أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

بتوقيع "أم عبدو"..بصمات سورية على موائد لبنان

من متجات أم عبدو التي طلبت عدم نشر صورتها الشخصية - زمان الوصل

هي لا تعلم إن كانت أرملة أم لا، فزوجها الذي ابتلعته زنازين الأسد ومعتقلاته ما يزال مجهول المصير منذ سبع سنوات، هي لا تعلم أيضا إن كانت أماً أم أباً، فالأفواه الخمسة التي تطاردها لتقدم لها حاجتها من الطعام والدواء سرقت منها كل تفاصيل يومها وهي تغرقها بين أكوام الخضار الخريفيه لتصنع منها مؤونة لأبناء الطبقات "المخملية" في لبنان طلبا لما تسكت به جوع ثلاث بنات وصبي وأم عجوز مقعدة.
لا وقت للأربعينية التي فرت بعائلتها من الغوطة الدمشقية إلى لبنان لما تقمن به جاراتها من النسوة الباقيات من تسلية ولهو، إذ أجبرتها الظروف على تحويل بيتها لورشة متواضعة صغيرة تحضر داخلها كافة أنواع المؤن الشتوية من "مكدوس" وزيتون ومربيات ولبنة، إضافة لكل أنواع الدبس والمخللات، ومطبخا شاميا متأهبا عند الضرورة لتحضير كافة أنواع المحاشي والمقبلات والحلويات التي قد يطلب منها إعدادها لعرس أو مناسبة أو حفلة.

يقول "محمد القصاب" الناشط الإنساني الذي كان له دور إيجابي في إرشاد وتوجيه العديد من النسوة السوريات اللاجئات في لبنان للتوجه نحو الاقتصاد المنزلي: "إنه شعور إيجابي وجميل أنني تمكنت من إقناع اللاجئة أم عبدو الخوض في هذه التجربة الاقتصادية المتواضعة التي تعينها على كسب يسير يساهم في ردها عن حاجة الناس ويعمل على تأمين جزء من متطلبات أولادها وأمها".

ويضيف "قصاب" لـ"زمان الوصل": أم "عبدالرحيم" شامية الأنفاس عندما تتذوق نكهة ما تعده من طعام ومآدب للحفلات والمناسبات والأعراس، و"غوطانية" الإتقان وأنت تشاهد ترتيبها وحرفيتها في رصف قطع "المكدوس" الذي قامت بإعداده كمؤونه لإحدى عائلات لبنان المترفة.

في غرفتها التي حولتها لورشة صغيرة تقضي تفاصيل يومها، تقشر الباذنجان وتفرم الفليفلة، وتسلق ما يلزم سلقه، وتحضر دبس الرمان وغيره.

وسط كل هذا الإرهاق والتعب الذي يحاصر جسدها النحيل الذي أضعفه المرض والوهن تتوقف "أم عبدو" لتنثر حبها على حبيبتيها الجاثمتين على مقربه منها، طفلتها "علا" (15عاما) والتي تحلم بإكمال تعليمها وتحصيلها الدراسي علها ترد للأم شيئا من جميلها وتعبها وتضحيتها، ووالدتها العجوز الثمانينية المشلولة شللاً نصفياً حرمها المشي والحركة منذ سنوات.

تنثر أم عبدو حبها على صديقتيها الغاليتين، ترمقهما بنظرات الحب والرحمة والحنان فيورق في قلبها عزماً وقوة وأملاً بقدرتها على تأمين، كل ما تحتاجه "علا" من كتب وأقلام وقرطاسيه لتشق بها طريقها نحو مستقبلها وحلمها بأن تكون طبيبة. وما تحتاجه أمها من أدوية ومسكنات وعقاقير يومية ودائمة لأمها الجاثمة العجوز.

هي لا تعرف من منهما أمها، ومن منهما ابنتها، فعند الحب الذي يفيض من روحها التي عجنت بالتضحية والعطاء تتساوى داخل القلب الصديقتان اللتان راحتا تراقبان يديها وهي تعود لترتيب قطع المكدوس من جديد تحضيرا ليكون بصمة شامية خالدة على موائد إفطار لبنان.

عبد الحفيظ الحولاني -زمان الوصل
(179)    هل أعجبتك المقالة (180)

ساميه الشاميه

2017-10-03

أعانك الله ياأماه ... واللعنة الأبدية لصعلوك القررداحة وكل من والاه ... يوم حسابهم يقترب وسنعاقبهم.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي