يعترض الكثير من أهل اللغة على من يعتد ببيت الأعشى:
"وإِنْ كانَ تَقريبٌ مِنَ الشَدِّ غالَها بِمَيْعَةِ فَنَّانِ الأَجارِيِّ مُجْذِمِ"
للتأكيد على أن كلمة "فنان" تعني "حمار"، أو لتأكيد وصف الحمار الوحشي بـ"الفنان"، أو الفنان بـ"الحمار الوحشي"، ويرون في ذلك نزعة عدائية للفن والفنانين، فما قاله الأعشى برأيهم لا يخرج عن توظيف لمعنى "فنان" في وصف تفنن الحمار في سيره، وليس المقصود به الفنان بالمعنى الاصطلاحي المتعارف عليه والذي تبناه معجم المعاني الجامع:
"الفَنَّانُ: صاحبُ الموهبة الفنية، كالشاعر والكاتب، والموسيقي والمصور والممثِّل، وهو مبالغة من فنَّ".
والفنان أيضاً بحسب المعجم نفسه: "الحمارُ الوحشيُّ لتفنُّنهِ في العَدْوِ".
حقيقة ولست من أهل اللغة إلا أنني ولأيام قليلة سابقة كنت أشك في أن الأعشى قال ذلك في الحمار، لاسيما أن الرجل ضعيف البصر، ناهيك عن أننا ورغم كثرة الحمير التي نراها لم نلحظ شيئا من الفن في مشيتها.
لكن القليل من التبصر في الكثير مما نشاهده ونسمعه خلال شهر الـ"إم بي سي" يجعلنا ننحاز للأعشى وحماره سواء أكان "وحشيا" أم من فصيلة – والكلام مجازيا- زهير رمضان وزهير عبد الكريم وإلهام شاهين وحسين الجسمي، مع خالص التقدير للمعجبين بصوت الأخير وبكم الشحوم في جسم الأخيرة.
بالأمس زرت حساب "حسين الجسمي" على موقع تويتر بغية توجيه رسالة له بأن مشاركته في إعلان شركة "زين" هو مشاركة في تزوير الحقائق، ومتاجرة بدماء الضحايا لصالح تبرئة القتلة، فبيت الطفل الحلبي عمران هدمته طائرات الأسد، ومن قتل حمزة الخطيب الطفل الحوراني ومثل بجثته هم شبيحة الأسد، وهم نفسهم من جز رقاب العشرات من أطفال الحولة وذلك قبل أن تخلق داعش في أقبية استخبارات الجهات الداعمة لشركة زين، وأن هذا الإعلان يقفز عن الدور الحقيقي للفنان ورسائله التي يفترض أن تحمل بعداً انسانياً حقيقياً.
لم يبادر "حسين الجسمي" على الأقل لتوضيح رأيه ورؤيته بل كان يكرر "تغريداته" مفاخراً و"متفنناً" بمنجزه الإنساني، ليصح فيه ما ذهب إليه "معجم المعاني" ومن قبله الأعشى بأن "الفنان: الحمارُ الوحشيُّ لتفنُّنهِ في العَدْوِ".
*حسين الزعبي - من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية