أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

خيارات واسعة أمام السوريين.. عبد السلام حاج بكري*

في طريقه إلى معبر باب السلامة - أرشيف

"عجقة" تصريحات حول مناطق النفوذ في سورية، وهذه المرة اشتركت تركيا في السباق إلى الظهور الإعلامي للتحدث بشأن سوريّ تنافس عليه الجميع إلا النظام المأجور والمعارضة مشلولة اللسان واليد.

للجميع حصته من الجغرافيا السورية، حتى كازاخستان وقرغيزستان وربما موزامبيق (بلا صغرة)، وكل ما يستطيع السوري فعله هو مراقبة توزيع الحصص والمزارع لمعرفة الدولة التي سيخضع لسطوة جنودها في وطنه.

وخيارات السوري اليوم في ذلك واسعة بعدد دول العالم ناقص سوريا، ويستطيع انتقاء الدولة السورية التي يعيش فيها، سجلوا معي بعض هذه الخيارات.

يذهب إلى فرع الأمن الذي يناسب جريمته، أو فروع الأمن التي تناسب جرائمه في دولة الأسد بسورية المفيدة وسطا وساحلا. 

مواخير روسية ستكون متاحة له بأسعار غير مرتفعة في كل من عفرين وبعض إدلب والساحل ودمشق، يسهر على راحته، ويقدم له فيها المناشف جنود من دول وسط آسيا التي كانت تتبع الاتحاد السوفيتي، ولا تزال تحت هيمنة المافيا الروسية.

أما عشاق اللحى والمشايخ، فيجدون مساحة غير قليلة يسرحون فيها في الشمال السوري وبعض إدلب برعاية سلطان المسلمين في أنقرة، وسيكون المعتدلون ولا سيما من سكان النصف الشمالي من سورية الغربية مرغمين على قبول تقديم فروض الطاعة للإسلاميين والمتأسلمين هنا، نظرا للمسافة الكبيرة التي تفصلهم عن الجنوب الأمريكي من سورية.

السوريون الكرد يستطيعون اختيار الروبل الروسي عملة في عفرين والدولار الأمريكي في شرق الفرات، لكنهم خسروا فرصة التواصل الفيزيائي فيما بين المنطقتين، لكنهم يتمتعون بامتيازات تنافس على تقديمها لهم أكبر دولتين في العالم.

الكرد "الديموقراطيون"، وباعتبارهم ديموقراطيين، لن يمنعوا إخوتهم من سوريّي الدول الأخرى اختيار مناطقهم للسكن المرهون بالكفالة التي قد تسحب منهم إذا فكروا بتعريب أو سورنة تعليمهم أو حياتهم، أو احتجوا على الديموقراطية الكردية، ولن يجد المضيف "السوري" غضاضة في إلغاء الكفالة تحت أي ذريعة.

أما عشاق اللطميات الإيرانية، ستكون أقدم عاصمة في التاريخ، وأجمل مدن الأرض، دمشق العروبة، مسرحا لحفلاتهم التي ستبثها على الهواء مباشرة قنوات كربلاء والحسين والغدير والمهدي وغيرها برعاية من الميليشيات متعددة الأعراق والمافيا الروسية.

وليس واضحا حتى اللحظة ما إذا كان بمقدور أنصار المقاومة والممانعة من السوريين الانضمام إلى مزارعي الحشيش وتجاره من أتباع "سيد المقاومة حسن نصر الله" في القلمون وغربي حمص.

ويخوض في غمار الصحراء والرمال عشاق المال وخبراء وعمال النفط والغاز مع الرئيس الحضاري ترامب وشريكه الأكثر حضارية الشيخ الجربا ومن اعتاد من العشائر خوض حرّ الصيف وقرّ الشتاء.

ولن تكون حصة العروبيين من السوريين قليلة، وسيعدّون المناسف العربية والمليحي مع أشقائهم الأردنيين، ويجب أن يتأقلموا مع مشاركة جيرانهم الإسرائيليين، ويقدّموا منها ما طاب للأشقر الأمريكي.

ومتاح، لمن يرغب، أن يرحل مع الخليفة البغدادي في مهمته الجديدة في بلد آخر لم يحدد بعد.

ولا تقتصر خيارات السوريين على ما ذكرت أعلاه، فـ "البلم" لم يزل "شغّالا"، وتركيا تغضّ الطرف عمن يقرر اعتلاءه، وقد يختار البعض الانتحار مثلا، أو الموت برصاص الجندرما في محاولة الدخول تهريبا إلى دولة "الأنصار".

أمام كل هذه الخيارات والإنجازات، يبدو أن السوريّ محظوظ أكثر من مواطني أرقى دول العالم وأكثرها ديموقراطية وحرية، يستطيع أن يكون تحت سلطة الدولة التي تعجبه، وتناسب مزاجه. 

ذلك ليس مزحة أو تحليلا، بل صورة اكتملت عناصرها، سترى النور بأقرب فرصة، لقد باتت سورية كمقر الأمم المتحدة، تلوكها المصالح وصراعات النفوذ، والسوريون موظفون فيها لتوثيق وتنفيذ مخرجات هذه الصراعات، أما ما أوصلها إلى هذا الحال، فهو كثير جدا، لا يتسع المجال لذكره الآن.

* من كتاب "زمان الوصل"
(162)    هل أعجبتك المقالة (123)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي