تصدر حزب "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" بزعامة المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، الانتخابات التشريعية، رغم التراجع الكبير الذي أصابه مقارنة بانتخابات 2013؛ ما يمنح الأخيرة فرصة البقاء على رأس السلطة لولاية رابعة.
وحسب استطلاع رأي نشرته شبكة "إيه آر دي" الألمانية، حقق الاتحاد الممثل ليمين الوسط، 32.5% من الأصوات، وهي أسوأ نتيجة يحققها منذ عام 1949.
وتراجع "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" 9 نقاط كاملة عن النتيجة التي حققها في انتخابات 2013؛ حين حاز 41.5% من الأصوات.
ورغم هذا التراجع التاريخي، تملك ميركل الفرصة الأكبر في البقاء على رأس الحكومة المقبلة، حال نجاحها في تشكيل تحالف حاكم بعد مفاوضات يقول مراقبون إنها ستكون شاقة جدًا وستستغرق وقتًا طويلًا.
ووفق الدستور الألماني، يُشكل قائد الحزب الفائز بأكثرية الأصوات التحالف الحاكم، ولا يسحب منه هذا الحق، إلا في حال إعلانه الفشل في تشكيل الائتلاف.
ولم تبدِ ميركل حزنًا كبيرًا على نتائج الانتخابات خلال ظهورها أمام أنصارها بـ"كونراد أديناور أوس"، مقر الحزب "الديمقراطي المسيحي" في برلين.
وقالت المستشارة وسط هتافات مؤيدة من أنصارها: "لقد حصلنا على تفويض بتشكيل الحكومة".
وأضافت: "لقد حققنا أهدافنا، ولن يتمكن أحد من تشكيل ائتلاف حكومي ضد إرادتنا... كنا نأمل في نتيجة أفضل".
ويتوقع مراقبون أن يجري الحزب الفائز "الديمقراطي المسيحي" بزعامة "ميركل" مشاورات لتشكيل التحالف الحاكم مع "الحزب الديمقراطي الحر"، مرجحين أن يكون الملف الأصعب على مائدة مفاوضات الطرفين سياسات الهجرة واللجوء؛ حيث إن "الديمقراطي الحر" يتبع موقفًا متشددًا حيال فتح الباب أمام اللاجئين، وهي السياسة التي ساهمت في دخول نحو مليون مهاجر من سوريا والعراق وأفغانستان إلى البلاد في 2015.
أما مفاجأة الانتخابات الرئيسية، فتمثلت في صعود حزب "البديل من أجل ألمانيا" (يمين متطرف)، إلى المرتبة الثالثة في نتائج الانتخابات، وتحقيقه 13.5% من أصوات الناخبين.
وبذلك، حقق الحزب قفزة كبيرة للغاية، بعد 4 سنوات فقط من تأسيسه في عام 2013.
وكان الحزب المتطرف، الذي يتبع خطًا سياسيًا معاديًا للاتحاد الأوروبي، والمهاجرين والإسلام، فشل في تخطي عتبة دخول البرلمان المقدرة بـ5% من الأصوات في انتخابات 2013.
وبمجرد إعلان نتيجة استطلاعات الخروج، عمت الاحتفالات مكان خصصه الحزب للاحتفال بالنتائج في ميدان ألكسندر بلاتز الشهير في برلين، وردد أنصاره النشيد الوطني الألماني.
بدوره، قال مدير حملة الحزب ومرشحه الرئيسي، ألكسندر غاولاند، في تصريحات للصحفيين: "لقد دخلنا البوندستاغ (البرلمان)، وسنغير هذه البلاد".
وفي مقابل هذه الاحتفالات، عم القلق الأوساط السياسية الألمانية عقب ظهور النتائج، وتمكن "البديل" من وضع نفسه في موقع مؤثر بالبرلمان المقبل.
وجاء عنوان صحيفة "دي فيلت" على موقعها الإلكتروني: "انتصار حملات الخوف"، في إشارة إلى أن الحملة الانتخابية لحزب "البديل"، التي اعتمدت على نشر الخوف من المهاجرين والأجانب ومستقبل الاتحاد الأوروبي، نجحت في تحقيق أهدافها.
فيما كان عنوان الموقع الإلكتروني لمجلة "دير شبيغل": "نقطة تحول لألمانيا.. اليمين المتطرف ينجح في دخول البرلمان".
وقالت المجلة السياسية الأبرز في ألمانيا إن "نتائج الانتخابات تعتبر نقطة تحول لألمانيا؛ فالأحزاب الكبيرة تراجعت بشكل درامي، وصعد اليمين المتطرف إلى البرلمان لأول مرة".
وظهر القلق من صعود "البديل"، في خطاب "ميركل" عقب نشر نتائج الاستطلاعات، حين قالت: "ينتظرنا تحدٍ صعب" في إشارة للتعامل مع ممثلي الحزب اليميني المتطرف داخل البرلمان.
فيما قال شولتز في خطابه، إن "صعود البديل نقطة تحول لألمانيا"، موضحًا: "لأول مرة، سيدخل حزب يميني متطرف البرلمان، هذه نقطة تحول، ولا يمكن لأي ديمقراطي أن يتجاهلها". وتعهد شولتز بالنضال من أجل الديمقراطية.
وفي النتائج الأخرى، حقق "الحزب الديمقراطي الحر" (يمين وسط) قفزة كبيرة، حاصدًا 10.5% من الأصوات، بعد أن فشل في تجاوز عتبة دخول البرلمان عام 2013، وحصد اليسار 9%، والخضر (يسار) 9.5%، فيما حصلت أحزاب أخرى صغيرة على 5%.
ومن المقرر أن تعلن النتائج النهائية للانتخابات، التي شهدت نسبة إقبال تخطت 70% من الناخبين، وفق تقديرات غير رسمية، خلال الأيام المقبلة.
وعلى مدار 10 ساعات، بدأت أمس الساعة 08:00 (07:00 ت.غ)، وانتهت الساعة 18:00 (17:00 ت.غ)، فتحت مراكز الاقتراع في ألمانيا أبوابها أمام ملايين الناخبين الألمان، من أجل اختيار 630 نائبًا بالبرلمان الـ19 للبلاد.
وخاض 4 آلاف و828 مرشحًا يمثلون 42 حزبًا في البلاد، الانتخابات البرلمانية، فيما كان يحق لـ62 مليون ناخب من أصل 82 مليون هم إجمالي تعداد البلاد، التصويت في الاقتراع.
وينعقد البوندستاغ (البرلمان الألماني) المكون من 630 عضواً، بتشكيلته الجديدة خلال 30 يومًا من نتيجة الانتخابات.
يذكر أن البوندستاغ عقد جلسته التأسيسية في مدينة بون (وسط) في سبتمبر/أيلول 1949، وتجرى انتخاباته كل 4 سنوات.
زمان الوصل - رصد
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية