جولة جنيف الأخيرة انتهت اليوم بحسب دبلوماسي أوروبي إلى النتيجة صفر، وهذا بالطبع بجهود كبيرة من بشار الجعفري الذي يحمل تعليمات روسية صارمة بإفشال هذا المسار الدولي الوحيد الذي يمكن أن تكون فيه المعارضة بقوتها، وهذا هو الذي استثار المبعوث الدولي ديمستورا للمطالبة بالضغط على وفد النظام ليدخل مفاوضات جدية مع وفد الرياض.
باختصار يريد الروس ومعهم كل الأفرقاء بما فيهم بعض الداعمين للمعارضة الذهاب إلى مؤتمر سوتشي (للشعوب السورية) الذي تعد له موسكو كل أوراقها لإنهاء وجودها العسكري بنصر سياسي يؤمن بقاء الأسد لمرحلة انتقالية ويحد من تمدد الإيرانيين، ويفرض حلولاً جديدة على كل السوريين تتناسب مع مصالحها دون خشية من طعنة إيرانية.
وفد المعارضة الذي يبدو مستجيبا مع متطلبات جنيف بما فيها المفاوضات المباشرة وغير المشروطة يريد من هذا المشهد ألا يصل إلى ما تريده روسيا وهو إنهاء مسار أممي لحساب مؤتمر ترعاه هي وحدها، وتفرض قراراتها على الجميع بحكم أن أغلب السوريين الآخرين الذي ستجلبهم من جماعة منصة موسكو وحميميم ومستقلين يرون في الأسد رئيساً توافقياً بالرغم من كل الدماء التي يتحمل وزرها.
أما بخصوص سلال المفاوضات، فحتى هذه لم تعد ذات أهمية عند النظام، وإن أعاد ديمستورا ترتيبها حسب رغبة الروس، وبالتالي إرجاء مناقشة الدستور والانتخابات والانتقال السياسي ومناقشة فقط سلة الإرهاب وفق رغبة الجعفري، وهذا طبعاً لم يتم له لأن السلال الأخرى هي التي تم التوافق على نقاشها مما اضطر رئيس وفد النظام إلى رفض فكرة التفاوض حتى إسقاط بيان الرياض الذي يتطرق إلى رحيل الأسد ومصيره.
مع كل هذا العبث الدبلوماسي يسابق النظام الزمن لإنجاز تقدم في الغوطة الشرقية، وعقد مصالحة في الغوطة الغربية، حيث يمطر بيت جن والقرى المحيطة بها بصواريخ "فيل" والبراميل، والتقدم أيضاً نحو إدلب بذريعة تنظيم "الدولة" الذي بات على أطرافها، وهذا ما يعتقد أنه على هذه المسارات تبنى صفقة التوافق مع المعارضة بالخروج من المولد بحصة لا تتعدى الرضا ببعض الوزراء في حكومة موحدة توافقية تحت راية الأسد.
السؤال الذي سيكون على المعارضة التفكير به بمسؤولية: إذا كان لا بد من الرحيل إلى "سوتشي" كفرصة أخيرة لتحقيق بعض المكتسبات من نظام يتصرف كمنتصر مع حلفاء أعلنوا نصرهم أيضاً...هل سيعطونه الفرصة بالجلوس في رأس طاولة المؤتمر ويتحلقون مع باقي الأطراف الأخرى حوله، ويهزون رؤوسهم راضخين؟.
حتى لا يكون النظام على رأس الطاولة لا بد من إنجاز ما يكذّب تصريحات ديمستورا حول أن المعارضة وحيدة لا داعم لها، وحتى أقوى داعميها أي الأتراك يفضلون الذهاب إلى "سوتشي"..هل ستفعل المعارضة ما يجعلها تضرب يدها على الطاولة بدلاً من هزّ الرأس؟.
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية