أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

لأرض الزيتون رب يحميها...حسين الزعبي*

من للسوريين..؟

تزايد الحديث في الآونة الأخيرة عن احتمال تكرار سيناريو الموصل، وربما الرقة، في مدينة إدلب، وهو حديث قديم جديد، فمنذ أكثر من عام أشارت تحليلات المراقبين وتلميحات مسؤولين في أكثر من دولة إلى أن إدلب باتت "بؤرة" للتنظيمات المتطرفة في إشارة إلى "هيئة تحرير الشام" (النصرة)، أو كما يسيمها الغرب "تنظيم القاعدة في سوريا" رغم إعلانها الانفكاك عن "القاعدة".

طبعا دون إغفال الوجود "السابق" لحركة أحرار الشام التي حاولت أن ترتدي ثوبا مغايراً، لكن هذا لم يغير في تصنيف بعض الدول لها كتنظيم راديكالي متطرف، بينما ترى فيها دول أخرى غير ذلك.

الجديد فيما يخص هذا الموضوع، هو التحضير الإعلامي الذي بدأته قاعدة "حميميم" الروسية في الساحل السوري لتوجيه ضربة عسكرية لمدينة إدلب، تحضير تزامن مع صراع عسكري أطاحت بنتيجته "النصرة" بحركة أحرار الشام لتؤكد أن "عموم السلفية الجهادية" لم تستفد ولا يبدو أنها ستستفيد مستقبلا من تجارب "ساحات الجهاد" كما يسمونها، رغم الشواهد الكثيرة القريبة ولعل آخرها تجربة الموصل وعموم الساحة العراقية، التي شهدت تمزيقا وتدميرا وتهجيرا للمكون "السني" بفعل حكومات إيران في العراق ومعها تنظيم "الدولة" الذي يبدو أنه لا يختلف في ممارساته كثيرا عن التنظيمات الأخرى الشبيهة، دون أن ننكر أن الساحة السورية بما فيها من تعقيدات مجتمعية وصراعات دولية استطاعت إلى حد ما تدوير "زوايا التفكير النمطي" لدى تلك التنظيمات، لكن ذلك لا يبدو أنه وصل إلى جوهر منطلقات هذه التنظيمات.

إدلب الآن باتت بعمومها تحت سيطرة هيئة تحرير الشام، وهذا أمر لا يمكن إنكاره، وبالتالي يملك من يتربص بها من الروس والفرس ونظام الوريث القاصر حجة كافية لاستهدافها، وقد لا نستبعد أن يأتي ذلك في سياق تشريع دولي أيضا خصوصا وأننا بتنا نشهد بعض التحول السياسي لمن كان محسوبا في خانة أصدقا الشعب السوري، والمثال الفرنسي أكثر وضوحا.

أما القول إن أولئك لا يحتاجون مبررا لمهاجمة إدلب، فهذا وإن صح، فهو لا يعطي هيئة تحرير الشام أو غيرها من التشكيلات الشبيهة الاستمرار في هذا النهج الذي أثبت فشله في ساحات افغانستان والعراق ومجاهل إفريقيا، فما بالك بالساحة السورية المختلفة عن كل ما سبق، مضافا إليها رفض مجتمعي واضح للهيئة وغيرها تبدى مؤخرا في عموم مدن وبلدات محافظة إدلب، وربما لولا القوة العسكرية لشهدنا طوفان مظاهرات يطالب بالخروج الكلي لتحرير الشام وغيرها من كل سوريا وليس من إدلب وحسب.

وفي هذا لا ننكر على تحرير الشام ما بذلت من شهداء، ولكن هذا أيضا لا يمنع من مطالبتها بالتعاطي وفق معطيات الشأن السوري، لا وفق المنهجية "الحزبية" الخاصة بهم، ولعلهم يعلمون أكثر من غيرهم أن الثورة السورية ما خرجت لما يطرحونه من رؤى، ويعلمون كذلك ان الساحة السورية نفسها رفضت وجودهم في أكثر من مكان بعد أن استقبلتهم ورحبت بهم، كمناصرين، لا كباحثين عن إمارات ودويلات لا يمكن أن تتحقق إلا في أذهانهم.

قد يكون السيف سبق العذل، لدعوة هذه التشكيلات لإعادة النظر بنهجهم وقراءة الواقع السوري بطريقة أخرى، وحتى إن لم يسبقه، فلا يبدو أن إمكانية الاستجابة واردة، فمن لم تعلمه سنوات الحرب الماضية، لن تؤثر فيه كلمات هنا وهناك.

*من كتاب "زمان الوصل"
(167)    هل أعجبتك المقالة (182)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي