يا عباد الله اتركوا إدلب بحالها.. حسين الزعبي*

قبل شهر ونصف الشهر وعلى هذه المساحة، أطلقت ما يشبه صرخة يأس، حملت عنوان "لأرض الزيتون رب يحميها".
هي فترة قصيرة، لكنها ليست كذلك في سياقات المشهد السوري الذي باتت أحداثه أكثر تسارعا، بالنظر لما يحدث في الرقة ودير الزور، وما سبقه من اتفاقات تهدئة وصولا إلى اتفاق "أستانة 6"، بما فيه من تأصيل لاتفاقات "خفض التصعيد" وجعلها بندا يبنى عليه، على الأرض، وفي أي تسوية سياسية مقبلة يبدو أنها بانتظار إيجاد "مخرج" ما لملف تنظيم "الدولة" والانتهاء من دير الزور وما بعدها كما يشير الإعلام الروسي.
ضمن هذا المشهد المتسارع تبقى إدلب، التي تحولت إلى مدينة مليونية، بما تستوعبه من نازحين ومهجرين بإشراف أممي، وجهة لإعصار يخشى أنه لم يعد بعيدا عنها.
لم يخفِ الروس وشركاؤهم الأمريكان تصريحا وتلميحا أن إدلب ستكون مرشحة لتكرار سيناريو الموصل، وربما الرقة لاسيما أن الحديث يكثر في هذه الآونة عن استعداد فصائل في الشمال السوري لخوض مواجهة مع "هيئة تحرير الشام" التي تسيطر على عموم المحافظة، دون تجاهل حديث آخر يشير إلى احتمال أن يناط هذه الأمر بتركيا، أو بعملية "درع الفرات"، وهذا ما قد يبرر التسريبات عن نية "تحرير الشام" نقل المعركة إلى الداخل التركي.
"هيئة تحرير الشام" أو "جبهة النصرة"، أو كما يسيمها الغرب "تنظيم القاعدة في سوريا" رغم إعلانها الانفكاك عن "القاعدة"، المسيطرة على المحافظة لا يبدو أنها في وارد التعاطي الواقعي مع ما يجري في عموم الجغرافية السورية وفي المنطقة، بل على العكس هي في حالة استعجال لمواجهة دموية بدأت ملامحها اليوم بإطلاقها معركة "يا عباد الله اثبتوا"، وهي معركة لا تخرج بحسب المطلعين على المشهد "الإدلبي" عن محاولة "الجولاني" تبييض صفحته، وصرف النظر عن الانتهاكات المرتكبة، وتوهم بائس من أن ذلك يبعد ما يحاك لإدلب دوليا.
لن نذهب إلى ما ذهب إليه آخرون من تبني لوجهة النظر التي تقول إن من أهداف المعركة تسليم المناطق المحررة بشمال حماة وجنوب إدلب للنظام، ومنع الحكومة المؤقتة من أن تؤدي دورا حقيقيا في المحافظة، لكن في الوقت نفسه لنا أن نسأل ما هي النتائج المتوخاة من هذه المعركة، غير ما أسفرت عنه الساعات الأولى لها من إخراج ثلاثة مستشفيات من الخدمة.
سيبادر البعض لإطلاق التهم والتوصيفات من "مرجفة" إلى "مميعة" وربما "عبيد الدولار" هذا إن لم يخرجنا مشايخ القتل من الملة، لا ضير في ذلك، ولكن من الجريمة بمكان التصفيق لمعارك وهمية من شأنها أن تجرف جمر الدمار إلى محافظة باتت تستوعب ثلاثة ملايين نسمة، وتجاهل البحث عن مخارج تقي من تبقى من أهل الثورة المزيد من البلاء.. فيا عباد الله اتركوا إدلب بحالها.
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية