أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

مفاجأة.. أمريكا توقف دعمها العلني لجبهة للنصرة*

أرشيف

غادر أبو محمد الجولاني رفيقه في السعي للخلافة الإسلامية أبا بكر البغدادي مبكرا، ولكنه استمر على ارتباطه بقاعدة الجهاد، وهي أخطر منظمة إرهابية بنظر الغرب والعالم أجمع، ورغم عدم انفكاكه عنها استمرت الولايات المتحدة الأمريكية، رأس ادعاء العالم في مكافحة الإرهاب، بدعم وتسليح جبهة النصرة في سورية منذ تشكيلها حتى أول أمس.

لم تتوانَ أمريكا يوما عن خلق العدو الذي تريد محاربته، كانت وما تزال، وضمانا لانضباط العدو الافتراضي تختار قياداته بعناية وتدربهم على العمل وأساليب القيادة، كما تضع الخطط القريبة والمتوسطة وبعيدة المدى للعدو الوليد.

فعلت ذلك مع الجهادي الخرافي "بن لادن" وتنظيم القاعدة للجهاد العابر للحدود، وأعقبته بكيان آخر هو طالبان الأفغانية، وغيرها الكثير من الأعداء الافتراضيين حيث يجب أن توجد أمريكا عسكريا.

ما يزيد على أربع سنوات ونصف والولايات المتحدة الأمريكية تقدم السلاح والذخيرة لجبهة النصرة، وهي التي أنشأتها عبر وكيلها بشار واستخباراته في دمشق الذي أعدّها وهيّأها جيدا في صيدنايا وغيره من السجون السورية.

تستطيع أمريكا التواجد اقتصاديا وسياسيا حيثما تريد في العالم، وهي لأجل ذلك لا تحتاج مقدمات أو مبررات، أما عندما تقتضي مصالحها التواجد العسكري، ورغم أنها لا تحتاج لجواز سفر لإرسال عسكرها إلا أنها غالبا ما تحرص على إيجاد المبرر "الشكلي" للتدخل العسكري.

وعندما اقتضت الحاجة لنفوذ عسكري لها في سوريا، أوجدت العدو، وهو بالتأكيد ليس بشار الأسد ونظامه، إنه تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة في سورية، وحتى يكون التدخل مقنعا بعض الشيء، يجب يكون العدو قويا يستدعي تدخل أعظم دولة.

أنشأت أمريكا مع الدول التي ادعت صداقة الشعب السوري غرفتي "الموم" و"الموك" لضبط تزويد فصائل الجيش الحر بالسلاح، وراحت تزود جبهة النصرة بالسلاح والذخيرة عبر الإتاوة التي فرضتها الأخيرة على هذه الفصائل مقابل السماح لها بعبور السلاح إلى مواقعها، إضافة لضمان عدم اجتثاثها، رغم أنها لم تلتزم بذلك وابتلعت أكثر من عشرة فصائل معتدلة مدعومة أمريكيا.

المؤكد، أن جبهة النصرة كانت تستولي على ما يتراوح بين 30 و 60% من واردات السلاح إلى الجيش الحر، والمؤكد أكثر، أن أمريكا وأصدقاء الشعب السوري والعالم يدركون ذلك جيدا، وهي التي اشترطت على الفصائل تصوير معاركها وحجم استخدامها للسلاح النوعي والثقيل.

عدا عن ذلك، فإن قادة الفصائل ولا شك كانوا يُعلِمون إدارتي "الموم" و"الموك" بأنهم مضطرون لاقتسام واردات السلاح والذخيرة مع تنظيم القاعدة في سورية، ومن غير المستبعد أن تكون أمريكا قد أوعزت لهم سرا بمنح جزء من العتاد لجبهة النصرة.

أول أمس قررت أمريكا وقف الدعم وتوريد السلاح للجيش الحر، وبالتالي توقف إمداد جبهة النصرة من السلاح كليا، لا سيما مع التشدد التركي تجاهها، وإغلاقها الحدود أمام إمدادها بالسلاح، وصولا لإمكانية محاربتها.

ملامح في الأفق تشير إلى أن أمريكا وروسيا ومعهما تركيا والتحالف الدولي يتجهون للقضاء على جبهة النصرة، وغيرها من الفصائل المتشددة تمهيدا لتمرير حل لا رابح فيه ولا خاسر في سورية، ولم يكن تسليم بشار الأسد محافظة إدلب لها إلا مرحلة أولى على طريق تجميع مقاتليها وإبادتهم جماعيا في مرحلة لاحقة، يبدو أنها لن تكون بعيدة. 

ولم تكن محاولات الجولاني تخفيف سمة الإرهاب عن فصيله كافية لتجنيبه المصير المحتوم، ولكن هناك من لا يزال يطرح حلا يبدو غير مرفوض، يقوم على حل الجبهة ودمج عناصرها بالفصائل المعتدلة وترحيل مقاتليها الأجانب، لكن "الأمير الجولاني" يبدو بعيدا عن هذا الطرح، وبما أنه مصرّ على موقفه، عليه انتظار استئصاله، أو تكليفه بمهمة أخرى في بلد آخر.

*عبد السلام حاج بكري - من كتاب "زمان الوصل"
(135)    هل أعجبتك المقالة (125)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي