أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ريف اللاذقية حصة من؟.. عبد السلام حاج بكري*

عناصر المقاومة في ريف اللاذقية - جيتي

معالم تقسيم سورية باتت "إلى حدّ ما" واضحة، مع الخطوط التي ترسم جنوبا وشمالا ووسطا، وتبقى منطقة الفرات والجزيرة والتي اجتمعت فيها وعليها جيوش ومصالح تتنازعها حتى استكمال الاتفاق على تقاسم الجغرافيا والسلطة.

المنطقة التي لم يحدد مصيرها حتى اللحظة، على الرغم من أهميتها الكبيرة جغرافيا وديموغرافيا هي ريف اللاذقية الذي لا يزال منضويا في إطار سورية المفيدة ومنطقة سلطة النظام الممتدة على الركن الغربي من سوريا.

سيناريوهات عديدة يجري الحديث عنها وربما الإعداد لها من قبل الأطراف متنازعة النفوذ في هذه المنطقة الحساسة، وقبل الحديث عما هو مطروح لها، سأعرض لأهمية ريف اللاذقية من زاوية لا يعرفها كثير من السوريين.

المقصود بريف اللاذقية هو ذلك الجزء المعارض من المحافظة، والذي حرّره الثوار منذ العام الثاني للثورة، وسقط تباعا بدءا من منطقة الحفة، يتجاوز عدد سكانه 150 ألف نسمة غالبيتهم من "السنةّ"، يعيش بينهم قليل من أبناء الطائفتين العلوية والمرشدية، إضافة لعدد غير قليل من المسيحيين الذين يسكنون في "كنسبا" و"القصب" والغنيمية" و"كسب".

باستثناء أبناء الطائفة العلوية، عاش هؤلاء منذ استلام البعث ومن بعده آل الأسد معاناة مضاعفة، فمن ناحية، اضطهدهم النظام معتبرا أنهم معارضون له، ومن ناحية أخرى، نظر إليهم بقية السوريين وعاملوهم كشبيحة للنظام بسبب جهل غالبيتهم بموقف هؤلاء واختلاف انتماءاتهم السياسية والطائفية والقومية عنه. 

ويتنوع سكان ريف اللاذقية قوميا ما بين عرب وكرد وتركمان وأرمن، وكل ذلك أسهم في رفع حساسيته وأهميته للجميع، إضافة لمتاخمته ومشاركته الجغرافية لمعاقل النظام في ريفي جبلي والقرداحة.

الفاعلون على الساحة السورية يفضّلون عدم الخوض الجدّي في مستقبل هذا الجزء من سوريا، وتركوا للنظام الاستيلاء عليه دون ردة فعل قوية، ولم يحشروه في جملة المقايضات، كما حصل في المناطق الأخرى، ودخله النظام بالقوة دون مقابل.

لا يبدو النظام حريصا على سكانه، فقد هجّرهم إلى ريف إدلب الغربي وتركيا، ورفض عودتهم إليه حتى أولئك الذين يسكنون في كنفه بمدينة اللاذقية، ويصبّ جلّ اهتمامه على استمرار السيطرة على المنطقة خاوية من سكانها كحزام أمان لكانتونه الطائفي الذي يخطط لإقامته في الساحل.

أما روسيا فقد اتصلت ببعض أعيان المنطقة، ودرست معهم تسليم الجبل لسلطة مدنية لا يكون فيه للنظام وعسكر المعارضة أي دور، وتوقفت اللقاءات دون التوصل لاتفاق، لكن الخيار لا يزال مطروحا، دون عجلة في الأمر. 

تركيا من جانبها تسعى لإبعاد النظام عن حدودها، وهذا يلبي في الوقت ذاته رغبتها بطرده من جبل التركمان، وهناك حديث عن نيتها تشكيل قوة تحت اسم "درع الساحل" يشبه "درع الفرات" يتولى المهمة، ولكن ذلك ولا شك يحتاج تنسيقا مع روسيا لتجنب الاصطدام بها، ورغم الانطلاق بتشكيل الدرع المذكور، إلا أن التنسيق مع روسيا لم يبدأ بعد.

وسط المعمعمة يبدو أن مصير جبل الأكراد يبقى مرهونا بالتطورات، ولكنه خارج الحسابات التركية رغم إصرار سكانه على ضرورة ربطه بجبل التركمان عند رسم الحل أو الاتفاق عليه.

وجبل الأكراد، دون سواه من بقية مناطق الريف كان استثناء فوق كل الاستثناءات، فسكانه تائهون بين أصولهم الكردية وانتمائهم العربي، النظام يعاملهم على أنهم أكراد، فتركهم مهمشين لعقود، وفي الوقت الذي ينظر إليهم أكراد الشمال والعراق على أنهم امتداد "لروج آفاتهم" إلا أنهم لم يتعاونوا معهم في معارك التحرير والدفاع ولم يقدموا لهم أي مساعدة مادية. 

وكالعادة، وفي كل رسم للحدود والخرائط يغيب السوريّ، ولا يأبه المتصارعون عند تقاسم النفوذ لرغباته وآماله، فقط تحضر مصالح الكبار وقوة السلاح والدولار.

*من كتاب "زمان الوصل"
(141)    هل أعجبتك المقالة (125)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي