إنه الحنين إلى مخيم "اليرموك"..يتقاسمه مؤيدو الأسد ومعارضوه من الأشقاء الفلسطينيين الذي عاشوا في سورية وولدوا فيها، والمخيم ملاذهم الأمين وذكرياتهم الطيبة في بلد لم يقدّم لهم سوى الحب حتى صار الحنين إلى قطعة صغيرة من الأرض بجوار دمشق يشبه الحنين إلى فلسطينهم المغتصبة.
كذلك الأمر بالنسبة لنا نحن السوريين الذين ارتبطنا باليرموك مخيماً ومشواراً وذكريات، وفيه لكل منا حكاية وسهرة وصديق، وفي السنوات الأخيرة التي سبقت الحرب صار المخيم سوقاً وتجارة، وأصبحت العوائل السورية في جنوب العاصمة ومن كل جهاتها ترى في المخيم سوقها ومشوارها وتسليتها.
اليوم المخيم بين ناري داعش والأسد، ومن جانب النظام كل الفصائل المتحالفة معه تطلق النار على عمق حنينها، وتتهم "النصرة" و"حماس" بخراب المخيم، وأما هي التي تقاتل ضد السوريين في كل شبر فلسطيني تحت مسميات الأقصى والقدس وجيش التحرير فلا بأس عليها في كونها تتحالف مع عدو السوريين وقاتلهم.
الأدهى أن بعض هؤلاء ذهب لأبعد من الأسد حيث الداعم الأكبر، وصاحب الأمر فتحالفوا معه، والأغرب أن بعضهم يقاتل بعض في المخيم ويقبل يد الإيراني في طهران وفي دمشق أيضاً، حيث صارت المستشارية الإيرانية حسينية وعاصمة، أو في السيدة زينب، حيث يؤسس الإيرانيون لدولتهم التي تحاصر الشام من جنوبها ويبنون ما يحاصرها من كل جهاتها في الأيام القادمة.
أصحاب قضية فلسطين استبدلوا أعداءهم وأصدقاءهم، وحتى بندقيتهم لم تعد ترى في القدس غاية الغايات، وقبلة المنتهى والتي تصبو الأرواح إليها، واستبدلوها بالحنين إلى المخيم وحواريه، وأما الأعداء فهم الأهل قبل قليل، والأصدقاء هم أعداء أصدقاء الأمس، ولذلك لا يستغرب السوري أن يطبع عبد الله شلح وشيوخ حماس قبلة على جبين القاتل قاسم سليماني في عزاء والده، وهم الذين قبلوا يد خامنئي الذين لم يقدروا على فراقه والقطيعة معه كرمى لدماء السوريين المراقة.
فلسطينيو سورية (حلفاء الأسد) لم يدركوا بعد حجم جنايتهم بحق الشعب الفلسطيني الذي عانى ويلات الغربة والأبعاد والحنين، وفي أغلبه بات يدرك ما يحاك ضده وضد قضيته الأم فلسطين، وأن إضاعة الهدف والبوصلة لا تصب إلا في خدمة الهدف الإسرائيلي في إبعادهم من جوار أرضهم إلى حيث غربة جديدة وتيه جديد يسقط حق العودة، ويذهب بفلسطين إلى النسيان في قلوب الأجيال التي ستولد في المنافي.
لا تمر فلسطين من جبين القاتل سليماني أيها الإخوة المضللون والضالون، وفلسطين لا تبدا معركتها من طهران وإنما يبدأ ضياعها بالتحالف مع المتحالفين خلسة مع الصهاينة، والمتكالبين اليوم على أرض سورية ومحيطها العربي ولا يرونها أكثر من ثار قديم يريدونه.
*ناصر علي - من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية