داخل غرفة ضيقة بأحد الفنادق في مدينة "إعزاز" (شمال غربي مدينة حلب) يعيش ستة أشقاء يعانون من شلل كامل منذ ولادتهم رهن المحبسين: الإعاقة واللجوء فريسة للبؤس والحرمان، دون أن تمتد إليهم يد الاهتمام أو الرعاية من أي جهة إغاثية أو طبية بعد أن هُجروا من منزلهم في إحدى قرى دير الزور منذ خمس سنوات.
وكان الأشقاء الستة قد ولدوا تباعاً مصابين بالشلل الرباعي نتيجة زواج الأقارب لأن والديهم أبناء عمومة، بينما ولد أشقاء ست لهم سليمين من الإصابة، والأشقاء الستة ثلاثة ذكور وثلاثة إناث وهم "بسمة المحيمد" من مواليد 1985 وهي مقعدة إضافة إلى إعاقتها، و"فادية المحيمد" من مواليد 1980 مصابة إضافة للإعاقة بشلل يمنعها من الحركة.
و"محمد المحيمد من مواليد 1987، و"محمود المحيمد" من مواليد 1987. و"خلف المحيمد" من مواليد 1989 و"رقية المحيمد" من مواليد 1998.
بدأت رحلة الأشقاء الستة مع المعاناة نهاية العام 2012 عندما اضطر ذووهم لنقلهم من قريتهم "المريعية" بريف دير الزور الشرقي المحاذية لمطار دير الزور العسكري بسبب قصف الطيران وعمليات القنص ليسكنوا في بلدة "البوليل" التي لم تلبث أن تعرضت للقصف أيضاً، فهربوا إلى بلدة "خشام" و"مراط" وبعد بدء حملات تجنيد الشبان، وخشية العائلة على أبنائها السليمين هربوا مجدداً إلى منطقة "إعزاز" بريف حلب.

وروت "فاطمة المحيمد" شقيقة المعوقين لـ"زمان الوصل" أن أحد المهربين طلب منهم ثلاثة ملايين لإيصالهم إلى مناطق آمنة إلى حد ما، فيما طلب مهرب آخر 700 ألف لإيصالهم إلى منطقة لا تبعد أكثر من ساعة عن مناطق سيطرة تنظيم "الدولة" ومن هناك -كما تقول- انتقلوا إلى "إعزاز" بريف حلب، حيث يقطنون الآن في فندق يتقاضى 5 آلاف ليرة كأجرة يومية منهم.
وتضيف محدثتنا أنها بحثت مع عائلتها طويلاً عن أماكن إيواء في "باب السلامة" و"سوسيان"، ولكن دون جدوى مضيفة بأنهم هربوا من أجواء الحرب في دير الزور، ولكنهم فوجئوا بأن الوضع في أماكن النزوح ليس أفضل حالاً، حيث لا تتوفر حمامات ولا شروط مناسبة للسكن.
وأكدت محدثتنا أن أشقاءها المعوقين دائمو الصراخ والبكاء كالأطفال وثمة صعوبة شديدة -كما تقول- في ضبطهم والتعامل معهم وخصوصاً أنهم بالغون وليسوا صغاراً، مضيفة أنها مع شقيقتها السليمة تعانيان أشد المعاناة في حملهم أثناء الذهاب إلى الحمام أو الانتقال.
وأردفت شقيقة المعاقين أن سوء تغذيتهم وقلة حركتهم يفاقم وضعهم من سيئ إلى أسوأ، علاوة على وضعهم النفسي الصعب جراء البقاء في غرفتهم وعدم الخروج إلا إلى الممر الخارجي للغرفة ليقتلوا الوقت.
وأعربت عن أملها بتأمين مسكن يؤوي عائلتها وتغطية نفقات أشقائها المصابين من أكل وشرب وأدوية، أو توفير عمل لها ولشقيقتها لتتمكنا من إعالتهم.
وكانت المنظمات الإنسانية قد حذّرت من خطورة الوضع الإنساني المأساوي الذي يعيشه عدد كبير من المعاقين سواء المصابين جراء الحرب أو ممن يحملون إعاقات منذ الولادة في سوريا.
ووفقاً لما نشرته مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة فإن قدراً كبيراً من ذوي الإعاقات النازحين قسراً في العالم يعانون من الإهمال والتجاهل ضمن مجتمعاتهم المحلية المهجرة.
فارس الرفاعي -زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية