• إسبر.. مصيب سلامة رجل بشار المكلف بالتعامل مع التنظيم
• "مصيب" اشترى 550 شقة في سلمية عام 2016 وحده
بينما كانت القذائف تتساقط على "سلمية"، وبينما كان أهالي المدينة يعبرون عن غضبهم من توالي سقوطها، كان أحد أبرز زعامات التشبيح في المنطقة يدلي بشهادة مهمة للغاية واستثنائية نوعا ما، فحواها الأكيد أن مصدر هذه القذائف هو النظام نفسه.
فأمام طاولة وضع عليها كأسا عصير وطبق من الفواكه، ووسط حشد ممن يفترض أنهم "وجهاء" المنطقة، انبرى "محمود عفيفة" الذي يطلق عليه مناصروه لقب "الفهد الأبيض" ليقر بالفساد الذي ينخر "أبناء الدولة" في منطقة سلمية، قائلا إن لديه وثائق تثبت ما يقول.
*بين مقطعين
في الحديث الذي لم يسرب منه سوى دقيقتين و13 ثانية، مضى "عفيفة" في شهادته عن تورط زملائه من المرتزقة في تهريب النفط والمخدرات وصولا إلى "الصواريخ والقواذف" وغيرها، متهما بالأسماء كلا من "مصيب سلامة" و"عزت اسماعيل" قبل أن يتوقف عن تعداد مزيد من الأسماء، نتيجة تحذير بعض الحاضرين له.
لكن "عفيفة" استنكر من حاول قطع حديثه، متسائلا أمام الحاضرين: "يعني بدنا نحكي لمين؟ مين دفع الأموال لاسكندر (الرائد بالقصر) مشان يروّح (يستبعد) محمود وجماعته، مشان التهريب (لأجل ضمان التهريب)".
وهنا تدخل أحد الحاضرين مدعيا أن كل ما يصل للنظام يحقق فيه، فرد عليه "عفيفة" بكلام أشبه بالصفعة: "واصل أنه بعته (أرسلته) كله وثائق"، في دلالة على أنه سبق له تقديم وثائق تدين مصيب ومليشياه بتهريب الوقود والسلاح لتنظيم "الدولة" ولكن هذه الوثائق تم تجاهلها.
وتابع "عفيفة": نحنا منحارب هون على الجبهة، وأنت متمدين (تمدهم) بالذخيرة والسلاح والمازوت والكل، لشو متمدين (تمدهم)؟".
كلام "عفيفة" لم ينقله كالعادة إعلام النظام، الذي وثق الجلسة وبث حولها تقريرا مصورا تحت بند "المصالحات"، وفي هذا التقرير ظهر نفس المكان الذي أدلى فيه "محمود عفيفة" بشهادته.
وادعى إعلام النظام في تقريره أن وفدا من وفود المصالحة زار "خنيفس" (وهي مسقط رأس عفيفة) ليبحث "الصعوبات التي يعيشها أهالي القرية مع جيرانهم".
وتحدث الأشخاص الذين استعان بهم إعلام النظام ليقفوا أمام عدسته عن "الإرهاب" و"الإرهابيين"، وضرورة حماية الأهالي من "تهديداتهم"، بينما كان "عفيفة" يلخص المشهد في مقطعه الممنوع من العرض.
*وكيل حصري
حديث "عفيفة" عن التورط الأكيد لرجال النظام ومعتمديه بتجارة السلاح والذخيرة مع "الإرهابيين"، أثار تعجب وسخرية عدد من الناشطين، لاسيما المتحدرين من "سلمية" والمهتمين بشأنها، فلـ"عفيفة" صيت إجرامي غني عن التعريف، وقد سبق لـ"زمان الوصل" أن كشفت جزءا منه في سلسلة تقارير (للاستزادة... اضغط هنا).
وعلاوة على ذلك، فإن "عفيفة" كان من أتباع "مصيب سلامة"، فما هو السبب الذي دفعه للانقلاب على "معلمه" والتشهير به، بل واتهامه بالخيانة العظمى عبر التأكيد على أن "مصيب" متورط في تزويد "الإرهابيين" بالسلاح.
الناشط والمعتقل السابق وابن سلمية "ماهر إسبر" علق على الأمر، مؤكدا أن "مصيب سلامة" ليس شخصا عاديا، بل إنه مكلف من بشار الأسد شخصيا بالتعامل مع تنظيم "الدولة"، لافتا إلى أن "سلامة" هو الوكيل الحصري لهذا التعامل في المنطقة الممتدة من "مكسر الحصان" إلى "السلمية"، والتي تضم 34 حاجزا كلها تخضع لإمرة "سلامة"، شقيق ضابط المخابرات الجوية شديد النفوذ "اللواء أديب سلامة".
وقال "إسبر" لـ"زمان الوصل" إن تعاطي النظام مع التنظيم يشمل كل ما ذكره "عفيفة" علاوة على صفقات التبادل (تبادل القتلى والأسرى)، وصفقات فتح الطرق وفك الطوق عن المجموعات المحاصرة.
ونوه "إسبر" بالثراء الفاحش جدا الذي ظهر على "آل سلامة" عقب اندلاع الثورة، كاشفا عن معلومات لديه تشير إلى "مصيب" اشترى في عام 2016 وحده 550 عقارا في السلمية، تم فراغها على اسمه.
وقال "إسبر" إن كثرة صفقات الشراء التي يعقدها "مصيب" فرضت وجود طاقم من الموظفين والمحامين، متفرغ لمتابعة معاملاته في هذا الشأن، وهي صفقات لاتقتصر على سلمية بل إنها ممتدة إلى طرطوس حيث اقتنى "مصيب" كثيرا من العقارات.
ولم يستبعد "إسبر" أن يكون كلام "عفيفة" نوعا من ركوب الموجة، لاسيما أن هناك غضبا عارما في "سلمية" على "آل سلامة" حتى ضمن صفوف الموالين، حيث لم يعد خافيا على الكثيرين دور هذه العائلة في تحويل حياة أهالي "سلمية" ومحيطها إلى جحيم، تحت ستار "محاربة الإرهابيين".. وقد يكون كلام "عفيفة" نوعا من دغدغة العواطف، يتيح له أن ينجو بنفسه من أي تحرك شعبي غاضب، سبق للمنطقة أن عاينت مثله عدة مرات، ونجح النظام في احتوائه ومنع تمدده.
ولفت "إسبر" إلى أن شرور وجرائم "آل سلامة" لاتقارن بغيرهم من الشبيحة مهما بلغت وحشيتهم، فجرائم "آل سلامة" لم توفر حتى المؤيدين، وكل ذلك في سبيل أن لاينازع "آل سلامة" أحد في حكم "سلمية" والتحكم بها، وذريعتهم جاهزة باعتبارهم أول وأكثر من "ضحى"، وأنهم قدموا من عائلتهم 150 "شهيدا"، حسب توصيفهم.
فعندما همّ النظام بتشكيل قوة عسكرية يترأسها عقيد بالحرس الجمهوري من أبناء سلمية (خالد جبر)، تعامل معه "آل سلامة" بطريقتهم فأحرقوا سيارته وهاجموا بيته، فوصلته الرسالة، كما وصلت ابن المخابرات الجوية "حسام فهد" الذي سبق أن حصل على تفويض بتشكيل قوة نظامية كبيرة تضبط أمور "سلمية"، فاستهدفوه بقذيفة أردته قتيلا.
وحذر "إسبر" من الاستهانة بحجم التجارة والتعاملات التي يديرها "مصيب سلامة" لصالح بشار في المنطقة، منوها بأن تقديرات حجمها تتراوح بين 4 و5 ملايين دولار يوميا، وهو مبلغ كاف جدا لإطالة حالة الكر والفر في تلك المنطقة، وليذق أهل "سلمية" الموت كل يوم، حسب منطق النظام، الذي لايقيم وزنا إلا لمصالحه.
وختم "ماهر إسبر" حديثه بالقول إن النظام هو المتسبب الرئيس في الموت الذي يحدق بسلمية ومحيطها، وهذا ما صرح به نشطاء ومطلعون على وضع المنطقة مرارا وتكرارا، فهناك من يطلق القذائف، وهناك من يزود من يطلقها بما يلزمه ويسد كل نقص لديه حتى يواصل إطلاقها، وقد باح "محمود عفيفة" بالسر المعلن وأدان النظام من حيث لم يرد، وهذا ما سيدخل مرتزقة النظام وفاسديه في صراع جديد، لايمكن لأحد التكهن بمدى شراسته.
زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية