الآن وليس غداً سيضرب حسن نصر الله تل أبيب بالصواريخ الإيرانية التي تتوعد إسرائيل بالفناء والقدس بالنصر، وكذلك سيوجه لواء القدس الفلسطيني بندقية مرتزقته من قلوب السوريين إلى جبهات القتال، حيث يحتفل الجنود الصهاينة باعتراف ترامب العظيم.
كذلك كل جماهير اللطم عارية الصدر- التي تتعارك في سوق الحميدية وأمام مقام السيدة رقية في قلب دمشق- ستتوجه عاجلاً إلى حدود فلسطين لتدعو على الصهاينة بالموت، وستنزف الوجوه والظهور العارية دماً ترتجف منه أوصال الصهاينة الكفار.
بشار الأسد لن يفكر بالوقت المناسب للرد، ولن يسكت هذه المرة كما العادة عندما تلطمه الصواريخ والطائرات الإسرائيلية على قفاه النحيل، والليلة يحضر بيان الحرب الكبرى مع حلف الممانعة ليصل أبعد من طبريا التي وصلها الأسد الكبير ذات يوم عام 1973 في حربه التحريرية الشهيرة.
العرب الأصلاء والعاربة لن تعلن احتجاجاً كلامياً فقط، ولن تركن هذه المرة لتنديد بائس في اجتماع عاجل لوزراء الخارجية أو على مستوى المندوبين...سيتشاور القادة الذين رموا أحقادهم ويعلنون ساعة الصفر الحاسمة في تاريخ الأمة التي أهانها ترامب في خطابه التاريخي الكارثي.
المسلمون في كل بقاع الأرض سيعلنون الجهاد، وبوصلته الوحيدة المسجد الأقصى وقدسه، ولن يحرقوا أعلام إسرائيل وأمريكا، ويدوسوا صور ترامب الغادر بالأحذية...المسير إلى القدس هو الهدف الأسمى، ولن تكون الحدود حاجزاً دون الوصول إلى الأقصى والصلاة في جنباته المقدسة.
نعم أنا أحلم...لن يغضب الزعماء، والمرتزقة الذي يذبحون السوريين والعراقيين واليمنيين لن يتركوا خنادقهم الجديدة كرمى للقدس...معركتهم هي الحقد الأزلي الذي تراكم عبر قرون ليصل حده على شرفات الشام وبغداد.
لن يغضب أصحاب الكراسي فهم يجلسون عليها بفضل إسرائيل، ويحكمون شعوبهم بحمايتها ورعايتها، ولن تهتز شعرة في مفرق أحدهم لهذا الحدث الجلل، وهم الذين لم تحركهم أجساد السوريين المقطعة، ولا أشلاء أطفالهم.
لن تغضب الأمة إلا قليلاً...والشعوب التي ستجوب الأزقة الخلفية ما زالت تخشى الرصاص الطائش في يد العسكر الوطنيين، وقد يعتقد بعضهم أنهم يهتفون ضد النظام العربي فيطلقون عليهم الرصاص والبراميل والصواريخ.
مسكينة مدينة السلام ووحيدة...وقد اختار المصارع الأمريكي توقيته بدقة متناهية...والمدن العربية التي كانت تحتفظ ببعض الكرامة إما مسحت بالدبابات أو دكتها الصواريخ، والشعوب التي كانت تسكنها إما فرت إلى أبعد من البحار أو تموت جوعاً وحصاراً وذلاً.
لن يقطع أحد النفط عن أمريكا هي تأخذه عنوة لأنها تحميه، ولن يسحب سفير عربي واحد من واشنطن، ولن يخرج حاكم عربي مجنون واحد ليصفعنا بموقفه المفاجئ، أو يكذّب توقعاتنا وأوهامنا في أن زمن الكرامة العربية صار من حكايات الجدات الخرفات، وأن أفضل ما يمكن أن يكون في الغد...أغنية عن العودة وبعض الدموع العاجزة...وهتافات خاسرة فقط حين لا أحد.
*ناصر علي - من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية