أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

يا سيد ديمستورا.. نعم لم تنتصر المعارضة عسكرياً*

دي ميستورا - أرشيف

نعم لم تنتصر المعارضة عسكرياً، ونعم عليها أن تتحلى بالواقعية السياسية، وأن تذهب إلى المفاوضات دون غرور القوة والقدرة، ونعم يا سيد ديمستورا وصلت المعارضة إلى طريق مسدود في حربها ضد بشار الأسد وحلفائه وعصابته، ولكنها ليست مجبرة أبداً بالأسد قائداً شرعياً وحاكماً لا بديل عن قامته لبلد تشرج نصف شعبه والباقي بين قتيل ومعتقل ..وقاتل.

ليست الواقعية السياسية في أن ينسى السوريون لماذا خرجوا في تظاهراتهم الأولى، وفي معاركهم الصغيرة الأولى لحماية بيوتهم من صلف وبطش الطائفيين والخونة، وأن ينسوا هتافاتهم الأولى في بلد واحد لا تحكمه طغمة مجرمة سارقة قاتلة.

الواقعية السياسية ليست في أن يترك السوريون صور أبنائهم القتلى والمفقودين على جدار مهدمة وبيوت كانت تفيض بالحياة، وأن يحنوا رؤوسهم آسفين لسيادته عما فعلوه به وبعصابته وأن يقدموا الطاعة لمرتزقة إيران وحزب الله.

الواقعية السياسية ليست في أن يقبل السوريون بمشاهد اللطم والنواح والعويل تجوب أسواقهم، والرايات السوداء ترتفع فوق مساجدهم، وأن يعيشوا مذعورين بانتظار القادمين للانتقام منهم لأنهم ذرية معاوية وقتلة الحسين.
الواقعية السياسية ليست في أن يحتل الروس والإيرانيون والأفغان الطائفيون و"المقاومون اللبنانيون" بيوت السوريين في دمشق وحمص وحلب باسم الحرب ضد الإرهاب ومناصرة القائد الشرعي وفقط على السوريين أن يروهم فاتحين جددا.

نعم لم تنتصر الثورة عسكرياً لكنها لم تهزم، والأكثر قوة في هذه الثورة أنها لم تمت في قلوب أهلها، وما خرجوا عليهم ثائرين ما زال ماثلاً أمامهم، وأضاف لأسباب ثورتهم المستمرة ألف سبب جديد لكي يستمروا في رفض الطاغية العبد.

أيضاً في ثورة السوريين ما يجعلها تستمر في تنظيف ذاتها مما اعتراها من انتهازيين وفاسدين ومرتزقة رأوا فيها مجرد مطية ليزيدوا ثرواتهم، وليكونوا بدلاء فاسدين للطاغية، وهؤلاء يضيفون لأنقياء الثورة العزم في الخلاص من كل هذا الزبد الذي ألحقته السنوات الطويلة من عمرها..فالثورات تتوالد وتتعاظم.

بدأت ثورة يتيمة ورائعة وستبقى كذلك يا سيد ديمستورا، وكل ما يمارس اليوم ضدها يجعلها أكثر إصراراً على البقاء في قلوب أبنائها المخلصين، وأما العائدين إلى حضن الأسد فلن يعطوه الشرعية في البقاء، فهؤلاء هم جزء من الحمل الكبير الذي أرهق كاهل الثورة وحُسب عليها.

وأما العرب الذين يعودون خلسة لمصافحة الأسد أو دعمه لطالما كانوا عبئاً على الثورة وعلى شعوبهم، وهم إن وقفوا مع الثورة في سوريا فمن خشية على كراسيهم وأملاكهم التي ورثوها، وهؤلاء إن تخلوا عنها فلن يصنعوا فارقاً.

يا سيد ديمستورا وأنت تمثل العالم الحر الذي يرى في ثورة السوريين أنها لم تنتصر، وعليها أن تعود لرشدها وطاولة المفاوضات.

نعم لم ننتصر لكننا لم نستسلم بعد وإن أحرز (السومة) هدفاً كنا نعتقد أنه في مرمى حلفاء النظام فدخل مرمانا!

*ناصر علي - من كتاب "زمان الوصل"
(174)    هل أعجبتك المقالة (185)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي