أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

سؤال يحير الاقتصاديين ويمهد لهز الثقة بالرياض.. أين تبخرت 208 مليارات دولار من الاحتياطي السعودي؟

أرشيف

حاول تقرير حديث الإجابة عن سر الهبوط الغامض والكبير في احتياطي النقد السعودي؛ الذي يثير حيرة الاقتصاديين والدبلوماسيين على حد سواء، ويمهد الطريق لهزة ثقة الأسواق والمستثمرين في الرياض، لاسيما في ظل امتناع المسؤولين السعوديين عن تبرير هذا الهبوط وإعطاء تفاصيل حول أسبابه.

وفي تقرير نشرته اليوم وكالة "رويترز"، تم التنويه إلى أن الأصول الخارجية لدى مؤسسة النقد العربي السعودي، وهي تمثل معيارا لقياس قدرة المملكة على دعم عملتها، سجلت انخفاضا حادا، هوى بتلك الأصول من مستوى قياسي بلغ 737 مليار دولار في آب/ أغسطس 2014، إلى 529 مليارا في نهاية 2016، مع اتجاه الحكومة لتسييل بعض الأصول بهدف تغطية العجز الضخم في الموازنة الناجم عن هبوط أسعار النفط.

ورغم حملة التقشف التي أطلقتها الرياض والانتعاش الجزئي في أسعار النفط، فقد واصل صافي الأصول الخارجية انكماشه، حتى إنه تراجع بمقدار 36 مليار دولار خلال الشهور الأربعة الأولى من عام 2017، وهو ما يمثل نذيرا بسنة مالية صعبة، فضلا عن أنه يشكل لغزا للاقتصاديين والدبلوماسيين المهتمين بالشأن السعودية، وربما يشكل لطمة لثقة الأسواق في الرياض.

"خديجة حق" رئيسة البحوث الإقليمية في بنك الإمارات دبي الوطني أكبر بنوك دبي، اعتبرت أن التراجع "يشير إلى استمرار وجود عجز كبير في ميزان المدفوعات السعودي، ليس له علاقة بتناقص إيرادات تصدير النفط".

ولم يعلق المسؤولون السعوديون بالتفصيل على أسباب انخفاض الاحتياطات، رغم أن البعض أشار إلى أنه قد يرجع إلى نشاط القطاع الخاص لا إلى إنفاق حكومي.

وتكهن بعض المحللين بأن الانخفاض يرجع إلى الإنفاق على التدخل العسكري السعودي في اليمن، وهذا أمر مستبعد إذ أشار مسؤول سعودي كبير في أواخر عام 2015 إلى أن التدخل، الذي يقتصر إلى حد كبير على حملة جوية لا على حرب برية كبرى، يكلف المملكة حوالي 7 مليارات دولار سنويا وهو ما يتفق مع تقديرات خبراء عسكريين أجانب.

وتكهن آخرون بأن هروب رأس المال من السعودية ربما يكون السبب في تراجع الاحتياطات، غير أن بيانات مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، وهي بنك المملكة المركزي، عن معاملات البنوك التجارية بالنقد الأجنبي لا تدعم هذه النظرية أيضا.

وقال أحد الاقتصاديين العاملين في بنك سعودي: "هروب رأس المال تضاءل كقضية، فالتدفقات للخارج في 2016 كانت صغيرة جدا مقارنة بعام 2015 الذي شهد تدفقات كبيرة للخارج".

وأشار مصرفي دولي على اتصال بالسلطات السعودية إلى إن قدرا كبيرا من الانخفاض في الأصول الخارجية مرده فيما يبدو القيام بتحويل أموال إلى صناديق تابعة للدولة تستثمر في الخارج، خاصة صندوق الاستثمارات العامة وهو صندوق الثروة السيادية الرئيس.

وتعتزم الرياض استثمار مبالغ كبيرة في الخارج من أجل الحصول على التكنولوجيا ورفع عوائد أموالها، حيث صندوق الاستثمارات العامة إنه سيستثمر ما يصل إلى 45 مليار دولار على مدى 5 سنوات في صندوق للتكنولوجيا أسسته شركة سوفت بنك اليابانية، و20 مليار دولار في صندوق للبنية التحتية تعتزم شركة بلاكستون الأمريكية تأسيسه.

ولن تمثل التحويلات لصندوق الاستثمارات العامة أي خفض في ثروة الحكومة الإجمالية لكنها تعني انخفاضا في الأصول السائلة المتاحة للبنك المركزي للدفاع عن الريال، إذا ما اقتضى الأمر، علما أن سعر صرف الريال مقابل الدولار مثبت منذ عقود، حيث يعادل الدولار الواحد 3.75 ريالا سعوديا.

ومن المرجح أن يفرض انخفاض جديد في أسعار النفط ضغطا على الأصول الخارجية للسعودية، فقد بلغ متوسط أسعار مزيج برنت نحو 54 دولار للبرميل في الربع الأول من العام الجاري ثم انخفض منذ ذلك الحين إلى نحو 46 دولارا للبرميل.

هذا الانخفاض في سعر النفط، مترافقا مع تخفيف بعض قيود التقشف لدرء شبح الركود، من شأنه أن يجعل العجز في ميزانية الرياض لعام 2017 قريبا من حدود 198 مليار ريال (52.79 مليار دولار)، وربما يتجاوز هذا الرقم.

"سعيد الشيخ" كبير الاقتصاديين في "البنك الأهلي"، أكبر بنوك السعودية، علق قائلا: "مستقبلا من المرجح أن يستمر الانخفاض (في مقدار الأصول الخارجية) في ضوء العجز المتوقع في الميزانية للسنة كلها، وهو ما قد يتطلب السحب من الاحتياطات الخارجية لتمويله".

ورأى "الشيخ" أن الاقتراض المكثف بالنقد الأجنبي يتيح للرياض المرونة المالية لكنه لا يزيد صافي الأصول الأجنبية، إذ إن الديون تسجل في خانة الالتزامات.

وفي نيسان الماضي، أصدرت المملكة سندات بقيمة 9 مليارات دولار في الخارج، وقالت الحكومة إنها تعتزم استئناف إصدارات السندات المحلية في وقت لاحق من العام الجاري بعد توقف استمر أكثر من نصف عام.

وفي الشهر الماضي، قدر مسؤول كبير بوزارة المالية أن السندات المحلية ستغطي ما بين 25 و35% من العجز في ميزانية 2017. وسيترك ذلك مبلغا لا يستهان به من أجل تغطيته بالأصول الخارجية.

رويترز
(103)    هل أعجبتك المقالة (108)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي