أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

رسائل إلى من يغطون جرائم النظام بـ"طابة" ويريدون حجب شمس الثورة بـها أيضا

من جماهير مبارة سوريا - ايران - جيتي

إنما يمثلني دم الطفل "هزاع بن شحادة الشحود"، ودم "أبو كاظم" العلوي الذي أراقه دفاعا عن حق الجوار.. أقول هذه العبارة في بداية كلامي حتى يظن بي الحيادية أو أتهم بـ"عدم الانحياز"، وأنا الذي أتنفس انحيازا للمظلوم، مطلق مظلوم.

أما لماذا "أخصص" الطفل صاحب الست سنوات "هزاع" و"أبو كاظم"، رغم أنهما "قطرة" في محيط من مئات آلاف الضحايا، فلأن دمائهما لم تجف بعد، فقد أريقت قبل ساعات من مباراة طهران، ولأن البنادق التي أطلقت نحوهما رصاص الغدر ومزقت بحرابها أجسام عائلة "أبو صفوك"، هي نفس البنادق التي أطلقت عنانها بعد ساعات قليلة لرصاص "الاحتفال" بنتيجة منتخب الكرة في إيران.

ربما لم يسمع الكثيرون من موالين ومعارضين بمجزرة "الهوات" المرعبة التي حدثت في "الوطن"، وهم "معذورون" في ذلك، لأنهم كانوا مشغولين بالجدال حول "منتخب الوطن" وحظوظه، وما يجوز ولا يجوز في حقه، وكيفية فصل السياسة عن الرياضة.. والرياضة عن الأخلاق، والأخلاق عن الإنسانية، والإنسانية عن الإنسان.

أدرك أنني لا أتحدث عن أي "طابة"، بل عن ساحرة عقول وصاحبة سطوة تستلب الأذهان وتخدر الحواس والأحاسيس أحيانا، ولكن من الإجحاف الشديد في اعتقادي أن نسمح لها بتغييب الضمائر عن مأساة بحجم مأساتنا نحن السوريين، فنحن لم نختلف على توافه أو هوامش، بل احتربنا على مسألة حياة وكرامة، بين معسكر شعاره وعمله: "الأسد أو نحرق البلد"، وبين فريق ينادي بالحرية والعدالة والمساواة... ومن هنا أطرح هذه الأسئلة، على كل من شجع "منتخب الوطن" ودعا إلى ذلك، بل وهاجم من لم يشجع وخوّنه، حتى ولو كان هذا المستنكف أباً أو أخاً أو صديقا لقافلة من الشهداء دفعوا أرواحهم في سبيل تحطيم الأصنام والفصل الحقيقي بين سوريا والأسد، وبين السياسة والرياضة.

*إذا كان هذا "منتخب الوطن" فمال بال لاعبين سوريين، من أمثال: عبدالباسط الساروت، جهاد الحسين، أيمن قاشيط، فراس العلي.. وغيرهم، ما بالهم غائبون عنه ومستنكفون عن الالتحاق به، ألأنهم عديمو "وطنية" أو أقل تحمسا للعب الكرة من مشجعين قد لا يميز بعضهم بين الضربة الركنية والضربة الحرة المباشرة؟

*هل يمكن للاعب مثل "فراس الخطيب" أن يسأل -ولو من باب السؤال فقط- بأي ذنب قتل ابن ناديه "جهاد قصاب" أو أين زميله "أحمد العايق"، أحي لنرجو سلامته أم مقتول لننعاه؟.. وهل يمكن لـ"عمر السومة" أن يسأل مجرد سؤال عن ابن محافظته وناديه الفتوة وزميله في المنتخب الأولمبي "محمد كنيص"، الذي غيب منذ 4 سنوات تقريبا، رغم أن "كنيص" وحتى لحظة اعتقاله كان يلعب لـ"منتخب الوطن" وأندية "الوطن"، ولم يعلن انشقاقه ولا التحاقه بـ"التكفيريين والإرهابيين".

*أين نذهب بتقارير انتهاكات النظام ضد اللاعبين، وهي التي تذكر على أقل تقدير معلومات عن إخفاء وقتل نحو 50 لاعبا، وهل هؤلاء محسوبون بالفعل على سوريا ومنتخباتها أم مجرد أرقام لا تعنينا؟.
*أحري بنا أن نشطب كل الشهادات والمقاطع التي وثقت استخدام الملاعب كمقرات عسكرية ومراكز احتجاز وقواعد لجيش النظام، أو "جيش الوطن " كما أتوقع أن نسمع قريبا، قياسا على عبارة "منتخب الوطن".

هل نتجاهل أن "الاتحاد الرياضي" يرأسه ضابط مجرم هو "اللواء موفق جمعة"، يكفيه من الإجرام تعاميه التام عن مصير كل الذين اختفوا وقتلوا من رياضيي سوريا، ومنهم -مثلا فقط- الدكتورة رانيا العباسي بطلة سوريا والعرب في الشطرنج، والتي ابتلعتها زنازين مخابرات النظام منذ 4 سنوات ونصف، مع أطفالها الستة وزوجها أيضا.

*هل "الشعلة" ناد رياضي في تقييمكم، أم إن هذا النادي الذي يقال إنه قدم نحو 48 من أبنائه شهداء هو خارج حساباتكم الرياضية؟
*كيف نفصل السياسة (النظام بالأحرى) عن الرياضة في بلد اعتقل أشهر رياضييه، الفارس "عدنان قصار" وغيب وعذب أكثر 20 عاما، فقط لأنه نافس ابن "السيد الرئيس"، أي "الرائد الركن المظلي الفارس الذهبي باسل حافظ الأسد"، الذي لقي حتفه ولبث "قصار" بعدها عقدين مسجونا، بدعوى أن من سجنه (أي باسل)، هو الوحيد الذي يحق له إطلاق سراحه، كما أخبر بشار أهل "قصار" عندما طلبوا منه الإفراج عن ابنهم.

*هل هناك من يستطيع أن يشرح لنا بطريقته معنى التصريح الصريح لـ"فادي دباس" نائب رئيس اتحاد الكرة ومدير "منتخب الوطن"، إذ يقول: "أي سوري داخل سوريا يمثل الرئيس بشار الأسد، وفخامة الرئيس الدكتور بشار الأسد يمثلنا. نحن فخورون برئيسنا وفخورون بما حققه، ونود أن نرسل له تحياتنا وشكرنا لما فعله لأجل سوريا، ونحن وراءه وتحت قيادته".

*من منكم يمكن أن يتبرع ليكتب خطاباً إلى المفجوعين من ذوي "جهاد قصاب" و"إياد قويدر"، يقنعهم فيه برؤيته ونظرية "منتخب الوطن".. "جهاد" نعي في أيلول/ سبتمبر 2016، بعد أكثر من عامين على اختطافه من قبل النظام، أما "إياد" فقد تم اكتشاف وفاته تحت التعذيب خلال استعراض آلاف الصور التي سربها المنشق "قيصر".

*هل احتفى الشبيحة بما حققه المنتخب، لأنه بالفعل منتخب سوريا، وهل كانوا سيحتفون بأي إنجاز يحققه رياضي سوري حر خارج عن سلطة النظام بوصفه إنجازا يسجل لسوريا، أم سيلعنون اللاعب وإنجازه، وسيخرسون كل من يدعوهم للتشجيع ويقمعونه.. بل هل يمكن للاعب سوري مهما علا شأنه أن يبقى سالما إن ترك -سهوا أو عمدا- رفع صورة الرئيس وشكر الرئيس وإهداء فوزه للرئيس؟

*أيجدر بنا أن نستغفل عقولنا ونغمض أعيننا عن الاستثمار الكبير، والاستعراض المبهرج الذي يقيمه النظام قبل وأثناء وبعد كل مباراة للمنتخب، والذي يصب في خانة واحدة مفادها أن "سوريا بخير" وهي ليست مدمرة، والناس فيها يعيشون حياتهم الطبيعية ولاشيء يعكر صفوهم و... و"العصافير تزقزق".

*وأخيرا، لو فرضنا جدلا أن تنظيم "الدولة" شكل فريقا لكرة القدم، وخاض المنافسات بلاعبين محترفين ليس لهم علاقة بحروبه مطلقا، فكم عدد الذين يستطيعون أن يمنعوا أنفسهم من تصور اللاعبين على هيئة "الذبيحة" والكرة التي يركلونها على صورة رأس مقطوعة من جملة أكوام الرؤوس التي قطعها التنظيم.. فما بال خيال هؤلاء يتجمد ويتكلس ولا يرون في لاعبي منتخب النظام سوى لاعبين، وفي كرته سوى كرة، وهو الذي فاق كل تنظيمات الأرض المجرمة إجراما؟!

أختم مجددا تحيزي لأقول: إن عبارة "منتخب الوطن" ليست في قاموسي مجرد افتراء وتضليل، بل هي أيضا عبارة تحمل في طياتها خللا بنيويا وتناقضا صارخا، لأن "زر" المنتخب بفرض وجوده مركب على "بدلة" الوطن التي اهترأت منذ عقود، وباتت أثرا بعد عين منذ سنوات، في ظل بلد ملايين من أبنائه، موالين ومعارضين، وتفرقوا في "أوطان" الأرض كما لم يتفرق شعب من قبل في التاريخ، وصاروا بين حامل جنسية وإقامة أو ساع لهما بأسنانه وأظافره.. هذا إذا استثنيا ملايين الطامحين لمغادرة "جنة سوريا الأسد" عند أول "صافرة انطلاق".


إيثار عبدالحق - زمان الوصل - خاص
(248)    هل أعجبتك المقالة (228)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي