أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

طبخة على نار هادئة.. حسين الزعبي*

أرشيف

يبدو أن مشاريع وتوافقات إقليمية ودولية على وشك "الولادة" في سوريا وبإشراف واشنطن وموسكو، وما يخشى ولا أعتقد أن الخشية تنفع، أن تكون ولادة لجنين مشوه، وهو أمر طبيعي بعد أن فقدنا –أحيانا بالإجبار وأحايين باختيارنا، قرار ثورتنا، والـ"نا" هنا لا تدل على الجمع، فتركيبتنا المجتمعية، غير سوية، ونفتقد بالعموم لهوية جامعة ولشخصية وطنية.

المؤشرات على ولادة مشاريع تسويات أكثر من أن تعد، بدءا من اعتماد "أحرار الشام" لعلم الثورة، وسعي "جيش الإسلام" ليكون جزءا من مجلس عسكري وصولا لاتفاق الجنوب الذي لن يتأخر عنه اتفاق آخر خاص بالغوطة الشرقية، هذا إن لم يتمدد اتفاق الجنوب الذي ما زال الغموض يلفه، باستثناء بعض التسريبات آخرها ما نسب للمبعوث الأمريكي إلى سوريا "مايكل راتني" أنه أبلغ قادة الفصائل أن وقف إطلاق النار سيكون بضمانة أمريكية وسيستمر وأن المعبر الحدودي بين سوريا والأردن سيكون في الغالب بإدارة مشتركة بين النظام والمعارضة دون أي تواجد عسكري أو أمني للنظام، مع تشديد راتني على أهمية تطوير القوات الشرطية في محافظة درعا لتحفظ الأمن وتوفر الشروط المناسبة لعودة اللاجئين السوريين في الأردن، وتوفر الولايات المتحدة ضمانة بعدم تعرض المنطقة لأي قصف أو اعتداءات.

والتوجه العام بحسب ما يشاع عن الاتفاق يقتضي تدعيم المجالس المحلية، وربطها مركزياً بجهاز يُشرف عليها، على أن تكون الخطوة المقبلة تنظيم انتخابات لهذه المجالس بعد أن تم في الخطوة الأولى اختيارها بالتوافق ودون انتخابات.

هي حالة، إن صحت التسريبات حولها، لن تلقى إلا الترحيب من الحاضنة الشعبية التي أتعبتها الحرب بقدر ما أتعبتها الفوضى وأرهقها اليأس من تحقيق أهداف الثورة الوردية.

ومن الواقعية السياسية، بل من الواجب أن تتحرك المعارضة السياسية وعلى رأسها الائتلاف والهيئة العليا للمفاوضات، لتكون شريكا في هذا الملف سواء أكان برفضه أم بتأييده، ولكن ألا تبقى صامتة وكأن الأمر لا يعنيها، والاكتفاء بتصريح مقتضب هنا وآخر هناك، فما يعد هو طبخة على نار هادئة ستعطي سوريا شكلها النهائي جغرافيا وسياسيا.

*من كتاب "زمان الوصل"
(244)    هل أعجبتك المقالة (253)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي