أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"طل الصيبيح ولك علوش".. فؤاد عبد العزيز*

كاد خليل صويلح أن يذهب بستين داهية على إثر انتقاده لعلي الديك .. !!


في مطلع الثمانينات، ظهر مطرب شاب اسمه فؤاد غازي، حقق شهرة واسعة من خلال أغنيته الأولى التي كان اسمها "لازرعلك بستان ورود"، كان هذا الشاب يغني لحافظ أسد من كل قلبه، لكن مشكلته أنه كان يغني له عندما كان لايزال يكنى بـ "أبي سليمان"، وهو السبب الذي منع أغانيه من أن تستمر بعد أن أصبح حافظ يكنى بـ"أبي باسل"، لأن فؤاد غازي فيما بعد تعرض صوته للتلف، من شدة الصراخ في الأغاني، ثم ما لبث أن مرض ومات في العام 2005 على ما أعتقد. 

أما الشعب السوري، فقد أعجب بصوت هذا الشاب المجلجل، وزاد إعجابهم به وتعاطفهم معه، من خلال القصة التي نسجها حوله النظام، وهي أن أسرته كانت إحدى ضحايا جماعة الإخوان المسلمين في حماة، والذين تم قتلهم جميعا ولم يبق سواه على قيد الحياة. 

في بداية الثمانينات كنت لا بد أن تسمع فؤاد غازي أينما ذهبت أو حللت، وهو كان ضيفا دائما على جميع حفلات التلفزيون وعلى جميع المهرجانات، وسرت شائعة بأنه يحظى برعاية كاملة من قبل رفعت الأسد أو أنه مطرب "سرايا الدفاع" المفضل، لذلك يعزو الكثيرون سبب أفول نجم فؤاد غازي بعد منتصف الثمانينات إلى هذا الأمر، لأنه بعد تلك الفترة تم الاستغناء عن صوته تماما.

ويقال إنه على إثر ذلك، انكب على الشراب والنساء، ما أدى لفقدانه لصوته وحضوره الشعبي. 

لم يكن أحد في ذلك الوقت يعرف من هو فؤاد غازي، أو طائفته، أو اسمه الحقيقي والذي تبين فيما بعد بأن كنيته "فقرو" .. حتى الإخوة العلويين لم يكن إلا قلة منهم يعرفون أنه علوي مثلهم، لأن دعاية النظام في ذلك الوقت كانت تقوم على أن الإخوان المسلمين يستهدفون كل طوائف الشعب السوري، وقد نجح بتسويق هذه الرواية وعمل عليها الجميع، ولذلك كنا نجد مثلا، أن الطائفة السنية لم تكن أقل عداء للإخوان من باقي الطوائف، وهو الأمر الذي لازالت تداعياته مستمرة حتى يومنا هذا. 

المهم أن فؤاد غازي بأغانيه ومواويله الجبلية، التي حازت على إعجاب الجميع، كان البداية التي مهدت الطريق لنشر ثقافة المنطقة الساحلية الفنية والاجتماعية على نحو أجرأ وأوسع، وكانت الانطلاقة الفعلية مع أفلام "عبد اللطيف عبد الحميد"، ويومها اضطر السوريون أن يحضروا تلك الأفلام أكثر من مرة، كي يفهموا على لهجتها، وبعضهم كان يستعين بأصدقاء من المنطقة الساحلية كي يترجموا لهم الكلام، وفي المحصلة حققت نجاحا كبيرا، بسبب خفة دمها، ولكن دون أن يدرك السوريون مغازي الرسائل التي يريد النظام إيصالها عبر تلك الأعمال .. والتي كانت تهدف إلى استبدال هوية الثقافة السورية من المنطقة الشامية إلى المنطقة الساحلية، حيث إن تلك الأعمال كانت تحظى بدعم مالي هائل وتسويق كبير، يفوق بكثير غيرها.. 

النجاح على هذا الصعيد شجع النظام أكثر، لأن يقدم ضربته الفنية التالية، والتي لم تكن سوى "علي الديك".. لكن هنا استيقظ بعض السوريين، وانتبهوا إلى أن هذا النوع من الفن لا يجوز أن يتم الترويج له، لأن مضمونه شعبوي، ويعبر عن ثقافة الكراجات، لكن تلك المحاولات التي قادها الكاتب "خليل صويلح" في العام 2005، تم قمعها وإسكاتها بشكل قاطع، وكاد خليل أن يذهب بستين داهية على إثر انتقاده لعلي الديك .. !!

أخبرني خليل في تلك الفترة، أن الهجوم الكاسح الذي يتعرض له، هدفه، أنهم يريدونه أن يشعر، ومن تلقاء نفسه، بأنه شخص حقير وسخيف، فهو يعارض شيئا لوحده، إضافة إلى أنه لم يجد من يقف معه في حملة السب التي طالته، وخصوصا عندما استعان التلفزيون السوري بالفنان التشكيلي الدكتور "أحمد معلا"، وفي سابقة من نوعها، لكي يشتم "خليل صويلح" وعلى الملأ .. ويومها رد عليه "خليل": "ما دمت متحمسا للفن الشعبي إلى هذا الحد، فلماذا اخترت أكثر الفنون نخبوية ..؟!" والغريب أن خليل يقف اليوم في منطقة قريبة من القاتل ..!!

ثم دارت السلسلة مع مسلسل ضيعة ضايعة، والذي جاء بعد أن حقق "علي الديك" نجاحا عربيا، فهو كان أول تجربة تقدم للجمهور العربي، وتهدف لتعزيز هوية مغايرة للثقافة السورية .. والملاحظ أن جميع الأعمال التي تتناول ثقافة المنطقة الساحلية، تتميز بأنها أعمال كوميدية، بما فيها أغاني علي الديك ذاته.. وهو أمر يمكن تفسيره بأن الكوميديا بحد ذاتها تساعد على الانتشار بسرعة وترسخه..

في الواقع إن النظام لم يكن نشيطا على المستوى الفني لترسيخ ثقافة المنطقة الساحلية، مثلما كان نشيطا على الصعيد الاقتصادي وعلى صعيد مؤسسات الدولة وأجهزة المخابرات والجيش، أو أن الأزمات عاجلت بشار الأسد، مع بداية توليه للسلطة، ولم تسمح له بالاشتغال على هذا الجانب، بدءا من الغزو الأمريكي للعراق في 2003 إلى اغتيال رفيق الحريري في 2005 إلى حرب إسرائيل وحزب الله في 2006 و2009، إلى الثورة السورية في العام 2011 .. لذلك لم يمهله الوقت كثيرا، وإلا لو استقرت له الأمور مثلما كان يخطط، لكان النشيد الوطني اليوم لسوريا هو: "ولك طل الصيبيح ولك علوش"...!!

*من كتاب "زمان الوصل"
(351)    هل أعجبتك المقالة (244)

جمال عيسى

2017-07-20

واضح أن بشار الأسد لم يكن راضياً تماماً /بل ربما كان غاضباً من سياسة "أبيه" تجاه الطائفة القرقورية، والذي قدم نفوذا لطائفته بالقدر الذي يؤمن له الحماية وترسيخ حكمه، دون أن يبرزها على الساحة الثقافية أو الأدبية والفنية بشكل لافت للنظر، متبعاً بذلك مبدأ التقية. وعلى العكس من أبيه جاء بشار الأسد لكي يبرز ويؤكد على المواهب الخارقة بين أفراد الطائفة القرقورية، ربما لشعوره أنها ظلمت كثيراً في هذا الجانب، ضارباً بمبدأ التقية الذي مارسه "أبوه" من قبل عرض الحائط..


شرحبيل

2017-07-22

السيد فؤاد عبد العزيز مع تسليمنا بأسلوبك الرصين الساخرالذي يجرح ذوي الشعور الرقيق كالاستاذ الكبير القديرالانترناشونال علي الديك نتساءل مع مع القراء لماذا حصرت نقدك بالفنان الشعبولي ( نسبة إلى شعبولا) ولم تتجرأ على الغمز من قناة ابن عمه الشهير حسين الديك الذي تنساب ريالته على صديرته أثناء المواويل الجبلية الثراثية الأونسيكية ، كما أنك لم تجرؤ على همز نظيرته خدوج الديك التي سبقتهما في الأفضال وفي الأعمال لا الأقوال والتي تطلق على نفسها اسم سارية السواس ..علماً بأن سلسلة الديك لاتفارق الفن السوري منذ ظهور أم النيشان ومساعدتها ( ابتسام صقر وكريمة عيسى ) تلميذتا سهام ابراهيم التي هي بدورها تلميذة كروان ( جميلة نصور ) طيب الله ثرها ، وتألقهاعلى مسرح الجمهور الجبلي والجرد الأزلي في قمم جبال الساحل الأشم ...!!.


التعليقات (2)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي