أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

آخر أيامك يا حزب الله.. فؤاد عبد العزيز*

أرشيف

أميل مع المائلين الذين يرون بأن المبالغ الهائلة التي دفعتها المملكة العربية السعودية كعقود مع الشركات الأمريكية خلال زيارة الرئيس الأمريكي ترامب، إنما ثمنها سيكون كسر رجل إيران في المنطقة وقد يصل الكسر إلى رقبتها إذا ما قررت المواجهة. 

وهو دفع يتناسب من جهة ثانية مع توجهات الرئيس الأمريكي الذي أعلن أكثر من مرة خلال حملته الانتخابية أن على دول الخليج أن تدفع إذا ما أرادت حماية أمنها. فأي وضوح أكثر من ذلك لتفسير هذه العلاقة البراغماتية بين الزبون والعميل؟!

ناهيك عن الشكل، فكلمة خادم الحرمين الشريفين في القمة الإسلامية -الأمريكية، أشارت بوضح إلى انزعاج المملكة من ممارسات إيران العدوانية ودعمها للمجموعات المتطرفة، وكذلك كلمة الرئيس ترامب لم تخلُ من الإشارة إلى إيران ودورها في إشاعة الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة وضرورة أن يتم وضع حد لهذا الدور. وهو ما يعني بأن الصفقة الأمريكية السعودية في جوهرها تهدف لكف يد إيران، وبالذات أذرعتها، عن المنطقة وبشكل كامل. 

واهم كل من يتوقع أن يكون هناك مواجهة عسكرية مباشرة بين دول الخليج وإيران، وهي مواجهة يتجنبها كلا الطرفين بكل تأكيد، وخصوصا الجانب الإيراني الآن وبعد العقود التي وقعتها المملكة مع الولايات المتحدة الأمريكية للحصول على أسلحة متطورة بقيمة 110 مليار دولار، وواهم كذلك كل من يتوقع بأن إيران سوف تدخل بمواجهة مباشرة مع الدول التي ستحارب أذرعها في المنطقة، كحزب الله وجماعة الحوثي في اليمن، فهي أقصى ما قد تفعله هو دعم هذه الأذرع، وإذا ما تعذر عليها ذلك فسوف تتركها لمصيرها، وكما كانت تفعل دائما مع حزب الله خلال مواجهاته المدمرة مع إسرائيل. 

وعلى جانب آخر، من يتابع الصراخ الذي بدأ يعلو على إعلام حزب الله والإعلام الموالي له، يدرك بأنها صرخات حقيقية ونابعة من الأعماق كذلك. 

وفي عودة للطريقة "الزعورية" التي اعتاد عليها، أعلن حزب الله بأنه لا يزال يمتلك 100 ألف صارخ، وإذا ما تعرض لأي اعتداء فسوف يقصف إسرائيل بمعدل 5 آلاف صاروخ يوميا. 

يعلم حزب الله أن هذا التهديد في المرحلة الراهنة، أصبح شيكا بلا رصيد، ويعلم جيدا أنه إذا ما حمي الوطيس، فسوف يخرج صاغرا من سوريا وبأوامر إيرانية هذه المرة والتي ستلحق به هي الأخرى صاغرة. 

باختصار لم تعد المنطقة تتسع لإيران، هذا هو عنوان المرحلة القادمة التي يجري الإعداد لها، ولعل المملكة العربية السعودية التي غامرت بدفع كل هذا المبلغ، لن ترضى بأقل من ذلك، وحتى أن الكثير من المحللين كشفوا بأن الأمر لن يستغرق زمنا طويلا، بل ستعطى الأوامر قريبا إلى إيران بأن تسحب جميع حثالاتها من المنطقة وبأسرع ما يمكن مع تفكيك القدرات العسكرية لحزب الله تحديدا، وإلا ستكون الضربة موجعة وعلى كل الصعد. 

لهذا نجد أن ردود الفعل الإيرانية على العقود العسكرية التي وقعتها المملكة مع أمريكا، لا تخلو من الصراخ هي الأخرى، وجاءت على لسان وزير الدفاع الإيراني باهتة ومملة ومكرورة، والذي أعلن حق بلاده في الاستمرار بتطوير قدراتها الصاروخية لحماية أمنها القومي، بينما ما يسمى أمين سر مجمع تشخيص مصلحة النظام، محسن رضائي فقد علق هو الآخر بأن هذه العقود سوف تشعل النيران في المنطقة. 

الشيئان الوحيدان اللذان تمسك بهما إعلام حزب الله والإعلام الموالي له ورأوا أنهما يقللان من شأن التهديدات نحوه، هو قول الرئيس الأمريكي ترامب في القمة الإسلامية للدول الخليجية: لا تنتظروا أن نحارب عنكم .. والشيء الآخر هو عدم التطرق لمصير بشار الأسد، فقد اعتبروا بلغة ساخرة، أنه بداية تنصل أمريكا من وعودها وبعد أن قبضت الثمن مباشرة، بينما من تابع خطاب الرئيس الأمريكي، يعرف أن التصريح الأول تم نزعه من سياقه، لأنه قال هذا الكلام متبوعا بتعهده بأنه سيدعم أي توجه يدفع لطرد إيران من المنطقة، وبالنسبة لبشار الأسد، فهو لم يعد بحاجة لتصريحات من أعلى المستويات لكي تحدد مصيره، بل هو تحصيل حاصل لباقي الحثالات التابعة لإيران، وبالتالي خروجها من سوريا يعني نهايته حكما. 

لا أبالغ بتفاؤلي، لكني متيقن بأن أمريكا تحترم صفقاتها التجارية وتنفذها بمنتهى الدقة والحرفية. 

*من كتاب "زمان الوصل"
(208)    هل أعجبتك المقالة (219)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي