حثت الاستخبارات الإسرائيلية حكومتها على إبرام السلام بشكل عاجل مع دمشق، معتبرة أن السلام مع سوريا سيقود إلى سلام مع لبنان، ويضعف المحور الذي تقوده إيران.
وأوصت بأن تدعم إسرائيل المعسكر المعتدل في لبنان قبيل الانتخابات البرلمانية، ولكن ليس على حساب مصالح الدولة العبرية، وان تعمل على تعزيز الردع حيال حزب الله والعمل »من دون ضجيج« ضد تهريب وسائل القتال، وان تضع سيناريو للتصدي عسكريا لإيران نووية.
ويمكن فهم التقويم الاستخباراتي الإسرائيلي السنوي الذي سيعرض على الحكومة قريبا، في سياق تحذير تقرير استخباراتي أميركي، بعنوان »الميول العالمية ٢٠٢٥«، من الضعف الاقتصادي والعسكري وبالتالي السياسي للولايات المتحدة في العقد المقبل، وهو ما يمكن ان يضعف من الوضع الاستراتيجي الاسرائيلي.
ونقلت صحيفة »هآرتس«، أمس، عن التقرير تقديره بأن إسرائيل قد تجد نفسها وحيدة في مواجهة إيران النووية بعد انهيار السلطة الفلسطينية وتراجع فكرة دولتين لشعبين. ويوحي التقرير بأن التقارب بين أميركا والدول العربية وإيران سيقلص من تفوق إسرائيل السياسي والعسكري، ولهذا فإنه يوصي بالاستعداد سرا لمهاجمة إيران والتسريع بإبرام تسوية مع سوريا، ومنع إجراء انتخابات في مناطق السلطة الفلسطينية حتى لو أدى ذلك إلى خلاف مع الإدارة الأميركية.
وأشارت »هآرتس« إلى أن مجلس الأمن القومي سيقدم هذا التقرير السنوي إلى الحكومة الإسرائيلية بعد حوالى شهر. وبحسب وثيقة قدمتها المؤسسة الأمنية لمجلس الأمن القومي، في إطار إعداد التقرير النهائي، فإن إيران تقف على رأس قائمة التهديدات وتوصف بأنها »تهديد وجودي«. ويصف التقرير الصواريخ والقاذفات الصاروخية البعيدة المدى، التي تمتلكها بعض دول المنطقة، وضربها الجبهة الداخلية بأنها »تهديد استراتيجي«.
وتعتبر الوثيقة أن »إسرائيل تقف اليوم وحدها تقريبا حيال هذه التهديدات«، وعليه فان »هناك حاجة لربط الأسرة الدولية، وانتهاز فرصة تشكيل الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة«.
وتقول الوثيقة في الموضوع النووي الإيراني إن »نافذة الفرص للعمل محدودة، قبل أن ينجح المعسكر المتطرف برئاسة إيران في امتلاك سلاح نووي وهيمنة إقليمية«. وترى المؤسسة الأمنية أن »على إسرائيل أن تبني خيارا عسكريا حيال إيران في حالة بقائها وحيدة في المعركة، وكذا استعدادا للحاجة للتصدي لإيران في المستقبل«. والى جانب ذلك، توصي الوثيقة القيادة السياسية »بالعمل بسرية على (وضع) سيناريو للتصدي لإيران نووية«.
أما على الصعيد الفلسطيني، فإن المؤسسة الأمنية تحذر من إمكانية »غياب« رئيس السلطة محمود عباس عن الخريطة السياسية، اثر انتهاء ولايته في ٩ كانون الثاني المقبل. في مثل هذه الحالة، تقول الوثيقة، سيتسارع تفتت السلطة الفلسطينية ومعها سيزداد خطر شطب حل الدولتين عن جدول الأعمال.
وبسبب الوضع السياسي المعقد في السلطة يوصي جهاز الأمن »بمنع الانتخابات في السلطة الفلسطينية حتى بثمن المواجهة مع الولايات المتحدة والأسرة الدولية«، وذلك خوفا من فوز حركة حماس. وتوصي المؤسسة أيضا بوجوب مواصلة الضغط على حماس لعزلها وإضعافها، وبالمقابل تعزيز البدائل للحركة، في ظل الاستعداد لأخذ مخاطر كبيرة، تتعلق بالتهدئة في غزة وتقضي بأنها ستنهار »وعلى إسرائيل أن تعمل من أجل إسقاط حكم حماس«.
وفي الموضوع السوري، فإن الرسالة واضحة: »يجب حث التسوية مع سوريا، رغم الثمن الباهظ الذي ستدفعه إسرائيل، في ظل استغلال تبدل الإدارة في الولايات المتحدة بغرض تجنيد التأييد للمسيرة«. وتعتقد المؤسسة الأمنية أن إخراج دمشق من دائرة المواجهة سيؤدي أيضا إلى تسوية مع لبنان، الأمر الذي يضعف جدا المحور المتطرف إيران ـ سوريا ـ حزب الله ـ حماس.
بالإضافة إلى ذلك، توصي الوثيقة بان تدعم إسرائيل المعسكر المعتدل في لبنان قبيل الانتخابات البرلمانية التي ستجرى خلال الأشهر المقبلة، ولكن ليس على حساب المصالح الإسرائيلية. وبالتوازي، يجب العمل على تعزيز الردع حيال حزب الله والعمل »من دون ضجيج« ضد تهريب وسائل القتال وتعاظم المنظمة.
سلسلة التوصيات تتعلق بتعزيز العلاقة مع المعسكر المعتدل في العالم العربي السني، مع التشديد على السعودية. كما توصي الوثيقة بأنه »يجب فحص السبل لتوسيع الحوار مع السعودية حول مصالح مشتركة مختلفة«، وبالمقابل، على إسرائيل أن تعمل لتعطيل المخاطر التي من شأنها أن تظهر في السعودية مثل تطوير قدرة نووية، وشراء صواريخ أرض ـ أرض وإغلاق الفجوة النوعية مع الجيش الإسرائيلي.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية