في الرياض تكتمل اليوم صفقة بيع ثورة السوريين في مزاد مصالح الدول المتصارعة على ملف الدم المسفوك طوال سبع سنوات، وما يجري فقط من حوارات ولقطات تلفزيونية ليس سوى مجرد إخراج لطيف للجريمة التي تساهم بها أيدٍ سورية ادعت تمثيل ثورة شعب ما زال يدفع الثمن لوقوفه في وجه طاغية يريدون غسل يديه من العار والدم.
في سوتشي الروسية يرسم الأعداء خريطة جديدة تحتفظ لهم بمصالحهم وبأعوانهم الذين صمدوا معهم في حربهم المزعومة ضد الإرهاب، وشاركهم بها أولئك الذين اتخذوا من ثورة السوريين شماعة لصراعاتهم الحدودية، وكذلك الذين يرفعون شعارات الممانعة وتحرير القدس انطلاقاً من دم السوريين.
أما جنيف القادم فليس أكثر من حفل توقيع على بازار التفاوض بين المنتصر على الدم والضحية بشهادة دولية تحت عنوان الأمر الواقع والقوة الغاشمة، وأما على الأرض فيقتسم الروس والإيرانيون والأتراك النفوذ كنتيجة حتمية للنكوص العربي وزمن الذل الذي ارتضوه لأنفسهم أولاً قبل أن يحكموا على السوريين باحتلالات ملونة الأعلام والوجوه.
قائمة المنتصرين والمهزومين ليست نهائية ومحسومة، والنظام وأعوانه الذين أعلنوا انتصارهم في أكثر من وقت ومعركة لن يحصلوا سوى على حكم الخراب والبلاد المنهكة، وإيران وميليشياتها ستوسع من رقعة الظلام واللطم لتأكل قلوب من أيدوا معارك الثأر ضد اخوتهم، وأما الروس فيحكمون ممرات الغاز وبوابة بحجم قاعدة بحرية على المتوسط.
أما قائمة المهزومين فيقف العرب في أعلاها بمالهم ونفطهم وزعمائهم المفترضين ليس لأنهم خذلوا السوريين في ثورتهم فقط، ولكنهم خذلوا أنفسهم عندما ساهموا بأموالهم في شق صف الثورة وإعلاء راية التطرف التي امتدت إلى رقاب الناس، واليوم تشهد عواصمهم -التي أغلقت في وجه الهاربين من عسف سطوة النظام– التوقيع على بروتوكولات الاعتراف بالقاتل وتنصيبه على دم الأهل.
الأيدي السورية أيضاً تحضر في كل مؤتمرات العار، وهؤلاء السوريين الذي ارتضوا دون سقف الثورة ودون مطالب السوريين في العدالة ومحاسبة القتلة يقفون بالتساوي مع المتآمرين لكثر عليهم، وأغلبهم ارتضى بمال الذل في لحظة موقف الشرف ومصير وطن وشعب.
ما تم تسريبه بالأمس من مقررات لمؤتمر الرياض سيكون دون سقف مطالب السوريين، وسيمنح القاتل فرصة للبقاء والتفاوض، ومزيداً من الدم وزهقا للأرواح على الأرض السورية، وشرعية ولو كانت مؤقتة لكل ما تم ارتكابه من مجازر وانتهاكات، وأيام طويلة قادمة للمعتقلين في سجونه، ونشوة انتصار لمؤيديه وميليشياته.
أما العار فسيلاحق العالم الصامت، والعرب المرتهنين، والسوريين الذين اعتقدوا أن الثورة ارتزاق وفنادق ونفقات بالعملة الصعبة وأداروا ظهورهم لاستغاثات المحاصرين والجائعين والثائرين من أبناء شعبهم.
أما الثورة ذاتها فمنتصرة لا محالة ما دام هناك سوري واحد يحمل جذوتها التي انطلقت ذات يوم على جدار مدرسة بأيدي أطفال كتبوا دون خوف...يسقط القاتل...تحيا سورية.
*ناصر علي - من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية