أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حارِبونا واتركوا الإرهاب.. عبد السلام حاج بكري*

أرشيف

تحت مسمى الإرهاب، قتل العالم المتحضر آلافا مؤلفة من أبرياء العالم في أفغانستان والعراق واليمن والصومال، وخرج مع التنظيمات الإرهابية منتصرا على شعوب هذه الدول.

العالم، كل العالم، ساهم في تكوين وتمويل وتزويد التنظيمات الإرهابية بالسلاح، وأوكلت مخابراته لها مهمات تتباين وتختلف من دولة إلى أخرى، وأوعزت لقادات هذه التنظيمات إعلان الحروب على من تشاء من الدول لتوجد المبرر المطلوب لإطلاق الحرب المضادة تحقيقا لمصالحها الاقتصادية أولا ومن ثم العسكرية والسياسية.

انتهت الحرب على الإرهاب في بعض الدول ولم تنته التنظيمات الإرهابية، ولعلها باتت أقوى وأكثر انتشارا، ففي أفغانستان تعيش "قاعدة الجهاد" و"طالبان" وضعا أفضل مما كانت عليه قبل أن يحاربها الغرب، وكذلك الحال في الصومال واليمن، ليس هذا فحسب، بل دفعت الحروب هذه التنظيمات للخروج من كهوفها والتوزع في جغرافيا أوسع وصلت سوريا والعراق وليبيا وإفريقيا، ولا تزال في حالة تمدد.

رغب السوريون لو يشاركهم العالم حربهم على بشار الأسد أكبر إرهابيي الكون، لكنه بادر لمشاركتهم حربهم على تنظيم "الدولة (داعش) الذي يمكن وصف أعماله وممارساته بحقهم بأنها ناعمة مقارنة بأفعال الأسد.

كان بشار الأسد أكثر الناس سعادة بحرب العالم على الإرهاب فانخرط فيها علانية، فيما كان يزوّد "داعش" بالسلاح والذخيرة بسرية مفضوحة مسكوت عنها، فقد وجد فيها فرصة لتمديد بقائه في الحكم لأجل غير واضح المعالم. 

حاول صغار اللاعبين في سورية والمنطقة الانخراط في هذه الحرب المشهدية على الإرهاب، وعرض كل منهم خدماته، علّه "يلحس إصبعه" عقب الانتصار المحتوم على العدو المزعوم المسيّر مخابراتيا.

جزء كبير من المشهد اكتمل بالأمس، وقد تم الإعلان عن هزيمة "داعش" في الرقة، لكن الإمعان في المشهد يوضح أن لا حرب قامت ضد التنظيم، وأن الكبار والصغار اتفقوا على خروجه من المدينة بحمايتهم ورعايتهم، وأن الحرب كانت فقط على المدنيين، وقد تمكنوا من تحقيق انتصار ساحق فيها، فقتلوا الكثيرين وهجّروا أعدادا كبيرة منهم، دخلها "قسد" على أجساد هؤلاء فيما ألقى التحية على عدوه المزعوم وهو يغادر إلى حرب جديدة. 

في دير الزور يشارك الأسد مع روسيا وإيران طيران التحالف في حرب مشابهة يقتل المدنيين ويحتل المواقع التي خسرها منذ بداية الثورة السورية، أو بصيغة أدق يدخلها بعد انسحاب "داعش" منها وفق اتفاقات معدّة مسبقا.

هذه الحرب الكونية على الإرهاب كلفت السوريين ثمنا باهظا فوق كل ما دفعوه من أجل حريتهم دون أي مقابل، ولعلّها كانت أقل خسارة لو أعلنها كل الأعداء دون مواربة حربا عليهم، فهم في هذه الحالة سيعملون على الدفاع عن أنفسهم أمام عدو واضح، وربما عملوا على مقاومته فجعلوه يخسر شيئا ما.

أما أن يموت السوريون وهم الذين يحاربون الإرهاب حقيقة بكل أشكاله ولبوسه خلال حرب العالم على الإرهاب، فهو إرهاب أشد وأكثر وقاحة مما فعل "داعش"، لكن كان هذا قدر السوريين من بداية الثورة، حيث تفرّج عليهم العالم وهم يموتون ببراميل الأسد وسلاحه الكيميائي وإرهاب الميليشيات الطائفية متعددة الجنسيات إضافة لصواريخ المصارع بوتين.

*من كتاب "زمان الوصل"
(122)    هل أعجبتك المقالة (118)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي