شهد الأسبوع الفائت في ما يسمى مجازا بلدنا سوريا حضوراً لونياً طاغياً، ولكنه لا يسر الناظرين كالبقرة التي وصفها النبي موسى عليه السلام لبني إسرائيل نقلا عن ربه "إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ".
ولا أعلم إن كان الحضور لونياً فقط، أم أن بني إسرائيل هذا العصر حاضرون أيضاً، هذا باستثناء الضربات العسكرية التي وجهتها إسرائيل لمواقع دفاع جوي تابعة للنظام شرق دمشق، رداً على قذائف أطلقت على الجولان الذي كان يعتزم تحريره "عصام زهر الدين" كما قالت والدته خلال مراسم جنازته التي شهدت أعلاما مختلف ألوانها "أخضر أحمر أصفر أزرق أبيض" لا علم لي بمدلولاتها.
الاحتفالية اللونية الأخرى، كانت في الرقة، وهذه المرة تم إلغاء اللون الأسود، والأسود كما يقول أهل الفيزياء والفلسفة والفن، ليس لوناً، بل هو انعدام الرؤية، ومنهم من قال إنه، أي الأسود، يمتص، ويبتلع كافة الألوان، بينما الأبيض وكما يقول بعض أهل الاختصاص هو امتزاج لألوان قوس قزح.
لا شأن لنا بما يقال، المهم أن الكتلة اللونية الأكثر ظهورا وبسبب رايات وأعلام وملابس وذقون عناصر تنظيم الدولة في الرقة حتى أيام قليلة مضت، كانت سوداء، ثم جاءت قوات سوريا الديمقراطية، أو كما بات يطلق عليها "قسد"، ولا أعلم إن كانت العرب أوجدت مثل هذه الاختصارات من قبل أم أنها مرتبطة بموجة (داعش، فاحش، ماحش، وجحش).
جاءت ميليشيا "قوات سوريا الديمقراطية" لتضفي على المدينة المدمرة عن بكرة أبيها لونا أصفر عبر راياتها وصورها وطلائها لواجهة المحال بألوان وشعارات صفراء.
ولا نملك هنا الحسم في أمر هذا الأصفر إن كان يسر الناظرين مثل بقرة بني إسرائيل، أم أنه كاللون الأصفر المرتبط بالجفاف والجدب والهلاك، أو كما أورد صاحب معجم المعاني "الهواء الأصفر": مرض الكوليرا، وكذلك الحمى الصفراء، المرض المعدي الناتج عن فيروس تنقله بعوضة، يصب جلد المريض بسببه أصفر، ويستفرغ دماً أسود.
الأحمر هو الآخر سجل حضوره، بل هو دائم الحضور، منذ ربيع العام 2011، ولكنه حضر في اليومين الماضيين من خلال الثياب "البيجامات" الرياضية الحمراء التي ارتداها لاعبو منتخب "نسور قاسيون".
وخلال البحث عن اللون الأحمر، والحمر، في القرآن الكريم، تبين أنها لم ترد بالمعنى اللوني سوى مرة واحدة، لكنها وردت أيضا بمعنى حيواني " كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ".
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية