أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

أدب السيارات في المناطق المحررة.. عبارات تعكس تجارب الحياة والسخرية منها

لجأ آخرون للاعتزاز بانتمائهم الجغرافي ليكتبوا عبارات من مثل "رقاوي وأفتخر"، "حمصي وأفتخر"، "إدلبي وافتخر"

حيثما توجهت في المدن والأرياف السورية المحررة تواجهك عبارات طريفة مكتوبة على الحافلات والسيارات من الخلف لاسيما سيارات الأجرة والشاحنات. وتختلط في هذه العبارات المشاعر الدينية والعاطفية بالغرابة والتحدي، فيما يمتزج في بعضها الحزن بالألم واختصار تجارب الحياة.

وتتنوع ما بين الطرافة والغرابة والمفارقات الكلامية ومنها "حتى هدف حياتي طلع تسلل"، و"رضا الوالدين أهم من رضى أمك وأبوك"، و"الحلم مرسيدس والواقع متل ما شايف".

وحملت عبارات أخرى نبرة السخرية من النفس ومن السائقين الآخرين "قرصة عقرب ولا سايق أجرب"، و"لا تزمر وراي شايفك بالمراي"، و"انتبه السائق أحوَل".

وكتب عامل تراحيل على سيارته الشاحنة "خُلقت من تراب وأعمل في التراب وسأدفن تحت التراب"، بينما حملت عبارات أخرى جوانب من الحكمة الشعبية ومنها عبارة تم رصدها على سيارة قرب من مشفى "الفتح" في مدينة "الباب" بريف حلب تقول: "مو كل من يهز الراس فهمان ومو كل من جمع المال شبعان" و"الغلط لحظة والندم سنين".

وحملت بعض العبارات معاني التحدي والحث على الرجولة "الحب خدعة والمراجل ميزان"، و"مو كل من ربى شارب صار صدام".
ودوّن على خلفية سيارة "فان" فضية اللون في ريف حلب الغربي عبارة "راح أمشي على درب الخطر وما يهمني كلام البشر"، فيما دوّنت على خلفية سيارة أخرى للترحيل عبارة تعكس حالة النكران:"صعب الطيب ما يتغير لكن أنتم متغيرين" وتحتها عبارة "عطّر فمك بالصلاة على الرسول".

فيما دونت على أسفل السيارة ذاتها مطلع موال للمطربة فيروز "يا جبل البعيد خلّفك حبايبنا".

ولم تخلُ سيارات أخرى من عبارات عشق وهيام والشكوى من الغدر "لأحبابك تريد الخير وهم بالهم موتك"، واحتوت سيارة أجرة صفراء من مدينة "الطبقة" بريف الرقة الغربي عبارة اعتداد بالنفس تقول "عفتك ريحت بالي" وتحتها شتيمة للعشيق المفارق تقول "يالحبيب لا تظن بعد فراقك راح اترجاك... ترى فراقك وفراق الكلب يابن الكلب واحد".

وفيما دوّن أحدهم على خلفية سيارته عبارة "لا تسرع يا بابا نحن بانتظارك" المعروفة رد عليه آخر بعبارة ساخرة تقول: "لا تسرع يا بابا ماما بتتجوز عليك".


واستوحت بعض العبارات أجواء الحرب وأحوال الناس، حيث دوّن أحدهم مستنكراً هجرة السوريين "لا تهاجروا ماضل حدا" بينما تذمر أحدهم من فراق محبوبته "بنت الكلب راحت ألمانيا".

وكتب آخر "ما بدنا عدل... بدنا ظلم بيتوزع ع الناس بعدل"، وثمة سيارات كتب أصحابها عبارات "راجعين يا دير" أو "راجعين يا حمص" بينما استكان غيرهم لواقع الحال ليكتب :"على وين الدرب مودينا ما ظل غير إدلب تحوينا".

ولجأ آخرون للاعتزاز بانتمائهم الجغرافي ليكتبوا عبارات من مثل "رقاوي وأفتخر"، "حمصي وأفتخر"، "إدلبي وافتخر"، و"حلبي وأفتخر".
بينما قطع آخر الطريق عليهم محتجاً على نزعة التعصب هذه ليكتب عبارة "من اعتز بغير الله ذُل".

يقول الصحفي والكاتب "عيسى الخضر" الذي دشّن على "تويتر" وسما بعنوان "أدب سيارات الشمال" لـ"زمان الوصل" إنه اعتاد ملاحقة السيارات التي تحمل عبارات طريفة بهدف توثيقها وأرشفتها، ولما تعكسه من ثقافة شعبية وبخاصة في ظروف الحرب والحصار وليس بهدف السخرية والاستهزاء. 


وبدوره أشار الدكتور "رامي سليمان" أخصائي الطب النفسي إلى أن العبارات التي تُدون على خلفيات لا بد أن يكون وراءها دوافع نفسية تحتاج لفهمها، خاصةً وأن هذه العادات تنتشر في مكان ما بكثافة، فيما تقل أو تكاد تنعدم في مكان آخر.

وقلل "سليمان" من تأثير هذه الظاهرة في حياة الناس لأن جلّ خوفهم من القصف والدمار الذي دمّر نفسياتهم، مشيراً إلى أن "هذه العبارات سواء كتابات فكاهية أم ذات دلالة اجتماعية وثقافية ودينية تعبّر في المحصلة عن تعامل مزاجي مع الواقع وعدم تخطيط وأحياناً عن حالات اليأس والإحباط".

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(3035)    هل أعجبتك المقالة (1187)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي