أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

هل وقعت الحكومة ضحية اللغة المزدوجة حول الجهوزية اللازمة لإدخال المشغل الثالث؟؟...من الجهة المسؤولة عن تأخير تهيئة المتطلبات اللازمة لإدخاله

لا يكاد يختلف اثنان حول الآثار الاقتصادية «المالية والمعنوية» التي ترتبت على تأخر دخول المشغل الثالث إلى السوق السورية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لكن بعض الممارسات التي نشهدها خلال الفترة الحالية التي تفصلنا عن دخوله، إنما تحتاج إلى تدقيق ومتابعة لما تضيفه من ضرر لسنا بحاجة إلى المزيد منه، سواء منها تلك التصريحات التي تملأ فراغ هذه الحقبة، أم ذلك التوزيع البائس للمسؤوليات، تعمية عن الأسباب الحقيقية لتأخره..
ولتوضيح سياق الأمور يجدر الذكر بأن عقود التشغيل المبرمة بين مشغلي الخليوي الحاليين، وبين مؤسسة الاتصالات، تنص على أنه يستحق دخول المشغل الثالث بعد سبعة أعوام من تاريخ تزويد المشغلين بـ «أمر المباشرة».
لكن الحكومة، قامت بسحب تصديقها على العقود المبرمة ومن ثم حولت هذه العقود لدراستها في مجلس الشعب، وبذا فقد تريثت مؤسسة الاتصالات في استصدار أمر المباشرة لحين حصولها على التصديق من مجلس الشعب..
ولحوالي عام وأربعة أشهر ونصف «من 14 شباط 2001 إلى 29 حزيران 2002» انتظرت مؤسسة الاتصالات المصادقة على العقود «من قبل مجلسي الشعب والوزراء»، لتقوم بعدها باستصدار «أمر المباشرة» إيذانا ببدء العمل التجاري لمشروع الخليوي.
هذه الفجوة الزمنية «وقدرها عام وأربعة أشهر ونصف» التي استغرقتها عملية المصادقة، رتبت خلافا شديدا بين الأطراف المتعاقدة حول تاريخ بدء العمل الفعلي لمشروع الخليوي في سورية «وما يترتب عليه من خلاف حول تاريخ دخول المشغل الثالث، وقد وصل الأمر إلى عهدة القضاء الإداري في الدولة للبت فيه.
مشغلو الخليوي -من جهتهم- يتمسكون بنصوص قوانين التعاقد السورية التي تفيد بأن «أمر المباشرة» هو الكلمة الفصل في بدء سريان العقود، ما يعني بأن تاريخ دخول المشغل الثالث يستحق في حزيران 2009 «لأن أمر المباشرة صدر في حزيران 2002»..
أما مؤسسة الاتصالات فتقول إنه لا ذنب لها في التأخر باستصدار أمر المباشرة، منحية باللائمة على إلغاء إيقاف العقد من قبل الحكومة «بعد تصديقه فعليا في شهر نيسان 2001 ومن ثم توقيفه وعرضه على مجلس الشعب»، وبذا تتمسك المؤسسة بتاريخ شباط 2008 كموعد لدخول المشغل الثالث.
ولأن الموعد الذي تدافع عنه مؤسسة الاتصالات لإدخال المشغل الثالث قد مضى منذ شباط الماضي، فقد نشط البعض في إطلاق جملة من التصريحات الإعلامية التي لا ما فتئت تقلل من أهمية هذا المشغل، وهو ما يزيد المخاطر المالية التي لا يحتمل قطاع الاتصالات الخليوية مزيدا منها.

فلتتوقف التصريحات المغلوطة
رأفة بالاقتصاد الوطني

لم يقف القائمون على قطاع الاتصالات عند حدود الصمت إزاء فشلهم في تنفيذ وعودهم بإدخال المشغل الثالث في أوانه، لا بل، وبدلا من العمل حثيثا لتكريس متطلبات إدخاله، فقد هرعوا خلال الأشهر الأخيرة إلى تسييل مجموعة من التصريحات الإعلامية المتضاربة حينا، والتضميدية لنزيف تأخره حينا آخر..
ولأن الجميع لا يزال يتجاهل إجراء دراسة «ولو سطحية» تتناول حجم التطور المتوقع على سوق الخليوي واتساعه «كما ونوعا»..
ولأن غياب مثل هذه الدراسة، يجعلنا أسرى للنظرية «الدارجة» التي تقول: «المشغل الثالث سيقتسم السوق مع المشغلين الحاليين دون عوائد مغرية للخزينة»..
ولأن هذه النظرية لا تتعدى كونها توقعات «ارتجالية» بمحدودية السوق، وقد يساء فهمها باعتبارها تقليل «غامض الأهداف» من الجدوى الاقتصادية لدخول المشغل المنتظر..
ولأن مثل هذه التوقعات «الارتجالية» قد تفهم على أنها بمثابة «تحذير» للشركات الراغبة بالعمل كمشغل ثالث، يوحي لها بتدني استثمارية السوق السورية، وبالتالي فعليها خفض سقف توقعاتها من سوق الخليوي في سورية، وما يعنيه ذلك من تخفيض لحجم تصوراتها عن ثمن الرخصة «أو الحصة التعاقدية» التي يمكن أن تدفعها لقاء الدخول إلى هذه السوق..
ولأن انخفاض ثمن الرخصة «أو الحصة التعاقدية»، قد يفسره «سيئو النية» على أنه إضرار بالاقتصاد الوطني، وخاصة أنه لا يستند إلى أي معطيات ووقائع؟!..
وبالنتيجة.. ولأن التصريحات «غير المسؤولة» قد تتحمل ثمنها الواردات الحكومية التي لا ينقصها مزيد من التقهقر.. لكل ذلك، يبدو لزاما علينا جميعاً البحث والتمحيص حول الصعوبات التي تحول دون إدخال هذا المشغل حتى الآن إسهاما في تذليلها، وخاصة أن زمن التأخر يتم ملؤه- وبغض النظر عن النوايا- بمجموعة من مواقف الـ«تبخيس» لقدره ولجدواه المالية، عطفا على «تبخيس» السوق التي تنتظره!!..

تاريخ التحضيرات لدخول المشغل الثالث
منذ منتصف العام الماضي، انطلقت التحضيرات لدخول المشغل الثالث للخليوي في سورية.
وعقب العديد من الاجتماعات التي ضمت مختلف الأطراف المعنية بتهيئة البيئة التمكينية لدخول هذا المشغل، اتضح جليا بأن البنى التحتية الاتصالاتية غير جاهزة لاستقباله:
فبدءاً بالطيف الترددي الذي لم تستطع مؤسسة الاتصالات إعطاء المشغلين الحاليين أكثر من 60% من الحزمة المتعاقد عليها، فكيف إذا ستوفر الحزم اللازمة للمشغل الثالث..
مرورا بدارات الربط الأرضية «وهنا يكفي أن نعلم بأن عشرات الطلبات التي قدمها كلا المشغلين للحصول على دارات الربط تلك، تكدست في أدراج المؤسسة لعدم توافر القدرة على تخصيصها، ما يعني أن طلبات المشغل الثالث هي أيضاً ستستقر إلى جانب تلك الطلبات، ليس أكثر».
وصولا إلى الصيغ المالية والتعاقدية التي تحتاج إلى دراسة معمقة وتفصيلية تأخذ بعين الاعتبار وضع المشغلين الحاليين «سيريتل، أم تي إن» اللذين لا تستطيع المؤسسة «قتلهما تنافسيا»، ذلك أن حصتها من وارداتهما تكاد تكون الأعلى في العالم «تحصل المؤسسة على 50% من مجمل إيرادات المشغلين حاليا»..
هذا الواقع المتردي للبيئة التمكينية الفنية، دفع بالمؤسسات المعنية، وعلى رأسها الوزارات التي تشغل الحيز الأكبر من الطيف الترددي، إلى إبداء مرونة كبيرة في استعدادها لتحويل بعض أنظمتهما، في مسعى لتفريغ القسم اللازم من الطيف الترددي لسد حاجة المشغل الثالث منه، مقابل دفع ثمن التجهيزات اللازمة لذلك.
أما الشركات الأجنبية العاملة في ميدان المقاسم، فهي الأخرى أبدت استعدادها للإسراع بإنجاز عملية التوسعة المطلوبة على المقاسم..
لكن كل ذلك يحتاج إلى الوقت والمال لإنجازه..

معلومات متضادة حول جهوزية البنى التحتية
الوثائق الخاصة بالفترة التي ساد فيها النقاش حول جهوزية المؤسسة لإدخال المشغل الثالث قليلة نوعا ما، إلا أن ما يتوافر منها لدى «الوطن» لهو كاف للبت في عدم صراحة- وتضليل- معظمها إزاء إمكانية دخول هذا المشغل ضمن المهل الزمنية التي خاضت الحكومة لأجله خيار القضاء مع المشغلين الحاليين..
ففي مطلع تشرين الأول من العام الماضي، وصل لمؤسسة الاتصالات كتاب سطر رئيس مجلس الوزراء حاشيته عليه، مطالبا إياها بالرد على المعلومات الواردة من وزارة الاتصالات، ومفادها عدم قدرة البنى التحتية على استقبال المشغل الثالث وانعكاسات ذلك على قضية التسوية مع مشغلي الخليوي..
المؤسسة التي طولبت بالمساهمة في انقشاع الغموض، ردت على كتاب رئيس المجلس في الرابع من تشرين الأول، بدراسة تزخر بالكثير من الغموض المشوب بـ«الهمهمة»..
وللتوضيح، نورد تاليا بعض ما يتعلق من تلك المعلومات بقضية المشغل الثالث..

استظلام.. اعتراف.. نكران
في البند الثالث من الرد الذي دبجته المؤسسة إجابة لاستيضاح رئيس مجلس الوزراء جهوزيتها لاستقبال المشغل الثالث، تعترف الاتصالات صريحا بتأخرها في تحقيق الجهوزية اللازمة لدخوله!.. وهي تقول «الوثيقة رقم 1» ضمن كتاب الرد:
«إن اللوم الذي جاء في المذكرة مذكرة وزارة الاتصالات مرفقة بحاشية رئيس مجلس الوزراء» حول تقصير إدارة المؤسسة «في إنجاز البنى التحتية» خلال الفترة 2001- 2005 لم يكن عادلا، إذ أهمل الأسباب المعرقلة من جهة، وأهمل ذكر جهود المؤسسة لتطوير مشاريعها للبنى التحتية وفق الإجراءات المتبعة التي لا تملك المؤسسة ولا السيد الوزير صلاحية تجاوزها، وقد أغفلت المذكرة (مذكرة الوزارة) ما يسببه عدم مرونة تلك الأنظمة من عرقلة العمل.. ولو امتلكت «المؤسسة» المرونة الكافية كما هو في الدول المجاورة لكانت في مصاف المؤسسات المتقدمة في المنطقة..
وبعد ذلك بأسطر قليلة، تناقض المؤسسة نفسها حين تتابع في ردها بالقول:
«يمكن إيجاد حلول لبعض الصعوبات الموجودة مثل الترددات والشبكة الفقارية وغيرها، فتجارب الدول الأخرى تبين أنه يمكن إدخال أكثر من مشغلين ويرى مجلس الإدارة أن إدخال المشغل في حينه يحقق فوائد للمؤسسة ولتطوير قطاع الاتصالات عبر تفعيله للمنافسة بين الشركات المشغلة»..
في الحقيقة، لا يستدعي رد مؤسسة الاتصالات آنف الذكر الكثير من التمعن حتى تتبين ركاكته وخفته «وعنجهيته» إزاء قضية هامة كقضية المشغل الثالث.
ففي أول الرد، تعترف المؤسسة- متظلمة أمام رئيس الحكومة- بأنها غير جاهزة فنياً، موردة أسباب تأخرها في إنجاز ما هو مطلوب منها لإدخال المشغل الثالث.. ومن ثم لا تلبث في آخر ردها أن تنقلب إلى «رؤيتها العظيمة» حين تقول: «يرى مجلس الإدارة أن إدخال المشغل الثالث في حينه يحقق فوائد للمؤسسة ولتطوير قطاع الاتصالات...»؟!..
أستطيع- شخصيا- أن أجزم بأن الملايين السبعة عشر من السوريين يعلمون بأن لإدخال المشغل الثالث «فوائد عظيمة»!!.. وكان يمكن لمجلس إدارة مؤسسة الاتصالات أن يوفر هذه الجملة ويفسر للحكومة إخفاقه «السابق واللاحق» في توطيد البنى التحتية اللازمة لإدخال هذا المشغل ضمن المهل الزمنية المحددة..
أما من حيث التهكم الذي يبديه الرد إزاء القوانين والنظم الإدارية التي منعت المؤسسة عن القيام بواجب التحضير لإدخال المشغل الثالث، فلعل الكثيرين يعلمون بأن المؤسسة استطاعت في ظل هذا الواقع القائم، إبرام حزمة خيالية «مالياً وتعاقدياً» من العقود ومذكرات التفاهم لمشاريع أخرى.
فلماذا كانت المؤسسة تتمتع بالمرونة في كل العقود «مرونة تحلم بها حتى الشركات العائلية»، وتشتكي من المرونة حين يتعلق الأمر بالعقود اللازمة لإدخال المشغل الثالث؟!..


الأسوأ آت
كما يتبين، ولأن المعلومات الواردة في رد المؤسسة على رئيس مجلس الوزراء لا تنطوي على إجابة كافية «أو حتى مفهومة» حول إمكانية إدخال المشغل الثالث، فقد اضطرت الحكومة «ممثلة بوزارة الاتصالات والتقانة» إلى توجيه كتاب آخر يطلب إجابات مباشرة وصريحة حول جهوزية إدخال هذا المشغل..
الكتاب الذي وصل إلى مؤسسة الاتصالات في الثالث عشر من تشرين الثاني، تضمن طلبا وزاريا يعلمها برغبة الحكومة بإدخال المشغل الثالث «في أقرب وقت ممكن»، محددا مهلة ثلاثة أيام للبت بشكل حاسم بـ«توافر البنى التحتية الأرضية اللازمة، إضافة إلى الترددات «900-1800» وترددات الجيل الثالث، والمواعيد الدنيا التي يمكن لهذه الترددات أن تتوافر فيها...».
بعد ثمانية أيام، وتحديدا في الثالث عشر من تشرين الثاني، وصلت إلى وزارة الاتصالات دراسة تفصيلية غاية في الصراحة «والتشاؤم للأسف» حول واقع البنى التحتية وجهوزيتها لاستقبال المشغل الثالث..
ونورد تاليا بعض أبرز محاور تلك الدراسة..

انسداد في الطيف الترددي والبنى التحتية
تجاوبا مع الطلب بوضع إجابات مباشرة حول الجهوزية اللازمة لإدخال المشغل الثالث، وعقب جملة من الفقرات التي تتناول مختلف مفاصل الطيف الترددي، والبنى التحتية الأخرى، تقول الدراسة التي قام عليها فنيو مؤسسة الاتصالات حرفيا «الوثيقة رقم 3»:
«.. مما سبق، يتبين أنه بحالة تم إنجاز البنى التحتية اللازمة فهذا لن يكون قبل سنة ونصف السنة من تاريخه، أما بالنسبة لمشكلة الترددات فقد بينت الجهات المعنية. أنه بحالة حصولها على التمويل والاعتماد اللازم لاستبدال تجهيزاتها الشاغلة للمجال الترددي المطلوب فإن ذلك يتطلب سنتين اعتباراً من تاريخ تأمين التمويل... يرجى الاطلاع».
بهذه الجملة الصريحة، ختم فنيو مؤسسة الاتصالات ردهم على السؤال الجوهري المتعلق بالزمن اللازم لتأمين الجهوزية الفنية الكفيلة بإدخال المشغل الثالث..
في الحقيقة، لا أجد- شخصيا- أياً من هذه العبارات غير مفهوم، فهي لم تدع مجالا أمام من يريد أن يفهمها خطأ، أو يؤولها لغاية في نفسه..
فهل يمكن القول إن ثمة من مرر بعض المعلومات الخاطئة، لمجلس إدارة المؤسسة أولا، ومن ثم للحكومة حتى أقنعها- خطأ- بإمكانية إدخال المشغل الثالث في موعده؟!..
وما مصلحة من مرر تلك المعلومات في رفد الحكومة بكل ما من شأنه إيصالها إلى «عنق زجاجة»؟؟..

وبعد أن وقعت الواقعة
كيف نعالج لغة «الهمهمة»؟!

تعود بنا الذكريات إلى المؤتمر الإنتاجي السنوي لمؤسسة الاتصالات الذي انعقد مطلع العام الحالي..
حينها وضمن جلسات المؤتمر، استخدم البعض لغة «الإشارات»، مهمهماً بأن دخول المشغل الثالث تحكمه أعراف أخرى، أشاروا إليها بحركات تشبه حركات «ظرفاء السيرك» محاولين القول إن المؤسسة جاهزة لاستقبال هذا المشغل في موعده، لكن ثمة ما يمنعها من إدخاله؟!.
وبعدما أفصحت الوثائق عن تخاذل الناطقين بلغة الإشارات عن تأمين البنى اللازمة لإدخال المشغل الثالث، يتضح لنا بأن هذه اللغة لم تظهر مصادفة خلال المؤتمر الإنتاجي ذاك، بل هي ممارسة مستمرة يتأبطها البعض كلما دعت الحاجة إلى تبرير تأخره في عمله.. أو لتوظيف القضية في تحقيق أهداف تخصه وحده، وخارج سياق الأهمية الاقتصادية والتنموية لدخوله؟!..
وبذا يجب أن يحاسب الناطقين بهذه «الهمهمة» لدى تناولهم لقضية وطنية كقضية المشغل الثالث، أو على الأقل فهم معاني هذه اللغة جيدا، درءا لمفاعيلها الاقتصادية والاجتماعية..
ولأننا نستطيع التحدث في الجانب الاقتصادي فقط، فيمكننا القول إن انهمار مختلف الشركات الإقليمية والعالمية للفوز بدور المشغل الثالث في سورية، إنما يؤكد أن هذه الشركات قد درست السوق السورية ووجدتها «واعدة» على عكس ما يتم ترويجه من خلال «همهمة» مسؤولي القطاع الذين يحاولون- وبشكل مريب- أن يبرهنوا عكس ذلك..
ويبقى أن تضع الحكومة في سلم أولوياتها إطلاق ورشة عمل مهمتها: البحث الجدي حول الأسباب التي أدت إلى تأخر إدخال هذا المشغل، وتلافيها سريعا، بغض النظر عن أسباب التلاعب بالمعلومات حول هذا الأمر.. ذلك أنه، وما لم توضع الأمور في نصابها الصحيح، فمن المؤكد أن الحكومة ستظهر بمظهر «المتهم» في أعين شعبها مرتين:
الأولى بتأخرها في إيصال هذا المورد الحكومي المنتظر إلى بر الأمان في الخزينة العامة، ومن ثم انعكاسه على خبز الناس ودوائهم وتدفئتهم..
والمرة الثانية: اتهامها بالتأخر في تسهيل التنافس الذي سيعود على شعبها بانخفاض تكاليف الخدمة «كما سمعنا خلال الآونة الأخيرة»..
ولعل جل ما نخشاه، هو أن يكون التسلسل «نزولا» في التصريحات المتتالية حول استثمارية دخول هذا المشغل، ليس إلا عملية «ترويض مبدئية» استباقا لـ«الحقيقة المرة» التي تتمثل بعدم القدرة على إدخال هذا المشغل خلال الأزمنة المنظورة..


 

من الوثائق تتبين عجائبية التصريحات «التخديرية» التي سمعناها على مدار العام الحالي حول دخول المشغل الثالث..
فالمعلومات واضحة بأن المؤسسة غير جاهزة لاستقباله؟!. والجميع في قطاع الاتصالات يعلم ذلك؟!..
فلماذا إذا قال البعض إن دخول المشغل الثالث سيتم هذا العام؟؟
ولماذا عادوا وقالوا إن الحكومة لم تقرر بعد إدخاله؟؟
ولماذا حاول آخرون الإيحاء بأنه لا يمكن إدخال المشغل الثالث دون إقرار قانون الاتصالات؟؟..
ولماذا تم ذر الرماد في أعين الحكومة حتى دفعت لاتخاذ بعض الخيارات بناء على معلومات مغلوطة؟!..
ولماذا، وهو الأهم، لم يتحرك- حتى الساعة- أصحاب التصريحات الرنانة لتحضير البيئة التمكينية لإدخال هذا المشغل ضمن الأزمنة التي تدافع الحكومة عنها؟؟..


 

«وثيقة رقم 1»
كتاب مؤسسة الاتصالات إلى رئيس مجلس الوزراء بتاريخ 4/11/2007، الذي تجيب فيه عن جهوزيتها الفنية لاستقبال المشغل الثالث.. في البند الثالث من الكتاب تعترف المؤسسة بعدم قدرتها على إدخال المشغل الثالث، عازية ذلك إلى مجموعة من الأسباب المعرقلة التي لا يمكنها تجاوزها «لا هي ولا وزارة الاتصالات». وفي الفقرة التالية تعود المؤسسة لتقول إنه يمكن إيجاد حلول لبعض الصعوبات التي تحول دول إدخال هذه المشغل، مبرهنة ذلك بقولها «فتجارب الدول الأخرى تبين أنه يمكن إدخال أكثر من ثلاثة مشغلين»!.. لكنها لم تقل كيف؟!!.


 

«وثيقة رقم 3» صدرت بعد أسبوعين
مؤسسة الاتصالات تقول إنها غير جاهزة أبدا لاستقبال المشغل الثالث، وتحتاج إلى عام ونصف لتكريس البنية الفقارية اللازمة لإدخاله، وبالتزامن تحتاج فترة عامين لتهيئة البنى التحتية اللازمة لإدخاله، وذلك بدءا من لحظة تأمين التمويل للجهات الشاغلة؟!.
وطبعا فالتمويل لم يتم تأمينه حتى هذه اللحظة..

علي هاشم - الوطن
(107)    هل أعجبتك المقالة (99)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي