وظهرت إلى الوجود الدول التي كانت مبتلعة من قبله.

وبين نهاية الحرب العالمية الثانية وانهيار الاتحاد السوفييتي شهد العرب سنوات "خداعات" من مسرحية النكبة 1948 التي أدت لبيع فلسطين وبثمنها رسخت "ممالك"، وصولا إلى النكسة 1967 وبثمنها أيضا أنشئت "جمهوريات العسكر" بما حملت من أكاذيب وحدوية مزقت الأمة، أما مشاريع "الحرية" فكان "خير" تعبير عنها، تعاملهم، ممالك وجمهوريات وإمارات، مع ربيع العام 2011 الذي أحالوه إلى جحيم.

أما عامنا الحالي بأسبوعه الأول، وما علق به من خواتيم شقيقه السابق، فلا يبدو أنه سيكون أقل شأنا، فها هو يطالعنا "بصفقة القرن" وهي على ذمة "المعطيات" و"التسريبات" صفقة تحتمل سيناريوهات عديدة، منها تهجير أهالي سيناء واستبدالهم بأهالي غزة، ومنها ضم الضفة الغربية (باستثناء القدس) إلى شرقي الأردن وما قد يترتب عليه من زوال دول وفي أحسن الأحوال انفجار ديمغرافي، لا تحمد عقباه.

ولأن حلقات التاريخ لا تنفصل عن بعضها، كما تبين اللطمية السابقة، فإن "الممالك" وما تبقى من "جمهوريات" سبق وثبتت كياناتها بثمن مسرحيات فلسطين بنكبتها ونكستها قد تشهد انفجارا يطيح بها.. فرصيد القضية الفلسطينية أوشك على النفاد.
ملاحظة: نسأل الله أن يجيرنا من أزرار الشقيقين "ترامب -كيم جونغ اون".

*من كتاب "زمان الوصل"
(210)    هل أعجبتك المقالة (237)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي