أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

تاريخ نظيف للطاغية.. وبراءة من شر المعارضة*

أرشيف

بلغت الوقاحة لدى بعض من يحسبون أنفسهم على المعارضة سواء الداخلية منها والخارجية بتنظيف سجل القاتل من دم السوريين، واستبداله بمتهمين هامشيين سواء من طغمته العسكرية الفاشية أو إلصاق التهم بالخارج الذي ضللهم وخدعهم وتركهم وحدهم في المواجهة.

آخرون من هؤلاء وجدوا أن الفرار من التقصير وإيراء الذمة هو بالتعاطي العاجز مع المعركة التي طالما أقسموا أنهم لن يتركوها إلا شهداء أو منتصرين، والطريقة سهلة برفع الراية البيضاء بكرامة أي أنهم لم يخسروا المعركة ولكن القوة الغاشمة والحلفاء الأقوياء هم سبب انتصار الأسد وهزيمتهم، وروسيا وإيران الحليفتان له قوتان كبيرتان لا يمكن هزيمتهما لذلك الراية البيضاء هي ليست خسارة معركة بل انتصار من نوع آخر.

أما الحقيقة الوحيدة التي يدركها السوريون الذين لم يتخلوا عن حلم الحرية في أن جزءا كبيرا ممن خرجوا معهم بنفس الشعارات تخلوا عن حلمهم من أجل بعض المال، وارتهنوا بفسادهم وغواية الدولار لقرار الداعم العربي أو الغربي، وأن ملفاتهم الملوثة هي رايتهم البيضاء التي حرفت الثورة عن أهدافها وعن مسارها.

اليوم كثيرون يتبرؤون من مخرجات الأستانة ويرون أنها ليست سوى موافقة مبطنة على الهزيمة، والقبول بنتائجها هو إخصاء لكل أحلام السوريين ومطالبهم، وهؤلاء الذين ينؤون بأنفسهم عن شرور الأستانة هم في الوقت نفسه خضعوا سابقاً لقرارات الداعم ومانح الإقامة ودافع الرواتب بالدولار.
بالمقابل بعض من يطلقون على أنفسهم معارضة داخلية لنظام الطاغية في دمشق ذهبوا أبعد في الإثم، فهم اليوم يكتبون تاريخاً نظيفاً للطاغية، ويرون أنهم الوحيد المنقذ للوطن من شرور الآخرين، وتجد إحدى المعارضات فتوى الانقلاب هذا في السؤال التالي: (كيف يتحول المعارض إلى مدافع عن رأس النظام).

تجيب نفسها موجهة رسالة إلى جميعنا: (في كل المحافل الدولية سأقول الحقيقة التي عرفتها وهي أن التغيير في دولة مثل سورية يحتاج قرار سياسي من رأس الهرم)، لأن ما اكتشفته تأكيد لمقولة الطاغية عن المؤامرة: (عندما يخوض جولة يلتقي فيها كل صناع المؤامرات وزبانيتهم ويفهم أن المطلوب فرط عقد المنطقة بالكامل....لقد تعرفت على كل الوجوه القذرة للعالم ومازلت..ولذلك عرفت ما لا تريدون أن تعرفوه).

في كلا الحالتين من هم في الداخل والخارج يتطابقون وبطرق شتى على فكرة أن لا خيار إلا القاتل، ولا أمل إلا في الطاغية لذلك يمد أحدهم لسانه اليوم ليلعن التاريخ البعيد والقريب، ويكذب كل ما فيه من رجال وأحداث كبرى، وأن "غورو" على سبيل المثال لم يقل عندما دخل دمشق أمام قبر صلاح الدين "ها قد عدنا"..وهنا ليست الغاية سوى التشكيك بمقولة المحتل المنتقم لتاريخ الصراع، ويقابلها قبول التشكيك بكل الروايات الأخرى عن المجازر والمفقودين وبالتالي تقديم سجل جديد ونظيف للطاغية القابع في دمشق.

*ناصر علي - من كتاب "زمان الوصل"
(190)    هل أعجبتك المقالة (175)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي