أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الأسد و "داعش".. وحدة المصير... عبد السلام حاج بكري*

بهذه البساطة انسحب التنظيم من حدود لبنان سوريا - جيتي

بالأمس فقط كانت طائرات الاستطلاع الأمريكية والحربية تحرس قافلة "تنظيم الدولة" من جرود القلمون وصولا إلى دير الزور، بعد الصفقة التي عقدها مع شريكه الذي بات أكثر وضوحا حزب الله اليد الإيرانية اليمنى في سوريا، مع ما يحمل ذلك من دلائل على شراكات غير معلنة بين الأطراف الأربعة.

القافلة عبرت مناطق سيطرة النظام والتقط جنوده صور "سيلفي" مع الباصات المكيفة التي تحمل عناصر التنظيم، الجميع كان مبتسما وكأنهم منتصرون معا، وفوقهم في السماء تحوم المقاتلات الروسية التي قتلت من المدنيين السوريين أعدادا تزيد عشرات الأضعاف عما فعلت مع تنظيم "الدولة".

وطبيعي أن تكون طائرات تتبع بقية دول التحالف في الحرب على الإرهاب تحلق في الوقت ذاته في تلك السماء السورية التي باتت تضيق بغربان الموت وهي تقتل السوريين الأبرياء، وبالأمس شهدت عليها تحمي العدو الذي ادعت محاربته على الدوام.

حتى حزب الله "بلا صغرة" أثبت بالدليل القاطع أنه يشترك في هذا الاستثمار، فهو سمح للتنظيم بالتمدد في جرود القلمون، ليدعي لاحقا بأنه دخل إلى المنطقة لمحاربته، وفعلا دخل، ولكنه لم يحاربه، بل استوعب الكثير من عناصره في صفوفه، وأوعز للبقية بالمغادرة المرفّهة إلى المعقل المؤقت في دير الزور.
الحلف الكوني الراعي للتنظيمات الإرهابية يرى فيها أقوى حجة إقناع للتدخل وفرض الوجود العسكري في المنطقة التي يريد بمساعدة من الدول الإقليمية الوظيفية، وهذه غالبا تلتزم بالتوجيهات وتدفع الثمن دون قطف الثمار.

مسؤول في الخارجية الأمريكية صرح قبل أيام دون مواربة بأن الأسد شريك في مكافحة الإرهاب، وأتى ذلك بعد وقف الدعم الأمريكي لعدد من فصائل المعارضة "المعتدلة" التي لم تتعهد بوقف المعركة ضد النظام والاقتصار على محاربة "داعش" وآخرها "أسود الشرقية" وكتائب "الشهيد أحمد العبدو".

التصريح لا يعني جدية أمريكية في محاربة "التنظيم"، بل الجدية في وقف مقاتلة النظام، وهذا يقود للاعتقاد بأن النظام مستمر حتى القضاء على "داعش"، لأن أمريكا ومعها بقية العالم لن تستطيع تبرير استمرار الأسد، وهي التي تحدثت مرات عديدة عن جرائمه بحق السوريين، وهذا بدوره يتوقف على موعد المهمة الجديدة في المنطقة الجديدة له.

أكثر من سنتين على إعلان التحالف حربه على التنظيم، و90 ألف غارة روسية يفترض أن غالبيتها استهدفته، ولكنه لا يزال في حالة جيدة يتقدم هنا وينسحب هناك، وكان حريّا به الفناء عشرات المرات لو صدق أعداؤه "المشّغلين له" فيما ادعوه.

يمكن الجزم بأن التنظيم لم يخض معركة حقيقية واحدة منذ دخوله سوريا باستثناء تلك التي شنّها على الجيش الحر والفصائل المعتدلة، فالمسرحيات التي مثّلها بدءا من الرقة مرورا بالحسكة ودرعا وريف اللاذقية وصولا إلى "دخل تدمر، خرج من تدمر" كانت كوميدية سخيفة، شاركه الأداء فيها جيش النظام وجبهة النصرة وقوات سوريا الديموقراطية وروسيا والتحالف الدولي.

سلّم النظام "التنظيم" الرقة وتدمر وبعضا من ريف اللاذقية والحسكة مع عدد من الكباش "الجنود والمدنيين" بمحاولة إقناع لم تنجح، وهو فعل ذلك من أجل إقناع العالم بأنه يحارب الإرهاب ولا يئد ثورة ويقتل مدنيين، وقد جعل العالم يتبنى الفكرة ليس لأنه اقتنع فيها بل لأنه يريد الاقتناع فيها، ويريد لهذا النظام الاستمرار في الحكم حتى الانتهاء من رسم التفاصيل المتبقية ولأنه أكثر من يستطيع أن ينفذ ما يطلب منه بكل دقة ودون نقاش.

عندما يخوض العالم حربا حقيقية على تنظيم الدولة والقاعدة في سوريا، يمكن القول إن دور النظام انتهى، وسيظهر قادة الغرب كأبطال قوميين في بلادهم، حيث أنهم حققوا انتصارين معا، قضوا على الإرهاب، وأسقطوا النظام الذي قتل شعبه بكل أنواع الأسلحة.

*من كتاب "زمان الوصل"
(109)    هل أعجبتك المقالة (164)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي