ظلت عملية انشقاق "موفق الجربان" المعروف حاليًا بـ"أبو السوس" عن فصائل "المقاومة" وانتقاله للقتال في صفوف تنظيم "الدولة الإسلامية" مثار جدلٍ واسع بين السوريين لا سيما وأن قسمًا كبيرًا منهم اعتبر هذه الخطوة فيما بعد خيانة لـ"الثورة السورية".
وتحمل شخصية "أبو السوس" من حيث المضمون وقائع زمنية واكبت المراحل التي مرت بها "الثورة السورية" منذ بداية انطلاقها، إذ التحق الرجل الأربعيني بالحراك السلمي، بعدها انتقل إلى الكفاح المسلح "المعتدل"، وصولاً إلى زعامته لتنظيم "الدولة" في القلمون الغربي.
في هذا الشأن قال الناشط الإعلامي "أحمد اليبرودي" إن مبايعة "أبو السوس" لتنظيم "الدولة" جاءت -كما انتشر وقتها- كرد فعلٍ نجم عن عمليات تسليم وخذلان قامت بها بعض فصائل "المقاومة"، ما أجبر من تبقى من تشكيلاتها المقاتلة في "القصير" على الانسحاب منها وكان من بينها لواء "الفاروق" الذي ينتمي له "أبو السوس".
وأضاف في تصريح خاص لـ"زمان الوصل" أن السبب الأكثر احتمالاً وراء انشقاقه عن "المقاومة" يعود في الحقيقة إلى رغبة "أبو السوس" بالانضمام إلى "الفكر السفلي الجهادي"، مدللاً على ذلك بالقول إن تغييرات عقائدية أقرب إلى التشدد منها إلى الاعتدال أخذت تظهر في تصرفاته وأفعاله وطريقة تعامله مع الآخرين، واتضحت معالمها بشكلٍ أكبر في الأشهر الأخيرة من معارك "القصير".
وأوضح "اليبرودي" أن عملية انشقاق "أبو سوس" عن "المقاومة" تزامنت مع اقتراب التنظيم من الشريط الحدودي السوري-اللبناني، خصوصًا بعد دخول عناصر "الدولة" إلى بلدة "القريتين" في "ريف حمص" الجنوبي الشرقي، مشيرًا أيضًا إلى أن هذا التطور شجع "أبو السوس" ومن معه على إعلان بيعتهم للتنظيم، ضمن مناطق انتشارهم في جرود منطقة القلمون الغربي.
ونوّه كذلك، إلى أن هذه الخطوة مكنته إلى حدٍ كبير من الحصول على دعمٍ مادي كبير من قيادة التنظيم التي سعت بدورها إلى استغلاله لإنشاء قوة عسكرية، تكون لها اليد الطولى في جرود منطقة القلمون الغربي، على حساب وجود "جبهة النصرة" بقيادة "أبو مالك التلي".
وكان اسم "موفق أبو السوس" قد برز منذ بداية العام 2011، كأحد قادة "المقاومة" في "القصير"، ثمّ تسلم منصب القائد الميداني لـ "لواء الفاروق" في "القصير"، وشارك بعدها في المعارك التي شهدتها المنطقة بين "المقاومة" وميليشيا "حزب الله" الذين دخلوا حينها إلى سوريا، لمساندة قوات النظام في حربها ضد الشعب السوري.
أعلن "أبو السوس" انشقاقه عن "لواء الفاروق" وتشكيله لـ"كتائب الفاروق المستقلة" في العام 2012، متذرعًا بأن كتائب في "الجيش السوري الحر" تسرق جهده وتنسب إلى نفسها العمليات التي ينفّذها، وتوجّه بعد سقوط "القصير" في العام 2013، برفقة المئات من المقاتلين إلى منطقة القلمون الغربي، وأعلن بيعته لتنظيم "الدولة الإسلامية" وأخذّ دوره يتنامى شيئًا فشيئًا في المنطقة، ليُعين بعد فترةٍ وجيزة أميرًا عامًا للتنظيم، عوضًا عن "أبو عائشة البانياسي" الذي قتل إثر خلافات داخلية مر بها التنظيم حينئذ.
ووفقًا للبيان الذي صدر عن "لواء الفاروق" في تلك الفترة، فإن "موفق الجربان" لم يكن ضمن مرتباته العسكرية، بل شغل منصب قائد ميداني لفرقة "الفاروق" المستقلة وهي لا تنتمي إلى التشكيل.
تُقدّر أعداد عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" المتواجدين في الوقت الراهن قرب الحدود اللبنانية- السورية، بنحو 600 عنصر، وينحدر بعضهم من "القصير" ومحيطها، ويتوزعون على مناطق في جرود "رأس بعلبك" و"القاع" اللبنانية، وجرود "قارة" السورية.
إلى ذلك تناقلت وسائل إعلامية لبنانية في الآونة الأخيرة أخبارًا مفادها أن "أبو السوس" قد عرض على "الجيش اللبناني" الجلوس إلى المفاوضات للبحث في إمكانية انسحاب عناصر التنظيم من المنطقة إلى "دير الزور".
وذكرت صحيفة "الأخبار" اللبنانية أن أمير التنظيم طلب وساطة للتفاوض، ودعا كذلك إلى فتح ممرٍ آمن للخروج إلى "دير الزور"، وتحديدًا إلى مدينة "الميادين"، وذلك بالتزامن مع ما تشهده المنطقة من معارك تدور رحاها حاليًا بين التنظيم من جهة، والجيش اللبناني إلى جانب "حزب الله" من جهةٍ أخرى.
ووفقًا للصحيفة فإن الجانب اللبناني ممثلاً بالمدير العام للأمن العام، اللواء "عباس إبراهيم"، رفض وأصرّ على التفاوض حول بندين، الأول تقديم معلومات عن جنود الجيش اللبناني المخطوفين منذ آب أغسطس/2014، والثاني هو "الاستسلام".
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية