أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

السياسة وخطة "أبو العز".. حسين الزعبي*

أحد عناصر ميليشيا "سوريا الديمقراطية" - جيتي

لكل مهنة أدواتها ومهاراتها وأشكال عملها وبالتالي منتجها، فالمدرس يقدم المعلومة لطلابه مستخدما مهاراته اللفظية وأدواته التوضيحية، وقد يلجأ في سبيل تنميتها إلى الاطلاع وقراءة ما أنتجته الشعوب من نظريات حول تطوير هذه المهنة، وما ينطبق على المدرس يمكن تعميمه على ما يقوم به الطباخ والممثل والراقصة والصحفي والنجار والفلاح والتاجر...، ولا ينتظر من المهندس أو الطبيب أو الصحفي أن يؤدي ما تقوم به الراقصة على سبيل المثال، هذا بعيداً عن المعنى المجازي للرقص وفنونه، وإلا فإننا سنكون أمام حالة تشبه خطة "أبو العز" في كرة القدم.

خلال المرحلة الثانوية لعبنا مباراة في كرة القدم مع فريق من إحدى القرى المجاورة لبلدتنا، وفي استراحة ما بين الشوطين تدخل "أبو العز" وهو رجل لا علاقة له لا بكرة القدم ولا بكل أنواع الرياضات فبادرنا بالقول "ولك عمي انتو خلوهم لحتى يهجمو كلهم بعدين اهجمو".

في الحالة السورية الثورية أكثر ما يذكرنا بحالة "أبو العز"، مع خالص الاحترام له، هم من كانوا دعاة للتغيير السلمي، ومن انتقدوا استخدام السلاح، ورفضوا العنف وما أنتجه من صراع وصل في بعض الأوقات إلى حالة الصراع الطائفي والقومي، رغم أن هؤلاء، أي دعاة السلمية، يفترض أن يكونوا الأقرب والأكثر دعوة لطروحات التواصل بين تشكيلات المعارضة ومحاولة بناء الجسور والوصول إلى مشتركات، هذا ناهيك عن أن هذه المسألة تأتي في صلب عمل رجل السياسة، وإلا ما هو دور السياسي إذا لم ينخرط في حالة حزبية سياسية ويخوض في مجال الحوارات السياسية والمشاورات واللقاءات بل والمفاوضات، وإذا كانت هذه الأخيرة، فيما يخص النظام، ذات حساسية وترتبط بمرجعيات دولية، فماذا عن الدخول في مشاورات، ومشاورات مستمرة مع التشكيلات السياسية المعارضة الأخرى؟

ولا أعرف إن كان قولي ما المانع من أن يتم البحث والتفاوض والتشاور مع منصات القاهرة وموسكو وحتى وميليشيات "قوات سوريا الديمقراطية"، بحثا عن قاسم مشترك سيدخلني حالة التكفير السياسي أم لا.

ولكن وقبل أن يبادر البعض للسؤال كيف سأدخل مع هذا الأخير "سوريا الديمقراطية"، على سبيل المثال أيضا، في حالة من التفاوض أو التباحث السياسي وهو من قام بعمليات تهجير لا تقل بشاعة عن تلك التي نفذها النظام.. الجواب سيأخذ شكل السؤال أيضا، هل الحل باستمرار الحالة الراهنة على ما هي عليه..؟! وربما من المفيد أن أردفه بسؤال آخر، وماهي مهمة السياسي؟ أليس البحث عن حلول للمعضلات السياسية والوصول إلى مبتغى "الجماهير" ضمن سياق الممكن؟.

لا أعتقد أن البطولة تكمن في الهروب من مواجهة الحقائق، والتباكي على الضحايا، ولا في ممارسة النضال بمنشور "فيسبوك" في ساعات "الغسق"، لقد أترع الشعب المنكوب خطابات ثورية لا ولم ولن تغنيه من تشرد ولن تسمنه من جوع.. والأولى بمن لا يجيد فن السياسة من "قادتنا" أن يمتهن تدريب كرة القدم.. وإن تعذر فالجمباز الإيقاعي على الجليد.

* من كتاب "زمان الوصل"
(164)    هل أعجبتك المقالة (163)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي