لم تكن حالة الاحتلال "المشرعن" لسورية واضحة كما هي اليوم، وباتت تجد من يسوقها وفقا للقانون الدولي، وليس لاعتبارات المصالح السياسية وقوة الأمر الواقع فقط.
بالأمس، أطلق المدير الدبلوماسي للملف السوري، السوري وليس الروسي فحسب "سيرغي لافروف" تصريحا أعتقد أنه لم ينل حظه من الاهتمام الإعلامي بما فيه الكفاية.
لافروف الذي زار الرياض وعمان، قال في الأخيرة": "جميع الموجودين على الأراضي السورية أو في أجوائها دون موافقة دمشق –يقصد النظام- ينتهكون القانون الدولي، وروسيا تعمل هناك بدعوة مباشرة من السلطات الشرعية السورية، وكذلك ممثلو إيران وحزب الله".
هذه ليست المرة الأولى التي يشير فيها الوزير الروسي إلى هذه الحالة، لكنها الأولى من حيث الوضوح وتحديد الجهات المعنية، ولا يبدو أن المسألة تأتي هذه المرة في سياق السجالات الإعلامية، فوزير المخابرات الاسرائيلي "إسرائيل كاتس" قال بعد ساعات من تصريحات لافروف:"يقترب الأسد وإيران هذه الأيام من توقيع اتفاقية طويلة الأجل ستأذن بوجود عسكري إيراني في سوريا على غرار الاتفاقية الموقعة بين الأسد والروس".
تصريحات المسؤول الروسي لم تثر أي ردود فعل عربية، وهذا مفهوم، فالقوم استقالوا الفعل منذ دهر، واليوم يعتزلون حتى رد الفعل، أما الأمريكان، فلم يعيروا انتباها لما قال الرجل، ليس لأنهم يكابدون تبعات الإعصار "إرما" وسابقه "هارفي" بل لأنهم حجزوا مقعدهم في الجغرافية السورية، فشرق الفرات لهم ولحلفائهم من الميليشيات، ولموسكو وحلفائها ما غربه..
بشار الأسد، ولإدراكه، أن الروس والفرس هم من أبقاه ممسكا بختم "مختار المهاجرين"، ولعلمه أن ملايين اللاجئين لن يعودوا تحت عنوان "حضن الوطن"، ولعلمه أيضا أن حل مسألة اللاجئين مرتبطة بحل "منطقي" للمشكلة السورية برمتها فهو يدفع باتجاه ترسيخ الوجود الروسي والايراني أكثر فأكثر من جهة، ويبعث برسائل مفادها أن كل من في الخارج هم فئة إرهابية ليتم تأجيل ملف عودتهم وكذلك تناسي ملف المعتقلين، بينما تتكفل جوقته الإعلامية الرخيصة بفلسفة الكيفية التي يجب أن يتعامل بها النظام مع شخص محسوب على المعارضة أراد ان يكون في "الحضن"، أما عتاة القتلة في جيشه فيأخذون دور المتوعد لعموم اللاجئين، وفي كلام عصام زهر الدين أقذر مثال.
لكن ماذا عن المعارضة، وما الذي يجب أن تقوم به في حال واصلت الدول العربية والإقليمية تعاميها عن الاحتلال الإيراني وأصبح مشرعنا باتفاقية يوقعها الوريث القاصر وتسمح بالتواجد الإيراني لخمسين عاما على غرار تلك التي وقعها مع الروس؟ وماذا لو فرضت عليها تسويات تبقي الأسد ونظامه، في ما هو أكثر من مرحلة انتقالية؟
الدعوة للتوحد تحت جسم سياسي مستقل عن التأثيرات الإقليمية، وإيجاد تشكيل عسكري يجمع الشتات، باتت ممجوجة ومملة، وربما غير ممكنة.
لكن ماذا عن الدعوة التي وجهها مؤخرا "أحمد برقاوي" لعقد ما أسماه المؤتمر السوري الثاني وإعلان وثيقة استقلال البلاد كمنطلق للكفاح.
"البرقاوي" قال في دعوته: "أما آن للسوريين أمام تحكم روسيا وأمريكا وإيران وتركيا بمصيرهم، و أمام همجية الجماعة الحاكمة وأمام الميليشيات بكل أنواعها، وأمام كل الوسخ التاريخي أن يتداعوا لعقد المؤتمر السوري الثاني ويعلنوا وثيقة استقلال البلاد كمنطلق للكفاح"، وذلك على غرار المؤتمر السوري الأول الذي عقد في 8 آذار من العام 1920 وطرح نص وثيقة الاستقلال.
مثل هذا الطرح ربما لن يحقق المعجزة، لكن ما هو أسوأ من أي طرح، أن تبقى الواجهات السياسية عاجزة عن الفعل وفي الوقت نفسه تصر على أن تبقى موجودة في "القيادة".. لن نقول ما قاله عمر لواليه، اعتدل او اعتزل، بل افعل أو قل للناس لا طاقة لي بهذا وعودتي إلى بيتي قراري الأمثل.
*حسين الزعبي - من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية