أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"علبة مكياج".. سر التغييرات القضائية الأخيرة في سوريا وسبب تصدير "أهل النزاهة"

استمرت دورة القضاة الفاسدين عدة سنوات، تحت سمع النظام وبصره - ارشيف

وضع مصدر قضائي مطلع "زمان الوصل" في صورة التغييرات التي طالت مناصب حساسة في القضاء التابع للنظام، مشيرا إلى أن هذه التغييرات من شأنها قلب المشهد القضائي رأسا على عقب، لكنها أيضا من جانب آخر ترسخ استراتيجية قديمة-جديدة، اتبعها حافظ كثيرا وقلده بشار في ذلك.
وقال المصدر إن التشكيلات القضائية الأخيرة، كفيلة بإثارة دهشة واستغراب من يعرف بعض الأسماء الواردة فيها وثقلها وتاريخها، وبعدها عن الشبهات إلى حد كبير، ولكن هذا العجب سرعان ما ينقضي عندما يستذكر المرء تاريخ النظام مع القضاء السوري وطريقة تعامله مع النزيهين فيه.

*دكة الاحتياط
منذ وصوله إلى السلطة، وتحديدا بعد أحداث الثمانينات، اتبع حافظ الأسد مع القضاة والسلطة القضائية سياسة شيطانية، حسب تعبير مصدرنا، الذي يؤكد أن هذه السياسة كانت تقضي في أحد محاورها بإطلاق يد القضاة الفاسدين المرتشين والطائفيين ليعملوا نخرا في سلك القضاء، ويتماهوا كذلك مع سياسة الفساد والإفساد المعممة على جميع مرافق الدولة، وبالمقابل كان هناك كف يد وتحجيم للقضاة النزيهين مع الإبقاء عليهم في "دكة الاحتياط" من أجل استخدامهم عند الحاجة، أي عند كل مرة يرغب فيها النظام بتجميل وجهه القبيح، وإعطاء الشعب إبرة مخدر عبر إظهار ميوله نحو الإصلاح ومحاربة الفساد.. وبعد أن ينتهي الدور المؤقت لأصحاب النزاهة، يعود النظام إلى من هم من طينته وعلى شاكلته وكأن شيئا لم يكن.

وهكذا كان ديدن حافظ مع القضاء، وهكذا اقتفى أثره بشار، فأمر مؤخرا بإصدار حزمة واسعة من أوامر العزل والتعيين، دفعت بأسماء ذات رصيد في مجال الشفافية والسمعة الحسنة إلى الواجهة، علّ هذا الأمر يقوي مفعول جرعة التخدير التي يوزعها على الناس ليل نهار، تحت مسمى "الإصلاح الإداري". 

وقال المصدر إن شواهد سياسة "التدوير" و"تبديل الطرابيش" وإعطاء شوط للنزيهين بين كل عدة أشواط للفاسدين، ما تزال حاضرة، فعندما اندلعت الثورة عمد النظام إلى الإطاحة بوزير العدل المشهود له "أحمد يونس"، وجاء بمعاونه الفاسد "نجم الأحمد"، وهو الذي كان يتزعم اللجنة الأمنية في وزارة العدل بكل ما لها من مهمات تجسس على الوزير والقضاة وكتابة التقارير حولهم.

وقد نفذ "الأحمد" دوره بـ"براعة" فعمد إلى الاستعانة بأقذر القضاة سمعة وأكثرهم تبعية وخنوعا للأمن، وسلمهم مناصب حساسة في القضاء والمحاكم، وجدد لرئيس محكمة النقض حينها "نائل محفوظ" وأعطاه صلاحيات مطلقة في إعادة تشكيل الجسم القضائي، وبطريقة أسوأ مما كانت عليه في أي مرحلة مضت، بل إن "الأحمد" اخترع ما يسمى "المجلس الاستشاري في وزارة العدل" ليبوئه لـ"محفوظ" الذي تجاوز السبعين، وصار من الواجب أن يتقاعد، وليس من "اللائق" لدى "الأحمد" أن يتقاعد رجل مدلل عند بشار مثل "محفوظ" عرف عنه بأنه "حصة الفاتيكان" والرجل المدعوم منه، كما باح بذلك بشار لوزير العدل الأسبق "أحمد يونس" حينما طالبه بإبعاد "محفوظ" حتى يتسنى إصلاح القضاء.

وقد استمرت دورة القضاة الفاسدين عدة سنوات، تحت سمع النظام وبصره، بل برعايته المباشرة، التي أفضت فيما أفضت إلى ضخ أعداد كبيرة وغير مسبوقة من القضاة غالبيتهم من لون طائفي واحد، حسب كلام مصدرنا، الذي وصف العملية هنا بأنها توازي وتماثل "التغيير الديموغرافي" الذي مارسه النظام وما زال في مناطق متعددة من سوريا.

*مركز الثقل
ويبدو أن دورة القضاة الفاسدين قد انتهت مؤقتا، وهذا ما آذن به تعيين "هشام الشعار" وزيرا للعدل، في مرحلة يحاول النظام أن يكثر فيها من مساحيق التجميل، وما التغييرات القضائية الأخيرة إلا "علبة مكياج" ضمن صندوق كبير أدخره بشار لمثل هذا الوقت.

وبناء على ذلك أوعز بشار لـ"الشعار" بإطلاق حملة إصلاحية في وزارة العدل، استهلها الوزير منذ حوالي شهرين، عندما عين المفتشة القضائية في حمص "سلوى كضيب" رئيسا لإدارة التفتيش القضائي في سوريا، ثم أتبعها بتشكيلات قضائية في معظم المحافظات السورية أطاحت فيها برؤوس قضاة فاسدين، وأزاحت معظم المحامين العامين.

قرارات التغيير، التي صدرت بتوجيهات من بشار، ركز فيها "الشعار" على الوزارة وعلى محافظتي دمشق وريفها، حيث الثقل الأكبر للجسم القضائي في عموم سوريا.

ومن هنا شملت القرارات، تجميد نشاط معاونة وزير العدل "سحر عكاش"، التي أتى بها "نجم الأحمد"، بالتزامن مع إعادة الاعتبار لمنصب معاون وزير العدل القضائي للقاضي "تيسير الصمادي".

كما قام "الشعار" بالإطاحة بشاغل أهم منصب قضائي في دمشق، وهو "أحمد السيد" المحامي العام الأول في دمشق والمعروف بصيته السيئ المتصل بدنيا الفساد والمخابرات ورموزها، وفي مقدمتهم "علي مملوك".

وقبل وصوله إلى منصب المحامي العام الأول بدمشق، شغل "السيد" منصب قاضي التحقيق الأول فيها لسنوات مدعوما بالأجهزة الأمنية، رسخ خلالها صورة القاضي الفاسد الجشع، الذي يمارس فساده على الملأ غالبا.

وعمد وزير العدل إلى نقل القاضي "أحمد السيد" إلى محكمة النقض تفرغا، و هذا يعني تجميده تماما عن العمل، وجاء بدلا عنه بالقاضي "محمد ماهر العلبي" محاميا عاما لدمشق، وهو الرجل المشهور بنزاهته وأخلاقه.

وامتدت يد التغيير لتطال المحامي العام لريف دمشق "عبد المجيد المصري"، حيث تم استبعاده وتعيين القاضي "محمد أحمد الحمود"، وهذا الأخير كان مجمدا في محكمة النقض، قبل أن تتم الاستعانة به.

وفي دلالة على عمق وشمول التغييرات، تم الاستغناء عن رئيس محكمة الاستئناف المدنية الأولى بدمشق (وهو منصب شديد الأهمية والحساسية)، القاضي عرفان عدس، حيث نقل وفرغ (أي جرى تجميده عمليا) في محكمة النقض.

وطرد الوزير الشعار القاضي "راشد الزعبي"، الذي اشتهر في الوسط القضائي بملفات فساد، منها ما هو أخلاقي الطابع، وقد كان "راشد" رئيسا للنيابة العامة في دمشق خلال فترة الثورة، ورجل "اللواء ديب زيتون" رئيس إدارة المخابرات العامة، وكان الرجلان حسب ما يتباهى به "راشد" يسكران معا، وقد تجلى طرد "راشد الزعبي" في نقله كليا خارج "عدلية دمشق"؛ ليعين بصفة مستشار في أحد محاكم الريف، دون أن يعني ذلك انتهاء دور الرجل، الذي قد يعود يوما ما إلى الواجهة، في أي وقت تتغير فيه مصالح وأولويات النظام في سوريا.

*الكفة الأخرى
مع أهمية كل هذه التغييرات التي طالت الجسم القضائي بمختلف مستوياته، فإنها تبقى -نظريا وعمليا- في كفة، ويبقى تعيين رئيس جديد لمحكمة النقض في كفة أخرى، نظرا لما يحمله هذا المنصب من حساسية وقوة تكاد تنازع أو تفوق قوة وزير العدل نفسه، فكيف إذا تم إسناد هذا المنصب لرجل له رصيد واسع من سمعة النزاهة، مثل القاضي "محمد ديب المقطرن".

فمنذ أيام قليلة، أصدر وزير العدل "هشام الشعار" قرارا استبعد بموجبه "سمير الطباخ" عن رئاسة محكمة النقض، وهو الذي اقتفى أثر سلفه "نائل محفوظ" وسار على نهجه الفاسد، وأحلّ الوزير مكان "الطباخ" القاضي "محمد ديب المقطرن".

وكان "المقطرن" يشغل منصب النائب العام للجمهورية العربية السورية، وهو منصب شكلي، اسمه أكبر من تأثيره بكثير، علما أن وزير العدل لم يكن ليستطيع الإطاحة بـ"الطباخ" وتعيين "المقطرن" مكانه إلا بموافقة ومباركة بشار الأسد شخصيا، بوصف الأخير "رئيس مجلس القضاء الأعلى".
ويعد تعيين "المقطرن" دليلا فاقعا عما طرحناه في البداية، من لجوء بشار إلى الشرفاء لتبييض صفحته، مستثمرا رغبة هؤلاء في الإصلاح وتحمسهم لمحاربة الفساد، وتنظيف الجسم القضائي مما علق به من طفيليات.

ولشرح النقطة الأخيرة أكثر، يستحسن التذكير بأن "المقطرن" الذي عرف بنزاهته وأخلاقه ومهنيته، كان مجمدا ومحاصرا من قبل الأجهزة الأمنية طوال السنوات الماضية، إلى درجة أنه لم يكن يستطيع التدخل في عمل محاكم الإرهاب أو القضاة المدعومين مخابراتيا، رغم أنه كان يتولى منصب نائب عام الجمهورية وقبلها مدير إدارة التفتيش القضائي في سوريا.

وحسب مصدرنا، فإن استدعاء "المقطرن" اليوم ليتولى شؤون محكمة النقض، ويُزَج باسمه "الأبيض" في سجل النظام حالك السواد، يذكرنا بالعام 2011 حين تم تعيين "المقطرن" رئيسا للجنة التحقيق الخاصة بأحداث درعا في بداية الثورة، وقد ظهر الرجل على إعلام النظام.. هذا الإعلام الذي طبل وزمر لتعيين القاضي النزيه بوصفه وسيلة لإحقاق الحق.

لكن مهمة القاضي النزيه انتهت لاحقا، وماتت لجنة التحقيق قبل ولادتها، حيث لم تتوصل لأي نتائج ولم تحقق بأي أحداث عمليا، ولم توجه أصابع الاتهام لأحد من المتورطين الحقيقيين.. وعندها تم إخبار "المقطرن" ولجنته ليذهبوا في حال سبيلهم، بعدما حاول النظام استخدام اسم الرجل في تخدير الناس، لكنه –أي النظام- فشل، فكشر عن أنيابه.

ومن هنا فليس لأحد أن يجزم متى وأين وفي أي ظرف يمكن أن ينتهي دور "المقطرن"، الذي تم إحلاله في أشد مناصب القضاء قوة.

*عصي على الإصلاح
وبالتوازي مع الدفع بـ"المقطران" إلى أعلى منصب قضائي، قام وزير عدل النظام بتعيين القاضي "بديع هزاع العلي" نائبا عاما للجمهورية خلفا للقاضي "المقطرن"، ويعد "العلي" من القضاة جيدي السمعة أيضا وكان كشأن أمثاله مهمشا لسنوات في محكمة النقض.

وتتابعت أمور التشكيلات الجديدة والتغييرات، فعُين القاضي "أحمد فرواتي" مديرا لإدارة التشريع في الوزارة، و"أحمد البكري"، المستشار في محكمة النقض ومحامي عام دمشق الأسبق، مديرا للمعهد التقاني القانوني، وهو منصب شكلي إلى حد بعيد، كما تم ندب المستشارة "هدى الصواف" لمنصب مديرة إدارة قضايا الدولة.

وقبل هذه الموجة الأخيرة من التغييرات القضائية، ومواكبة منه لدعاية "الإصلاح" أصدر بشار الأسد مرسوما بكف يد القاضي "نذير خير الله" عن رئاسة الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، وهو الذي اشتهر بفساده فيها وأثيرت حوله عدة فضائح، ربما يتسع مجال آخر لذكرها.

وقد عين بشار بدلا عن "خيرالله" المستشارة "آمنة شماط" التي كانت تشغل منصب عميد المعهد القضائي السوري، وكانت مجمدة لسنوات مستشارة في محكمة النقض، فيما تمت تسمية القاضي "جمال الخطيب" عميدا للمعهد القضائي بدمشق.

ومن هذه الخلاصة المختصرة جدا، نستنتج -حسب رأي مصدرنا- أن بشار يسعى لوضع الشرفاء والأكفاء في واجهة مؤسسته القضائية، على أمل أن يستر بهم بعض عوراته، ويداري بهم بعض خطايا نظامه، وهي الخطايا التي باتت تصب على رؤوس الموالين، بعد أن بات المعارضون للنظام بين قتيل ومعتقل، ومهجر بعيدا عن قبضة النظام (داخل أو خارج سوريا).

ويختم المصدر المطلع بالقول إن النظام القضائي الذي رسخه الأسد (الأب والولد) بكل ما حمله من رموز امتهان القضاة وإذلالهم والدوس على استقلاليتهم.. هو في النهاية نظام عصي على الإصلاح لأنه فاسد فيجوهره وشكله، وفي أصله وفروعه.. فاسد لوجود العديد من الهيئات الخارجة فيه عن القانون، ومن أبرزها "محكمة الإرهاب"، التي تعد بمثابة فرع مخابرات تم إلباسه رداء القضاء، وفاسد كذلك لأن التدخل في عمل القضاء يبدأ من رئيس البلاد وقد لا ينتهي عند أدنى رتبة في المخابرات، وفاسد لأن الفاسدين فيه لم يحاسبوا يوما، وكانت أقصى عقوبة لهم تجميدهم، وتقييد أيديهم، قبل أن تتم الاستعانة بهم مجددا، وفاسد حتى النخاع لأن رأس النظام الذي يتولى منصب "رئيس القضاء الأعلى" هو رمز الفساد والاحتيال والخداع والإجرام، وربما تكون واحدة من هذه الصفات كفيلة بالحط من قيمة الكائن الحي، وإخراجه عن نطاق البشرية، فكيف إذا اجتمعت في شخص واحد.

زمان الوصل - خاص
(244)    هل أعجبتك المقالة (250)

عادل حسن بيطار

2017-12-20

عقود مزورة تقبلها المحاكم وينتج عنها ضياع حقوق المواطنين والإثراء على حسابهم بالحرام ، وبمساعدة مسؤولين يستطيعون المساعدة للإستفادة ممن يسلبون حقوق المواطن بالدفع المجزي لهم . إنطلاقا" من حملة الإصلاح الإداري التي يقودها سيادة الرئيس بشار الأسد وتطبيقا" لمقولة الرئيس الراحل حافظ الأسد بأنه يجب عدم السكوت عن الخطأ ، فإنني أطرح مشكلتي التي تنطلق من قصر الظلم / بل العدل في حلب ، إنهم محكمتي البداية المدنية في القضية أساس 17/2016 تجاري ، والإستئناف المدنية رقم 19/2017تجاري ، هاتان المحكمتان تقبل الشهود المهلهلين و جميع الأوراق الغير قانونية من المدعي ماجد علولو ، وتمتنع عن قبول جميع الوثائق المدعمة بالشهود الفعليين من المدعى عليه عادل بيطار ، لتحكم أخيرا" للمدعي ماجد علولو حكما" ظالما" منتهكا" لحقوق المدعى عليه ، وبذلك تفوت على المدعى عليه فرصة تقديمه لشهوده الحقيقيين ودفاعه عن حقه ، أين الإصلاح الإداري ؟؟؟؟؟ تقدم المدعى عليه بوثيقة كانت مفقودة لمحكمة الإستئناف المدنية التي ماطلت ولم تقبلها لأنها تدحض العقد المزور المقدم من المدعي وأسرعت بإصدار حكمها الظالم منتهكة" حقوق المدعى عليه ومفوتة" عليه إثبات حقه الواضح ، ولأن الإجراء التالي وهو النقض لايقبل الإستماع للشهود لأنه محكمة موضوع وبالتالي ضاع الحق !!!!!!!!! إن قضيتي واضحة وحقي واضح ولايصدر مثل هذه الأحكام إلا من ليس له علاقة بالقضاء !!!!!!!! أو ...........


عادل حسن بيطار

2018-01-01

لنفرض كل ما جاء في الأحكام والمحاكمات في المحاكم المدنية التجارية بحلب كان صحيحا" على الورق ، وبعد ذلك ظهرت وثيقة موثقة بدليل قاطع أن إعتماد هذه الأحكام كلها كان على عقد مُزَوَّرْ ؟؟ فهل يجب إتباع الورق وضياع الحق ؟؟؟؟؟؟ هل تقصير زيد من الناس أثناء المحاكمات يضيع حق مواطن ؟؟؟؟؟ أظن أنه لايضيع حق ورائه مطالب !!!!!!!.


التعليقات (2)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي