فجر الخامس والعشرين من شهر فبراير عام 1994، هاجم مستوطن معتوه حسب الرواية الرسمية الإسرائيلية، الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، فقتل 29 مصليًا فلسطينيًا، وجرح نحو 150 آخرين، قبل أن ينتحر.
اليوم مر على هذا الحادث المأساوي الكثير من الوقت، ووقعت الكثير من الاتفاقيات بين السلطة الفلسطينية والجانب الإسرائيلي، ومنها ما يخص الوضع في الخليل، ولكن الصراع في هذه المدينة ما زال على حاله، ويخرج من نوافذ البيوت وأبوابها، ومن كل زاوية، إذ تشتد المواجهة بين المستوطنين والفلسطينيين منذ فترة ليست بالقصيرة على منزل مكون من 4 طبقات يسميه البعض "بيت الدفء"، يدعي المستوطنون ملكيته، ويرفضون إخلائه، متحدين بذلك، سكانه الفلسطينيين، وكذلك قرار محكمة العدل العليا الإسرائيلية.
هذا التحدي، دفع في الأيام الأخيرة الشرطة الإسرائيلية للتدخل لإجبار المستوطنين على ترك البيت، إلا أنهم رفضوا ومارسوا أعمال العنف والعربدة ضد رجال الشرطة، وأفراد الجيش الإسرائيلي، وكذلك السكان الفلسطينيين في المنطقة.
تقول مصادر عسكرية إسرائيلية تتابع القضية: "إن عنف المستوطنين في الآونة الأخيرة "يكاد يكون غير مسبوق".
وأصيب العديد من رجال الشرطة خلال اعتداءات المستوطنين الذين لا يترددون في استخدام وسائل العنف كافة ضد كل ما يحاول الاقتراب من المنزل.
وبحسب تصريحات وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني فإن ما يحدث في الخليل ليس مسألة منزل واحد، وإنما مسألة مجموعة من الأشخاص ترفض قرارات الحكومة والمحاكم وأجهزة فرض القانون.
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية العامة عن ليفني قولها خلال اجتماع في مقر حزب كاديما عقد مساء أمس الأربعاء: إنه لا يمكن لدولة إسرائيل السماح باستمرار هذا الوضع في الخليل حيث حذرت من أن استمراره سيؤدي إلى الفوضى. وأضافت تقول إنه يجب على الجميع التصدي لظاهرة اعتداء مواطنين على أفراد جيش الدفاع والشرطة".
المسؤول الأول عن هذه القضية، بحكم منصبه، هو إيهود باراك وزير الأمن الإسرائيلي، يجتمع صباح غد في تل أبيب بممثلي مجلس المستوطنات لمناقشة موضوع إخلاء المنزل المتنازع عليه في الخليل. وبحسب المعلومات المعلنة فإن ممثلي المجلس سيعرضون على براك اقتراحات لحل الأزمة بدون الحاجة إلى استخدام العنف.
يذكر أن الشرطة اعتقلت اليوم 10 فتيان للاشتباه فيهم باقتحام بيت شابيرا في الخليل المحاذي للبيت المتنازع عليه. كما اعتقلت الشرطة بعد ظهر اليوم فتاة في الخامسة عشرة من العمر للاشتباه فيها بالاعتداء على شرطي إسرائيلي، وكذلك 7 فتيان من نشطاء اليمين بعد قيامهم بسد أحد الشوارع المؤدية إلى المنزل المتنازع عليه.
وقصة البيت الواقع في الطريق المؤدي إلى الحرم الإبراهيمي، تعود جذورها إلى عام 2004، حينما زعم المستوطنون أن صاحب البيت الفلسطيني عقد معهم صفقة لبيع منزله، ولكنه عاد وقال إن الصفقة ألغيت، لأنه لم يتلق المبلغ المطلوب، وهو ما ينفيه صاحب البيت بشكل قاطع، وفي شهر آذار (مارس) 2007، دخل نحو 150 مستوطنا إلى المبنى بعنف، وفي الشهر الماضي أمرت محكمة العدل العليا المستوطنين بإخلاء المبنى في غضون ثلاثة أيام، ولكنهم لم يفعلوا ذلك. وبحسب الرواية الإسرائيلية فإن معظم المشاركين في أحداث العنف هم من الفتية المستوطنين، الذين يفرون من المدارس لهذا الغرض، ونقلت صحيفة هآرتس عن مصدر عسكرية إسرائيلية قولها: إن حاخامين ومدراء مدارس "يغضون النظر عن فرار التلاميذ من الدراسة نحو الخليل بل وبعضهم يشجع ذلك".
قيادة تل أبيب تخشى أن تجر هذه الأحداث الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لجملة من أحداث العنف على غرار ما عايشته المدن الفلسطينية في ذروة انتفاضة الأقصى، التي اندلعت عام 2000. لا سيما على خلفية المس لمتواصل بمشاعر المسلمين، حيث يقوم المستوطنون بكتابة شعارات معادية للإسلام والنبي محمد على جدران المساجد، يضطر الجيش الإسرائيلي إلى إزالتها خوفًا من تطور الموقف، والذهاب به نحو التصعيد.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية